الصفحة الإسلامية

المرجع السيد أبو القاسم الخوئي و شهر رمضان والصيام (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة 183) جاء في موقع سماحة العلامة السيد منير الخباز في تفسير سورة الفاتحة: كفارة الصّوم تجب بتعمّد شيءٍ من المفطرات، إذا كان الصّوم ممّا تجب فيه الكفارة مثل صوم شهر رمضان، مثل صوم القضاء بعد الزّوال، قضاء شهر رمضان بعد الزّوال يصير كشهر رمضان، مثل الصّوم المنذور المعيّن، تعمّد شيءٍ من المفطرات - يعني مَنْ أكَلَ أو شَرِبَ متعمّدًا - في نهار رمضان أو في قضاء رمضان بعد الزّوال أو في الصّوم المنذور المعيّن كما لو نذر صوم يوم معيّن كيوم الغدير أو يوم الجمعة وتناول فيه شيئًا من المفطر عمدًا فإنّ عليه الكفارة، طبعًا هنا السّيّد السّيستاني يختلف عن السّيّد الخوئي، السّيّد الخوئي يقول: تعمّد شيْءٍ من المفطرات، يعني: أيّ مفطرٍ تتعمده عليك فيه الكفارة، السّيّد السّيستاني يقول: لا، فقط أربعة: أكل، شرب، الجماع، والاستمناء، الأكل والشّرب واحد، الجماع اثنين، الاستمناء ثلاثة، البقاء على الجنابة من الليل إلى طلوع الفجر، هذه الأربعة إذا تعمّدها يكون عليه الكفارة، وأمّا ما سواها فلا دليل على ثبوت الكفارة عليه، مثلاً: لو أدخل الغبارَ الغليظ إلى جوفه عمدًا لا تثبت عليه الكفارة، أو تعمدّ القيء، تقيّأ عمدًا، صومه باطلٌ أمّا ثبوت الكفارة عليه غير معلوم، ثبوت الكفارة فقط في أربعةٍ من المفطرات، السّيّد الخوئي يقول: لا، جميع المفطرات إذا أفطر متعمّدًا عليه الكفارة.

عن موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: قال سبحانه‌ "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ اَلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" (البقرة 185) ثمّ‌ قال تعالى‌ "َمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى‌ََ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيََّامٍ أُخَر" (البقرة 185) ثمّ عقّبه بقوله عزّ من قائل: "وَ عَلَى اَلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ" (البقرة 184)، فيظهر من التأمّل في مجموع هذه الآيات أنّه سبحانه قسّم المكلفين على طوائف ثلاث لكلٍّ حكمٌ يخصّها. فذكر أوّلاً وجوب الصوم على من شهد الشهر وهو الحاضر في البلد فهو مأمور بالصيام، ولا شكّ أنّ الأمر ظاهر في الوجوب التعييني. ثمّ أشار تعالى إلى الطائفة الثانية بقوله‌ "فَمَنْ كََانَ"، فبيّن سبحانه أنّ المريض والمسافر، مأمور بالصيام في عدّة أيّامٍ أُخر أي بالقضاء وظاهره ولا سيّما بمقتضى المقابلة تعيّن القضاء، فلا يشرع منهما الصوم فعلاً. و أخيراً أشار إلى الطائفة الثالثة بقوله‌ "وَ عَلَى اَلَّذِينَ"، وهم الشيخ والشيخة ونحوهما ممّن لا يطيق الصوم إلّا بمشقّة عظيمة وحرج شديد، وأنّ وظيفتهم شي‌ء آخر لا الصيام ولا القضاء، بل هي الفدية. ثمّ أشار بعد ذلك إلى أنّ هذه التكاليف إنّما هي لمصلحة المكلّف نفسه ولا يعود نفعها إليه سبحانه، فقال‌ "وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ" أي تصوموا على النهج الذي شُرِّع في حقّكم من الصيام في الحضر والقضاء في السفر. فالمتحصّل من الآية المباركة: عدم مشروعيّة الصوم من المسافر كما أنّها لا تشرع من المريض وأنّ المتعيّن في حقّهما القضاء، فهي وافية بإثبات المطلوب من غير حاجة إلى الروايات كما ذكرناه، وعلى أنّها كثيرة ومتواترة كما عرفت، وهي طوائف: فمنها: ما وردت في مطلق الصوم، مثل قوله عليه السلام: (ليس من البرّ الصيام في السفر) كما في مرسلة الصدوق‌. ومنها: ما ورد في خصوص شهر رمضان، مثل قوله(عليه السلام)في رواية يحيى بن أبي سعيد: (الصائم في السفر في شهر رمضان كالمفطر فيه في الحضر). و بعضها في خصوص القضاء وأنّه ليس للمسافر أن يقضي إلّا أن ينوي عشرة أيّام، وجملة منها في النذر، وأُخرى في الكفّارة، فلا إشكال في المسألة. و لكن نُسِب إلى المفيد الخلاف تارةً في خصوص صوم الكفّارة، وأُخرى في مطلق الصوم الواجب ما عدا رمضان، وأنّه جوز الإتيان به في السفر. و لم يُعرف له أيّ مستند على تقدير صدق النسبة، إلّا على وجهٍ بعيدٌ غايته بأن يقال: إنّه قدس سره غفل عن الروايات الواردة في المقام، وقصر نظره الشريف على ملاحظة الآية الكريمة التي موردها شهر رمضان فلا يتعدّى إلى غيره في المنع. و هو كما ترى مناف لجلالته وعظمته، فإنّه كيف لم يلتفت إلى هاتيك الأخبار المتكاثرة البالغة حدّ التواتر كما سمعت؟ و بالجملة: فلم يُعرف لما نُسِب إليه وجهٌ صحيح ولا غير صحيح، ولا يبعد عدم تماميّة النسبة. فإنّ موضوع الإفطار هو السفر الموجب للتقصير، للملازمة بين الأمرين، كما دلّ عليها قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن وهب: (إذا قصّرت‌ أفطرت، وإذا أفطرت قصّرت). و نحوها موثّقة سماعة: (ليس يفترق التقصير عن الإفطار، فمن قصّر فليفطر). لدى العجز عنه بلا خلاف فيه ولا إشكال على ما نطقت به النصوص وقبلها الكتاب العزيز: قال تعالى‌ "َمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلاََثَةِ أَيََّامٍ فِي اَلْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذََا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كََامِلَةٌ" (البقرة 196) فيشرع صوم الثلاثة أيّام في سفر الحجّ على تفصيل مذكور في محلّه من حيث الإتيان به قبل العيد أو بعده وغير ذلك ممّا يتعلّق بالمسألة، وبذلك يخرج عن عموم منع الصوم في السفر، وقد دلّت على ذلك من الأخبار صحيحة معاوية بن عمّار وموثّقة سماعة وغيرهما، لاحظ الباب السادس والأربعين من أبواب الذبح من كتاب الوسائل. حيث إنّ الوقوف بعرفات لمّا كان واجباً إلى الغروب فلو أفاض قبله عامداً كانت عليه كفّارة بدنة، فإن عجز عنها صام ثمانية عشر يوماً مخيّراً بين الإتيان به في سفر الحجّ أو بعد الرجوع إلى أهله، على المشهور في ذلك، كما دلّت عليه صحيحة ضريس الكناني عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس(قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكّة، أو في الطريق، أو في أهله).

جاء في كتاب الصوم للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: قيام السيرة القطعية من المتشرعة على الاجناب الاختياري في ليالي رمضان مع العلم بوجوب الصوم عليهم حتى مع عدم التمكن من الاغتسال لفقد الماء أو لمرض جلدي وغيره مما يضره استعماله ولا يتركون المضاجعة من أجل ذلك لعدم احتمال التخصيص في دليل حلية الرفث بالاضافة إليهم، بل يجنبون أنفسهم اختيارا ويتيممون ويصومون ويحكم بصحة صومهم قطعا، المقام الثاني: بعد الفراع عن مشروعية التيمم للصوم كما عرفت. فهل يختص بمن كان فاقدا أو عاجزا عن الاستعمال بطبعه أو انه يعم موارد التعجيز الاختياري أيضا كمن أجنب نفسه عمدا في وقت لا يسع الغسل أو انه كان جنبا فاخر الغسل عامدا إلى ان ضاق الوقت عنه فهل يسوغ التيمم عندئذ ويكون مشروعا في حقه أو لا؟ الظاهر عدم المشروعية لقصور المقتضي، فان المستفاد من قوله تعالى: " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (المائدة 6) بحسب الفهم العرفي هو عدم الوجدان بالطبع، لا ان يجعل الانسان نفسه غير واجد بان يريق الماء أو يجنب نفسه كما في المقام. نعم في خصوص باب الصلاة التزمنا بالمشروعية وجعلنا ضيق الوقت وان استند إلى العمد من المسوغات لقيام الدليل الخارجي عليه وهو ما استفيد من صحيحة زرارة الواردة في المستحاضة من ان الصلاة لا تترك بحال، وكما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس إلى طلوع الفجر فإذا طهرت منهما قبل الفجر وجب عليها الاغتسال أو التيمم ومع تركهما عمدا يبطل صومها. وبما انها مشروطة بالطهارة، والتراب أحد الطهورين، والمفروض العجز عن الآخر، فلا محالة تستكشف المشروعية عندئذ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك