الصفحة الإسلامية

دمعتان لـ (أوحدية العشق)

1582 2021-04-23

 

د. نعمه العبادي ||

 

حين يكون المرثي أكبر من التاريخ يغدو الحديث عن سرديات الوقائع سباحة في المياه الضحلة عند شاطئ منسي من محيط لا متناهي.

حملت عشقها هوية، وكانت تطوف به إنتظاراً، تراقب في كل ليلة وجه السماء ملتمسة نجمها المتفرد، عارضة عن ألف صوت وصوت يضعون بين أيديها بضاعتهم الخائبة.

في كل يوم تجلس على صخرتها بجوار بحيرة الوله وهي تندب: (محمد.. محمد.. محمد.. أينك يا محمد)..

تورط الزيف في كذبة كبيرة، أراد لها أن تستر عورته القبيحة، فجعلها كبيرة مسنة، تزوجت مرة أو مرتين، وولدت أبنتين، ولتكتمل سردية الزيف، تم اختراع احاديث من مثل: (لماذا تذكرها عجوز، فقد أبدلك الله خيراً منها)، لتصحح بكلمة عجوز ونظائرها سردية الزيف التي أصرت على حجب صورتها المتألقة عن عيون العامة، وتصعد على اكتاف شرفها العظيم لنيل مراتب غير مستحقة.

نعم، أنها خديجة نقية الثوب، الطاهرة المطهرة التي كانت من عمر رسول الله ومن اترابه، والتي حملت عشق محمد في قلبها هوية وجود، وكانت تطوف به، تبحث في الوجوه حتى شاء الله ان ينجمعا في لحظة لم تستطع ملائكة السماء ادراك كنه طعمها جراء ما وصل من عبق إلهي عم الكون بأسره.

وحيدة هي الخديجة بمحمدها وبفاطمتها وبعشقها وبسيرتها ومكانتها وحزنها وكل شيء يتصل بها، فقد كانت في حياتها فرحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي يتجاوز بها كل محن الدنيا التي عبر عنها بقوله المتوجع: (ما أوذي نبي مثلما أوذيت)، وبعد مماتها، كانت الذكرى التي تمس كل وجع في روحه، والقضية التي يجد الوفاء لها أعلى درجات نبل الرسالة، لذلك كان يديم العطاء والوصل على كل عطاء ووصل سبق لخديجة وفاءً لها، ونحو من العشق بطريقة خاصة.

خديجة أكبر من مساندة، وأعظم من شاهدة، وأخلص من ملبية، وأهم من زوجة، فهي رئة الاسلام التي كان محمداً صلى الله عليه وآله وسلم يتنفس بها.

رحلت خديجة عن دنيا محمد، ومعها أبو طالب، فكاد الأفق يطبق على نوافذ النور لولا وهج الايمان وعطر علي وفاطمة في الوجود.

كلما قرأت هذه الرواية، وجدت كلي يصرخ بصوت مفجوع، يخاطب هذه الأوحدية واخديجتاه، فقد جاء في المنتقى : ان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم عند ما اُمِرَ بأن يصدع بالرسالة صعد على الصفا، وأخبر الناس بما أمره اللّه به فرماه أبو جهل قبحه اللّه بحجر فشجّ بين عينيه، وتبعه المشركون بالحجارة فهرب حتّى أتى الجبل، فسمع عليّ و خديجةٌ بذلك فراحا يلتمسانه صلى الله عليه وآله وسلم وهو جائع عطشان مرهق، ومضت خديجة تبحث عنه في كل مكان في الوادي وهي تناديه بحرقة وألم، وتبكي وتنحب، فنظر جبرئيل إلى خديجة تجول في الوادي فقال : يا رسول اللّه الا ترى إلى خديجة فقد أبكت لبكائها ملائكة السماء؟ اُدعُها اليك فاقرأها مني السلام وقل لها : إن اللّه يقرئك السلامَ، ويبشّرها أن لها في الجنةِ بيتاً من قصب لا نصَبَ فيه ولا صخَب فدعاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والدماء تسيلُ من وجههِ على الارض وهو يمسحها ويردّها، وبقي رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلي وخديجة هناك حتّى جَنَّ الليلُ فانْصرفوا جميعاً ودخلت به خديجةُ منزلها، فأقعدَتْه على الموضع الّذي فيه الصخرة واظلّته بصخرة من فوق رأسه، وقامت في وجهِه تستره ببُردها وأقبلَ المشركون يرمونه بالحجارة، فاذا جاءتْ من فوق رأسه صخرة وقته الصخرة، وإذا رمَوْهُ مِن تحته وقتْهُ الجدرانُ الحُيّط، وإذا رُميَ من بين يديه وقتْهُ خديجة رضي اللّه عنها بنفسها، وجعَلتْ تنادي يا معشر قريش ترمى الحُرّةُ في منزلها ؟ فلَمّا سمِعوا ذلك انصرفُوا عنه، وأصبَحَ رسولُ اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، وغدا إلى المسجد يُصلّي.

اللهم أرزقنا معرفة خديجة وحب خديجة وبركة مقام خديجة عندك وعند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك