الصفحة الإسلامية

عصمة الأنبياء قبل وبعد بعثتهم والقرآن الكريم (ح 3)


الدكتور فاضل حسن شريف

ان الصدق اما ان يكون ظاهريا وهو المعروف عند عامة الناس او باطنيا وهو الذي تشير اليه الاية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة 119). فالصدق ظاهريا وباطنيا هو في الحقيقة المقصود بالعصمة ومنها صدق الانبياء والائمة فقولهم يطابق فعلهم وفعلهم يطابق عقيدتهم وبالتالي تخرج عقيدتهم صافية بدون شائبة وخالية من الاخطاء. فالنبي أو الامام المعصوم لا يصدر منه ظلم لانه صادق العقيدة كما قال الله سبحانه وتعالى "إِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة 124). و المتقي الصادق يتصف بالبر الذي ليس هو فقط ان يصلي باتجاه القبلة بل تطبق بحقه الاية الكريمة "لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" (البقرة 177). وحتى يتصف الانسان بالعصمة فعليه ان يتعلم ويستخدم عقله للاستفادة من العلم. فالله علم انبيائه واوليائه وجعلهم يستخدمون هذا العلم في عصمة عقيدتهم وهذه تؤكده عدد من الايات. فالنبي او الامام لديه علم بان هذا الشئ او ذاك فيه معصية فلا يفعله كانسان بفطرته لان عقله سليم وليس فيه انحراف عكس الانسان العادي الذي قد تخونه فطرته احيانا اما بدون علمه او عقله يسير باتجاه هوى النفس. والانسان يعرف نفسه "بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ" (القيامة 14).

جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم ‌السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: عصمة الأنبياء، بمعنى أنّ الله تعالى عصم أو منع أنبياءه من الخطأ والمعصية، والعصمة بمعنى: صيانة النفس من الذنب ومن أي قبيح، وصونهم عن الخطأ في تلقّي الوحي وتحمله وأدائه. وهي من الثوابت التي تشترك فيها جميع الشرائع السماوية. وبالطبع تختلف الآراء حول ماهية العصمة ومراتبها. اتفق علماء المسلمين على أن الأنبياء جميعهم معصومون عن الشرك والكفر، ولا يرتكبون الخطأ والمعصية في تلقّي الوحي وتحمّله وأدائه، واختلفوا في عصمتهم عن الخطايا في شؤونهم اليومية. لم يتم التصريح بعصمة الأنبياء في القرآن الكريم، لكنّ المفسرين بحثوا موضوع العصمة في بعض الآيات القرآنية كآية 36 من سورة البقرة والتي تقصّ لنا كيفية خروج آدم وحواء من الجنة. فالمتكلّمون المسلمون أقاموا أدلّة عقلية في إثبات عصمة الأنبياء. واستندوا على ذلك بآيات قرآنية منها الآية 7 من سورة الحشر "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". والمنكرون لعصمة الأنبياء استندوا على جملة من الآيات التي تنفي عصمة الجميع أو البعض منهم. وفي جوابهم قالوا إنّ الآيات التي استندتم إليها من المتشابهات ويجب عرضها على الآيات المحكمات لأنها بحاجة إلى التأويل والتفسير. والآيات التي لا تتوافق مع العصمة، تُحمل على أنها من باب ترك الأولى وهذا يختلف عن المعنى المتعارف للخطأ والخطيئة.

عن هوية التشيع للشيخ الدكتور احمد الوائلي: موضوع العصمة موضوع مهم في الفكر الشيعي خاصة والإسلامي عامة. فالعصمة لغة هي المنع ومنه قوله تعالى: "سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ" (هود 43). أما في الاصطلاح الكلامي فالعصمة: لطف يفعله الله تعالى بالمكلف لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك . وواضح من هذا التعريف أن العصمة لا إلجاء فيها وإنما هي مجدد مدد من الله تعالى واستعداد من العبد، فهي أشبه شئ بأستاذ يقبل على تلميذه لأنه وجد عند التلميذ استعدادا أكثر من غيره لتلقي العلم. وقد أجمعت الأمة الإسلامية على عصمة الأنبياء عن تعمد الكذب فيما يبلغونه عن الله تعالى واختلفوا بعد ذلك في صدور ما ينافي العصمة منهم على سبيل السهو أو النسيان سواء كانت أدلتهم في ذلك سمعية أو عقلية، على صدور أو عدم صدور ما ينافي العصمة ذهب بعض أئمة السنة إلى جواز وقوع كل ذنب منهم صغيرا كان أو كبيرا حتى الكفر وبوسع القارئ الرجوع إلى آراء الباقلاني والرازي والغزالي مفصلا في نظرية الإمامة بينما البعض الآخر فصل في ذلك ولم بصل إلى هذا الحد في تجريدهم من العصمة. أما الشيعة فقد ذهبوا إلى عصمة الأنبياء مطلقا قبل البعثة وبعدها وقد ساقوا لذلك أدلة كثيرة. وقد تعرض الفخر الرازي في كتابه عصمة الأنبياء وكذلك الشيخ المجلسي في البحار مفصلا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك