الصفحة الإسلامية

مشتقات المال ولأموال في القرآن الكريم (أموالكم) (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة للحلقة السابقة جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أموالكم "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" ﴿البقرة 188﴾ أَمْوَالَكُم: أَمْوَالَ اسم، كُم ضمير، ولا يأكل بعضكم مال بعض بسبب باطل كاليمين الكاذبة، والغصب، والسرقة، والرشوة، والربا ونحو ذلك، ولا تلقوا بالحجج الباطلة إلى الحكام، لتأكلوا عن طريق التخاصم أموال طائفة من الناس بالباطل، وأنتم تعلمون تحريم ذلك عليكم. قوله عز وجل "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا" ﴿النساء 5﴾ السُّفَهاءَ: هو الذي لا يجيد التصرف في المال من النساء و الأولاد، السفهاء: المبذِّرين من الرجال والنساء والصبيان، لا تؤتوا أيها الأولياء من يُبَذِّر من الرجال والنساء والصبيان أموالهم التي تحت أيديكم فيضعوها في غير وجهها، فهذه الأموال هي التي عليها قيام حياة الناس، وأنفقوا عليهم منها واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفًا من الكلام الطيب والخلق الحسن. قوله عز من قائل "فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ" ﴿البقرة 279﴾ أَمْوَالِكُمْ: أَمْوَالِ اسم، كُمْ ضمير، فإن لم ترتدعوا عما نهاكم الله عنه فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله، وإن رجعتم إلى ربكم وتركتم أَكْلَ الربا فلكم أَخْذُ ما لكم من ديون دون زيادة، لا تَظْلمون أحدًا بأخذ ما زاد على رؤوس أموالكم، ولا يظلمكم أحد بنقص ما أقرضتم. قوله جل جلاله "لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" ﴿آل عمران 186﴾ لَتُخْتَبَرُنَّ أيها المؤمنون في أموالكم بإخراج النفقات الواجبة والمستحبَّة، وبالجوائح التي تصيبها، وفي أنفسكم بما يجب عليكم من الطاعات، وما يحلُّ بكم من جراح أو قتل وفَقْد للأحباب، وذلك حتى يتميَّز المؤمن الصادق من غيره. ولتَسمعُنَّ من اليهود والنصارى والمشركين ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والطعن في دينكم. وإن تصبروا أيها المؤمنون على ذلك كله، وتتقوا الله بلزوم طاعته واجتناب معصيته، فإن ذلك من الأمور التي يُعزم عليها، وينافس فيها.

وردت كلمة مال ومشتقاتها في القرآن الكريم: الْأَمْوَالِ، الْمَالَ، أَمْوَالَكُم، أَمْوَالِ، أَمْوَالَهُمْ، مَالَهُ، بِأَمْوَالِكُم، بِأَمْوَالِهِمْ، مَالَ، وَأَمْوَالٌ، أَمْوَالًا، وَأَمْوَالَهُم، وَأَمْوَالًا، مَالًا، أَمْوَالِنَا، بِأَمْوَالٍ، بِمَالٍ، مَالِيَهْ. ورد من اسباب ضيق الرزق: أكل أموال الآخرين "وَلَا تَأْكُلُوٓاْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ" (البقرة 188). عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم). جاء في موقع مكتبة حقوق الإنسان بجامعة منيسوتا عن البيان العالمي عن حقوق الانسان في الاسلام: حق حماية الملكية: لا يجوز انتزاع ملكية نشأت عن كسب حلال، إلا للمصلحة العامة: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" (البقرة 188)، ومع تعويض عادل لصاحبها: (من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين).

عن التبيان للشيخ الطوسي: قوله تعالى "وَ آتُوا اليَتامي‌ أَموالَهُم‌ وَ لا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيث‌َ بِالطَّيِّب‌ِ وَ لا تَأكُلُوا أَموالَهُم‌ إِلي‌ أَموالِكُم‌ إِنَّه‌ُ كان‌َ حُوباً كَبِيراً" (النساء 4) هذا‌ خطاب‌ لأوصياء اليتامي‌، أمرهم‌ اللّه‌ بأن‌ يعطوا اليتامي‌ أموالهم‌ ‌إذا‌ بلغوا الحلم‌ و أونس‌ منهم‌ الرشد، و سماهم‌ يتامي‌ ‌بعد‌ البلوغ‌، و إيناس‌ الرشد مجازاً، لأن‌ النبي‌ (ص‌) ‌قال‌: (‌لا‌ يتم‌ ‌بعد‌ احتلام‌). ‌کما‌ قالوا ‌في‌ النبي‌ (ص‌) إنه‌ يتيم‌ أبي طالب‌ ‌بعد‌ كبره‌ يعنون‌ انه‌ رباه‌. و ‌قوله‌. "وَ لا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيث‌َ بِالطَّيِّب" معناه‌: ‌لا‌ تستبدلوا ‌لما‌ حرمه‌ اللّه‌ عليكم‌ ‌من‌ أموال‌ اليتامي‌ ‌بما‌ أحله‌ اللّه‌ لكم‌ ‌من‌ أموالكم‌، و اختلفوا ‌في‌ صفة التبديل‌ ‌فقال‌ بعضهم‌ ‌کان‌ أوصياء اليتامي‌ يأخذون‌ الجيد ‌من‌ مال‌ اليتيم‌ و الرفيع‌ ‌منه‌ و يجعلون‌ مكانه‌ الردي‌ء الخسيس‌، ذهب‌ إليه‌ ابراهيم‌ النخعي‌، و السدي‌، و ‌إبن‌ المسيب‌، و الزهري‌، و الضحاك‌، و ‌قال‌ قوم‌: معناه‌ "وَ لا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيث‌َ بِالطَّيِّب‌ِ" بأن‌ تتعجلوا الحرام‌ قبل‌ ‌أن‌ يأتيكم‌ الرزق‌ الحلال‌ ‌ألذي‌ قدر لكم‌. ذهب‌ إليه‌ ‌أبو‌ صالح‌، و مجاهد. و ‌قال‌ ‌إبن‌ زيد: معناه‌ ‌ما ‌کان‌ أهل‌ الجاهلية يفعلونه‌، ‌من‌ أنهم‌ ‌لم‌ يكونوا يرزقون‌ النساء و ‌لا‌ الصغار بل‌ يأخذه‌ الكبار. و أقوي‌ الوجوه‌ الوجه‌ الأول‌، لأنه‌ ذكر عقيب‌ مال‌ اليتامي‌ و ‌إن‌ حمل‌ ‌علي‌ عموم‌ النهي‌ ‌عن‌ التبديل‌ بكل‌ مال‌ حرام‌ ‌کان‌ قوياً. و ‌قوله‌: "وَ لا تَأكُلُوا أَموالَهُم‌ إِلي‌ أَموالِكُم‌" (النساء 4) يعني‌ أموال‌ اليتامي‌ ‌مع‌ أموالكم‌ و التقدير: و ‌لا‌ تضيفوا أموالهم‌ ‌إلي‌ أموالكم‌ فتأكلوهما جميعاً، فأما خلط مال‌ اليتيم‌ بمال‌ نفسه‌ ‌إذا‌ ‌لم‌ يظلمه‌ ‌فلا‌ بأس‌ ‌به‌ بلا خلاف‌. ‌قال‌ الحسن ‌لما‌ نزلت‌ ‌هذه‌ ‌الآية‌ كرهوا مخالطة اليتامي‌، فشق‌ ‌ذلك‌ ‌عليهم‌، فشكوا ‌ذلك‌ ‌إلي‌ ‌رسول‌ اللّه‌، فانزل‌ اللّه‌ ‌تعالي‌: "وَ يَسئَلُونَك‌َ عَن‌ِ اليَتامي‌ قُل‌ إِصلاح‌ٌ لَهُم‌ خَيرٌ وَ إِن‌ تُخالِطُوهُم‌ فَإِخوانُكُم‌ وَ اللّه‌ُ يَعلَم‌ُ المُفسِدَ مِن‌َ المُصلِح‌ِ" (البقرة 220) و ‌هو‌ المروي‌ ‌عن‌ أبي جعفر و أبي ‌عبد‌ اللّه‌ (ع‌). و ‌قوله‌: "إِنَّه‌ُ كان‌َ حُوباً كَبِيراً" (النساء 4) يعني‌ ‌إن‌ أكلكم‌ أموال‌ اليتامي‌ ‌مع‌ أموالكم‌ حوب‌ كبير، ‌ أي ‌ اثم‌ كبير ‌في‌ قول‌ ‌إبن‌ عباس‌ و مجاهد. قوله تعالى "لَتُبلَوُن‌َّ فِي‌ أَموالِكُم‌ وَ أَنفُسِكُم‌ وَ لَتَسمَعُن‌َّ مِن‌َ الَّذِين‌َ أُوتُوا الكِتاب‌َ مِن‌ قَبلِكُم‌ وَ مِن‌َ الَّذِين‌َ أَشرَكُوا أَذي‌ً كَثِيراً وَ إِن‌ تَصبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِن‌َّ ذلِك‌َ مِن‌ عَزم‌ِ الأُمُور"ِ (ال عمران 186) ‌قوله‌: "لَتُبلَوُن‌َّ" معناه‌ لتختبرن‌ ‌ أي ‌ توقع‌ عليكم‌ المحن‌، و تلحقكم‌ الشدائد ‌في‌ أنفسكم‌، و أموالكم‌ ‌من‌ قبل‌ الكفار نحو ‌ما نالهم‌ ‌من‌ الشدائد ‌في‌ أنفسهم‌ يوم أحد، و نحو ‌ما ‌کان‌ اللّه‌ يفعل‌ بهم‌ ‌من‌ الفقر و شدة العسر، و انما فعله‌ ليصبروا و سماه‌ بلوي‌ مجازاً، لأن‌ حقيقته‌ ‌لا‌ تجوز ‌عليه‌ ‌تعالي‌، لأنها التجربة ‌في‌ اللغة. و يتعالي‌ اللّه‌ ‌عن‌ ‌ذلك‌، لأنه‌ عالم‌ بالأشياء قبل‌ كونها. و إنما فعله‌ ليتميز المحق‌ منكم‌ ‌من‌ غيره‌‌ ‌هذا‌ قول‌ أبي علي‌ الجبائي‌ و ‌قال‌ البلخي‌: معناه‌ لتبلون‌ بالعبادات‌ ‌في‌ أنفسكم‌ كالصلاة و الصيام‌ و غيرهما. و ‌في‌ أموالكم‌ ‌من‌ الإنفاق‌ ‌في‌ سبيل‌ اللّه‌ و الزكوات‌، ليتميز المطيع‌ ‌من‌ العاصي‌.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ" (الانفال 28). و كلمة "فتنة" تأتي في مثل هذه الموارد بمعنى وسيلة الامتحان، و الحقيقة أنّ أهم وسيلة لامتحان الإيمان و الكفر و الشخصية و فقدانها، و ميزان القيم الإنسانية للأفراد هو هذان الموضوعان (المال و الأولاد). فكيفية جمع المال و كيفية إنفاقه، و المحافظة عليه و ميزان التعلق به، كل تلك ميادين لامتحان البشر، فكم من أناس يلتزمون بظاهر العبادة و شعائر الدين، حتى المستحبات يلتزمون بشدّة في أدائها، لكنّهم إذا ما ابتلوا بقضية مالية، تراهم ينسون كل شي‌ء و يدعون الأوامر الإلهية و مسائل الحق و العدل و الإنسانية جانبا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك