الصفحة الإسلامية

اية الله العظمى المعفور السيد محمد مهدي الموسوي الخرسان يترجم حياته


صفحة من العمر من دون تزويق وأنا في نهاية الطريق 

بقلم: السيد محمد مهدي الموسوي الخرسان (ره)

مالي لا أُترجم لنفسي بقلمي أُسوة بمن ترجموا لأنفسهم من مشايخي في العلم والرواية في كتبهم بأقلامهم، فقد كتب شيخنا المغفور له صاحب الذريعة شيئاً من ترجمته في أوّل مصفى المقال وذكر مؤلفاته في الذريعة كل في مكانه حسب اسمه، وأمّا سيّدنا الاُستاذ المغفور له السيّد الخوئي فقد ترجم لنفسه في معجم رجال الحديث.

وأنا لمّا منَّ الله سبحانه عليَّ أن وفقني لطلب العلم وألهمني حبّه منذ بداية شبابي وحتّى اليوم، وها أنا قد بلغت من العمر ما صح فيَّ (زرع آن حصاده) فأسأله تعالى العفو والرضوان فأقول في ترجمتي بقلمي في سطور:

فأنا محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان:

1 ـ ولدت في النجف الأشرف في 9 رجب سنة 1347 هـ كما سمعته من المرحوم السيّد الوالد (قدس سره) وثمة تاريخ شعري في ذلك.

2 ـ ربّيت بين أبوين كريمين فجزاهما الله عني خيراً فقد أحسنا التربية على معاناة من شظف العيش، أُسوة بالآخرين من مجتمع الأُسرة والجيران، إذ لم يولد أحدهم وفي فمه ملعقة ذهب، فكان الإيمان عند الجميع أقوى من المادة.

3 ـ أدخلت الكتّاب وأنا قد تعلمت القراءة قبل ذلك عند الوالدة رحمها الله، واستدارت أيام التعليم على عدة كتاتيب بمثابة النجاح من صف إلى صف، وأخيراً في منتدى النشر وإلى جانب مناهجها كانت الدراسة الحوزوية التقليدية وسرت فيها من السطوح وحتّى الخارج.

4 ـ وإلى جانب ذلك كانت المجالس العلمية وهي بحق خير مدارس، وكان أحدها مجلس أُسرتنا الّذي رعاه المرحوم الوالد طيلة ثلاثة عشر عاماً في كل يوم عصراً، وفي كل يوم خميس صباحاً وهذا الأخير استمر أكثر من ذلك بكثير، فتعلّمت من آداب المجلس والحديث مع المشايخ، وقد ذكرت جانباً من ذلك في كتاب (ذكرياتي في حياتي) ولا ينشر لو قدر له النشر إلاّ بعد وفاتي، لما فيه من حقائق مرّة .

5 ـ بدأت علاقتي بالكتاب حين كتبت عن الصحابي الجليل ابن عباس حبر الأُمة، ولم أكن أملك كتاباً واحداً يسعفني في حاجتي سوى كتاب شرح نهج البلاغة للمعتزلي ومروج الذهب للمسعودي وبعض أجزاء البحار في مكتبة المرحوم السيّد الوالد(قدس سره)، فكان من الطبيعي أن أسعى في طلب المصادر في المكتبات العامة، وليس يومئذ منها في النجف الأشرف سوى مكتبة المرحوم المغفور له الحجة الشيخ كاشف الغطاء(قدس سره)في مدرسته، ومكتبة الحسينية الشوشترية، والاستفادة منهما برهن مجيئ الناظر ليفتح المكتبة، ولي في ذكرياتي عنها بعض الحديث.

6 ـ ومرت السنون سراعاً وقد استعرتْ الدنيا نار الحرب العالمية الثانية ثم ما بعدها من حروب وادلهمت الخطوب، وعشناها أياماً مريرة وعسيرة، خشية معتد غاشم وسطوة حاكم ظالم (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا)(2) وما أن أُطيح أخيراً بالصنم، حتّى ازداد الخطب والليل ادلهم، فرّج الله عن المؤمنين بظهور المصلح المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والممتثلين لأوامره والمستشهدين بين يديه، كما في دعاء العهد.

7 ـ لقد وُفقت لتأليف عدة كتب، كما وفّقت لتقديم عدة كتب من تآليف الآخرين، وعربّت كتاباً وبعض الفصول من كتب فارسية.

8 ـ ولي بحوث في شتى فنون المعرفة من فقه وتفسير وحديث ورجال وتاريخ وأنساب وآداب.

9 ـ لقد حاولت بقدر ما وسعني أ نّي ما أضعت عمري فيما لا ينفعني حسب نظري، فلم أدخل في السياسة مطلقاً، ولا انتميت إلى أيّ حزب مهما كان الشعار براقاً والبرقع شفّافاً ولا إلى أيّ جمعية أو مؤسسة أيضاً، إيماناً عميقاً بصحة ما في أوّل الصحيفة السجادية من قول الإمام الصادق(عليه السلام): (ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحدٌ ليدفَعَ ظلماً أو يُنعش حقاً إلاّ اصطلمته البلية وكان قيامه زيادة فى مكروهنا وشيعتنا) .

وفي التاريخ شواهد كثيرة على صحة ذلك.

10 ـ وأقمت حياتي وقومتها ـ وليس من الغرور العلمي ولا التباهي ـ لو تحدثت فقلت إنّ تجربتي في الحياة كانت ناجحة ونافعة فيما رأيت خير نهج لحياة طالب العلم أن يستقيم، معتمداً على الربّ الكريم الرحيم، وينصرف مكباً على درسه وكتابه ولا يتمنى بلوغ الغاية من دون سلوك الطريق الموصل إليها. والعلم ليس حكراً على قوم دون قوم، ولا حصراً في فئة، ولا وراثة في الحياة، يورثها الآباء إلى الأبناء، فكم من عصامي ساد العظاميين بعلمه.

11 ـ ولقد كانت تمر بي خواطر وخوالج فأفزع إلى التنفيس عن نفسي من ضغطها بنظم قد لا يكون خاضعاً لبحور العروض، ولكنه على كل حال فهو معبّر عن حالة فيها تسجيل موقف، وقد تجمّع من ذلك ما سميته ديواناً.

12 ـ ولقد أنعم الله عليَّ فهداني إلى سواء الصراط، فلم أرغب في حبّ الظهور ولا تباهيت بالغرور، ولولا أن التحدث بنعمة الله تعالى مأمور به فقال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(3) لما ذكرت كثيراً ممّا مرّ ممّا يوحي بحبّ الذات وطموح النفس، ورحم الله البوصيري إذ يقول:

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على *** حبّ الرضاع وإن تفطمه ينفطم

13 ـ ومن نعم الله تعالى علىَّ أن انصرفت إلى جانب البحث والتحقيق والتأليف، وفي ذلك تعويض خدماتي للناس عمّا يقوم به الغير في صراط تفعيل العلم في جهات أخرى، ربّما تكون المسؤولية الشرعية فيها أكبر وأخطر.

14 ـ ومن نعم الله عليَّ تمكنت من ضبط هواي من الاندفاع وراء مغريات في الحياة كثيرة اُتيحت لي فرصتها، فأعرضت عنها خشية السقوط وسوء العاقبة وسوء الحساب.

وحسبي بهذا أكتفي، وفيما أظن أ ني عرضت صفحة من العمر كما عشتها من دون تزويق وأنا في نهاية الطريق، وحسبي بما عرضت صورة صادقة فيما حسبت، ربّنا لا تؤاخذني إن نسيت أو أخطأت. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
Azad : وهناك خيانة يقترفها مسعود منذ عام ١٩٩٢ والى يومنا هذا حيث قد جعل من الإقليم مستعمرة تركية ...
الموضوع :
مسعود البرزاني : العميل رقم ٤١
عبدالغني مرشد الحميري : سقف الحرية والجهل كحكومة ودولة مسلمة الاسلام دين لها وكتاب الله مرجعا لها وسنة رسول الله عليه ...
الموضوع :
السيد الملحد البخيتي وآليته في الجدال ونقاط ضعفه ة(البهيمية Zoophilia) أنموذجًا
مواطن : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عجيب حين تخالف ارادة الانسان معتقده هو يرتجز باليقين انه ...
الموضوع :
لوحة الشمر بن ذي الجوشن ..  
رباب سالم شبيب : انا موظفة في مصنع اطارات الديوانية... خريجة دبلوم إدارة.... لي خدمة ٢٨ سنه.... بسبب قرار التسكين المجحف ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
هاني موسى : الاقليم الموردين يئوي المعارضين والمجرمين العراقيين كذلك ...
الموضوع :
مصلحة من يأوي الإقليم معارضي ايران وتركيا؟
منير حجازي : السلام عليكم . اتمنى من الحرس الثوري الإسلاميةالإيراني عدم تسليم الخاطفين المقبوض عليهم إلى الجهات الأمنية العراقية ...
الموضوع :
بينهم عراقيون.. إيران تعلن تحرير "رهائن" واعتقال الخاطفين
احمد محمد الصاوي : شكرا لكم ...
الموضوع :
اشارات قرآنية عن معارف الصحيفة السجادية للمؤلف الحسون (ح 1)
Salam Albader : لا تسلمون لحيه العراق للبنك الدولي كما فعلت مصر، البنك الدولي له اطماع خاصه بالدول الاستعماريه والمنظمات ...
الموضوع :
المالية تناقش مع البنك الدولي اولويات التنمية ودعم البرنامج الحكومي
سالم البدر : تحياتي د. جواد الهنداوي نعم كلامك حقيقي، الاصل ليس ان العراق لايملك المقومات او المشاريع العملاقه المزعمه ...
الموضوع :
مالذي يمنع العراق من الانضمام الى منظمة شنغهاي و منظمة بريكس؟!
فيسبوك