* تتردد كلمة ثأر الامام الحسين عليه السلام في نصوص عديدة وجاءت هذه النصوص تارةً بلسان المعصوم صلوات الله عليه وهو الذي ينادي بنداء "اين الطالب بذحول الانبياء وأبناء الأنبياء اين الطالب بدم المقتول بكربلاء"، واخرى يضع هذا الامر على السنتنا حينما يدعونا الى ان نطلب ثأر الامام الحسين صلوات الله عليه مع الامام المنصور من اهل بيت محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين، وهذا الذي يوضع على السنتنا يوضع تارةً بعنوانه دعاء وطلب بقوله "وقتلاً في سبيلك مع وليك فوفق لنا"، واخرى يوضع بعنوانه حقيقة يجب ان نطلبها ونذهب اليها، كل ذلك يحصل بطرق متعددة يمكن ان تكون مستوعبة للعام كله، صحيح ان زيارة عاشوراء تطفح بهذه اللهجة لكن الصحيح الاخر اننا دُعينا الى ان نقرأ هذه الزيارة في كل يوم بل ما يُعرف عن الكثير من العلماء والكثير من الخاصة انهم كانوا يتخذون من زيارة عاشوراء ورداً لهم، فضلاً عن دعاء الندبة ودعاء الافتتاح الذي يطرح هذه القضية، والتساؤل هنا: هذا الثأر للإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ثأر ممن؟ ومتى يحصل هذا الثأر؟ ولماذا يتم التركيز على هذه القضية من جملة مفردات قليلة ولا يتم التركيز على مفردات كثيرة لم يُعتنى بها كما اعتُني بهذه القضية؟ ربما في المجال الشعبي او في تراثنا الاجتماعي ما نراه على قبّة الامام الحسين عليه السلام من راية حمراء طوال السنة تذكرنا بنفس هذه القضية وهذا الاحمرار يستفزنا بان هناك دم لم يُطلب بعد ولم يُثأر اليه، مسألة الثأر مسالة مرتكزة في اذهان الكثير من المجتمعات لكن بعنوانها اقتصاصٌ لصالح العدالة من المجرم او من الظالم وهي امر مطلوب عند عامة العقلاء في كل المجتمعات وفي كل الحضارات البشرية، صحيح ان هناك بعض من الأنظمة القانونية الحالية ربما تدفع باتجاه عدم الاقتصاص بهذه الطريقة لكن الصحيح الاخر هو ان غالبية الامم تقف الى جانب معاقبة الظالم وانه يجب ان ينال جزاءه ويُقتص منه، اذن مسألة الثأر للإمام الحسين عليه السلام تارة تُطلق في ايامٍ وفي ظرفٍ قريبٍ من ايام قَتَلَة الامام الحسين عليه السلام وهنا طريقة الثأر تُفهم بطريقتها الطبيعية بان هناك ثمة من قُتِل والقاتل لما يزل موجوداً لذلك بشكل تلقائي الدعوة للثأر دعوة مفهومة، اما قاتل ولّى منذ أربعة عشر قرن ومقتول حصل قتله منذ تلك الفترة فلماذا يُنادى ويؤكد في كل سنة ان هناك حقاً لم يؤخذ بعد؟ ولماذا هذا الاصرار ومن هو المقصود بالثأر هنا؟ فالأشخاص والقتلة المباشرين واولادهم لم يعد لهم وجود والقران الكريم يتحدث بمنطق "ولا تزر وازرة وزر أخرى" اذن ماذا يقصد بهذا الاقتصاص لدم المقتول بكربلاء وما هو المراد به؟ ولماذا في يوم عاشوراء نحن ننادي بأن يرزقنا الله سبحانه وتعالى توفيق وكرامة الطلب بثأره وأخذ وتره ويوضع هذا الثأر في واجهة الكثير من الاحداث التي مرت في اوضاعنا التاريخية؟ ونلاحظ ان شعار يالثارات الحسين مبدأ اساسي تحركت به الكثير من الثورات والكثير من الحركات المناهضة للأنظمة واصبح سمة من سمات الشيعة الذين يطلبون بثأر الامام الحسين عليه السلام، بالطبع ان العدو المناصب والمخالف لأهل البيت والى شيعته استغل هذه القضية لأجل ايجاد حالة من الكراهية للشيعة لانهم يريدون ان يقتصّوا من المخالفين بعنوانهم مخالفين، بافتراض ان الشيعي يعتبر قتل السني من الواجب والدليل الذي يوهمون الناس به هو شعار يالثارات الحسين، وهذه مغالطة لا نستغربها من هؤلاء بأنهم يحاولون تزييف وجهة الحدث، لكن الملاحظ في النصوص انها دوماً قرنت ما بين الدعوة الى الثأر وما بين الامام الثائر بمعنى هناك ثأر وهناك امام يأخذ بهذا الثأر، اذن عملية الثأر نفسها مقننة ضمن نظام الإمامة وضمن واجبات الامامة وهي التي تُدير هذه العملية وهي التي تطلب هذا الثائر، ولذلك نحن نتحدث اللهم ارزقني طلب ثأركم مع امام منصور ولم تأتي بعنوان اللهم ارزقني طلب ثائري بدون هذه الضميمة، هذه الضميمة التي تُشعر بان هذه القضية ترتبط بالإمام الثائر.
* المسالة اولاً ما هو هذا الثأر وممن نثأر؟ والثاني هو كيفية التعلم على هذا الثأر وكيفية تجسيد مسالة ثأر الامام الحسين عليه السلام في واقعنا كمنتظرين؟ ما من شك ان الذي قتلوا الامام الحسين عليه السلام ليسوا هم الافراد الذين جابوا صحراء كربلاء في ذلك الوقت فهؤلاء هم ادوات مباشرة لأجندة هي التي اسست لقتل الامام الحسين عليه السلام، وادوات لأجندة حرّكت كل الضغائن وكل الاحقاد ضد مدرسة اهل البيت صلوات الله عليهم بالنتيجة قُتِل الامام الحسين عليه السلام نتيجة لهذه الضغائن والاحقاد التي زرعتها عقائد واخلاقيات وافكار ودعوات مباشرة باتجاه تربية هذا الحقد، بحيث شاهدنا الحقد الذي صُبّ في كربلاء وكأنه خلاصة احقاد التاريخ البشري المتقدم والمتأخر على الحدث ولو اخذنا اي منظر او صفحة من صفحات عاشوراء وقسناها على طبيعة الحقد البشري نلاحظ ان هناك نموذج عالي المستوى من الحقد ما تُرجِم الا في كربلاء، والا كيف نرى صورة عبد الله الرضيع صلوات الله عليه في المشهد في معركة بين جانبين وجيء بطفل رضيع لا يمكن ان يغير في موازين المعركة اي شيء وما طُلِب هو قطرات من الماء مع ذلك هذا الحقد لم يسمح لهذا الطفل الرضيع بالبقاء في الحياة، هذا النمط حينما نحلله او المدارس النفسية حينما تريد ان تحلل هذه القضية لا تصل الى نتيجة في طبيعة رذالة النفس البشرية والى اي مدى يمكن ان تصل ولأي قسوة يمكن ان تصل وهذا الحقد انما جيء به نتيجة هذه المدرسة، اذن الثأر ليس ثأر من الأشخاص لان الأشخاص ذهبوا، اما الثأر من المبادئ التي اسست لقتل الامام الحسين عليه السلام هذا اصل من اصول كربلاء لأن دعوة الامام الحسين عليه السلام كانت تتمثل بطلب الاصلاح في امة جده صلوات الله وسلامه عليه وآله، والذي جرى لامة جده هي كل الصور التي عملت على ايذاء رسول الله في حياته وعملت على الغدر بدينه من بعده، لذلك اين الطالب بدم المقتول بكربلاء لا يطلب دماً وانما يطلب مبادئ قتلت واسست لهذه الجريمة وجعلت المقتول بمثابة ضمير الامة وبمثابة رمز الامة وكل الامة تنادي بالثأر لهذا الرمز من الذي اسس لعملية القتل المباشرة، لكن حينما يقال للمنتظرين ادعوا بهذا الدعاء والقصة اصبحت قصة مبادئ وقيم ومعايير فكيف ستكون واجبات المنتظر الأولى؟ هل يُعقل ان يحمل من هذه المبادئ التي قتلت الامام الحسين عليه السلام ولا ينحاز ضدها؟ او ينظر الى هذه المبادئ ولا يتبرأ منها او يحمل من هذه المبادئ في نفسه ولا يبالي بهذه النفس وبتربيتها؟ عندئذ الكلام عن الثأر لن يكون له معنى، لان الثأر هو عملية استئصال وبالنتيجة اذا كانت القضية قضية مبادئ فالواجب الاول على المنتظِر هو البراءة من اي مدرسة تحمل هذه المبادئ، ومن هنا لا نستغرب ان تأتي زيارة عاشوراء في الايام التي يعتمل الحزن والغضب على الامام الحسين عليه السلام ويكون على اشده تأتي هذه الزيارة لتثري هذا الغضب ولتثري هذه الروح التي تريد الثأر، واللعن يتردد كثيراً في داخل هذه الزيارة فضلا عن اللعن المئوي المثبت بعنوانه احد اصول هذه الزيارة وهذا اللعن يُفترض ان يؤدي الى اخلاقيات البراءة من هذه المدرسة التي عملت علي قتل الامام الحسين عليه السلام، لم يكتفي المُشرِّع المعصوم في هذا المجال بهذه الحدود وانما دفع باتجاه اعلان البراءة المباشر في قوله بريء ممن تبرئتم منه وعدو لمن عاداكم ومبغض لمن ابغضكم، حينما نقرأ هذه المفردات نلاحظ ان هناك فرز قاسي وشديد وسريع ايضاً عن مجتمع وافكار عملت بالاتجاه الاخر، وسبق ان اشرنا الى ان عملية الفرز هي نفسها عملية بناء بمعنى اننا حينما نفرز انفسنا عن منطقة معينة فذلك يعني باننا منتمين الى منطقة أخرى، هنا هذه النصوص حينما دفعت باتجاه البراءة لا شك ولاريب انها لا تريد منا التبرؤ اللفظي وانما هذا التبرؤ يبتدئ باللغة القلبية والمشاعرية ولكن يتحول مع الايام الى قصة اجتماعية وإن اقتضى الامر الى القتال بناءً على مقتضيات هذه البراءة، والذي جرى مع داعش حينما نريد ان ننظر اليه من خلال هذا المجال سنلاحظ ان تطبيق المجاهد لثأر الامام الحسين عليه السلام جاء عبر هذه القضية لأنه متبرئ من هؤلاء وليس لديه مجال ان يقف امامهم موقف المُصالح او موقف الذي يمكن ان يتوافق في مرحلة من المراحل مثلما تحدث القران الكريم عن لهجة الكفر في سورة الكافرين، لو حولنا هذا المنطق الى قضية الامام الحسين عليه السلام سنجد نفس المدلول الاجتماعي باننا لسنا من هؤلاء ولا يمكن ان نكون منهم لان الدعوة هي بحدود قول اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت وكلمة تابعت مستمرة الى ابد الدهر وكل من يتابع هؤلاء القتلة هو في صنف المُتبرئ منهم، لذلك لو وجدنا قسم من اخلاقيات هذا المجتمع الذي يُفترض ان نتبرأ منه موجودة في داخلنا علينا اولاً بشكل طبيعي ان ننقي انفسنا من هذه القضايا ثم نعد انفسنا في حال اننا اصطدمنا بهذا الوضع نكون في موضع البراءة.
* لماذا دُعينا الى هذه المسالة في وقت الامام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه؟ لو نظرنا الى موضوع مسلم ابن عقيل صلوات الله وسلامه عليه نكتشف ان الامة التي والت ولكنها لم تتبرأ هي التي غدرت، لأنها لم تأخذ بأخلاقيات البراءة ولم تأخذ بأخلاقيات الفرز المضاد فدخلت اليها عوامل متعددة جعلتها تقبل العيش مع المجتمع الذي يُفترض ان تتبرأ منه، بمعنى انه من بايعوا مسلم بن عقيل في ذلك الوقت لو نظروا الى عبيد الله بن زياد عليه لعائن الله بنفس هذا المنظار منظار البراءة لما تحدّثوا بمنطق مالنا والسلاطين وانما سيجدون انفسهم مسؤولون ومكلفون ان يقاتلوا عبيد الله ابن زياد مباشرة في حالة وجود مسلم بن عقيل او في حالة عدم وجوده التكليف هو القتال لمثل هؤلاء فكيف سيكون الامر لو ان الامام الحاضر هو الذي يدعو الى القتال؟ لذلك في قصة مسلم بن عقيل كان لديهم ولاء ولكن حينما حان الحين وجاء وقت تجسد اخلاقيات البراءة لم يجدوا تجسيد لأخلاقيات البراءة تلك في داخلهم، لذلك غدروا ولم يهمهم حتى قيمهم واعارفهم الاجتماعية التي تقتضي حماية الغريب حتى وإن أدى ذلك الى القتل وهي اعراف العرب وما زالت لغاية يومنا هذا، لكن الذي رأيناه ان مسلم ابن عقيل صلوات الله عليه يطرق الابواب ولا يقبلون به حتى كانت قصة طوعة قصة غريبة جداً ضمن النسق الاجتماعي الا انها ما التزمت الا بأخلاقيات الولاء بالطريقة الصحيحة واضافت اليها من اخلاقيات البراءة ولم تتخلى عن مسلم ابن عقيل، اما ماذا لو حدث في زمن الامام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه بأن يفعل المجتمع فعلته كما حدث مع مسلم بن عقيل هل ستتحمل الأوضاع؟ وهل ممكن ان يتكرر الدرس؟ من حيث الاوضاع الاجتماعية ممكن لكن من حيث التربية والتركيز على هذه التربية بامتداد الاجيال اصبحت قصة التخلي صعبة وعسيرة جداً، يمكن للإنسان ان ينحرف لكن ان يُسمى بانه تخلى عن هذا المبدأ من الصعب ذلك، نعم ينحرف بأن يقول ليس هذا هو الامام المنصور ويُشَبِّه على الناس وعلى نفسه ان مَنْ يقاتله ليس هو المعني بالرواية وقد يذهب للقتال وهو يقرأ زيارة عاشوراء، لكن لو قيل له ان هذا المجتمع هو الذي لُعِنَ في زيارة عاشوراء لا يتردد في ان يتبرأ من هؤلاء لأنه طوال مئات السنين تربّى الشيعة على هذه القضية واثّرت هذه القضية في ان يُحصَّنون اجتماعياً، وحصلت الكثير من الحروب على الشيعة وعلى شعائر الامام الحسين عليه السلام ولم يتخلوا عنها فما هو هذا السر الموجود؟ هل السر هو الجنة والثواب فقط؟ قطعاً السر ليس هو الجنة والثواب فقط، والقصة المتعلقة بالإمام الحسين عليه السلام أكبر من مسألة الجنة والثواب لأنه ممكن الحصول على الثواب بالزيارة عن بعد مثلاً فلماذا المشي من البصرة الى كربلاء مع تحمل المعاناة والمصاعب والمشاق بهذا المستوى؟ هذه القضية لا تُفسِّر قضية الثواب فقط وانما توجد إضافة وهي تتعلق باننا مجتمع نؤدي مهمة احياء امر الامام الحسين عليه السلام والذي يتمثل بالثأر له عليه السلام، كل هذا السرد لقصص الامام الحسين عليه السلام وكل هذه الشعائر التي تطبق على الافاق في كل العالم وبوتائر متزايدة حتى ان بعض الحمقى يُبدي ضجره من هذه الاعداد المتجهة بهذا الاتجاه، من الواضح جداً ان كل هذه الامور تدفع بهذا الاتجاه وهو الثائر للإمام الحسين عليه السلام، واللطيف الصورة هذه السنة والتي عكسها الاعلام الغربي ومع الاسف اعلامنا لم يعكس هذه الصورة حيث لاحظنا بعض الفضائيات الأمريكية والغربية في تعاملها مع قضية الامام الحسين عليه السلام فهم يشيرون الى ان هؤلاء يطلبون نفس العدالة التي طلبها الامام الحسين عليه السلام بما فيهم المتظاهرين والمواكب وكافة أوضاع الشعائر، يشيرون الى ان هذه المسيرة ممتدة في كل البلدان ومطلبهم الاساسي هو العدالة ورمزهم في هذه القضية هذا البطل الذي ضحى من اجل هذه العدالة.
* الكلام هنا حينما نؤسس للعدالة ونطلب حكم العدالة السؤال: كم لدينا نحن من هذه العدالة؟ وهل تأهلنا لنتحول من الحديث عن العدالة الى ان نجسد هذه العدالة؟ هذا هو الاستحقاق الرئيسي على المنتظرين في ايام ما قبل الظهور الشريف، لأنه بعد تلك الايام لا يوجد مجال او وقت للتعلم على العدالة، خلال هذه الفترة يجب ان يتنازل المنتظِر عن ذاته ليفكر في حقوق الاخرين واول مسيرة للحصول على العدالة هي هذه القضية بالتنازل وانكار الذات من اجل الاخر، وكل قضية الامام الحسين عليه السلام من اولها الى اخرها نلمس بها هذا المبدأ بوضوح، وكل احزاننا وتعبنا وانفاقنا وكل ممارساتنا ليس من اجل انفسنا وانما من اجل الاخرين فيتربى الانسان مع الايام بالشكل الذي يتحول الى ظاهرة لتطبيق العدالة، يوجد هناك تعاظم في الشعائر وفي اداءات هذه الشعائر وحينما نريد ان نلاحظه كظاهرة اجتماعية وكظاهرة دينية ففي الظاهرة الدينية يوجد قائد او ربّان ويوجد من يرعى هذه القضية، ومن الناحية الاجتماعية يوجد زخم عظيم جداً يتولد في داخل النفوس وليس فينا من ذهب الى زيارة الامام الحسين في يوم عاشوراء ولم يتأثر غضباً للإمام عليه السلام، وهذا الزخم الذي ينمو ويتحول الى سيل كبير يدعونا للسؤال: لماذا في هذا الوقت بالذات ولم يحصل سابقاً؟ هل كل ذلك بناءً على زيادة وعي المجتمع حالياً؟ ربما هذا احد الاسباب لكن الشيء الذي نحن متيقنين منه هو ان هناك رعاية لينمو هذا الزخم بهذه الطريقة وهناك توجيه ولطف الهي ومهدوي في البين من اجل ان يتعاظم هذا الامر ويصل الى هذه الدرجة، والدليل على ذلك بسيط جداً يمكن ان نجده في اي قضية من قضايا شعائر الامام الحسين عليه السلام بانه لا يوجد شعيرة من هذه الشعائر الا ووجدت لها ارضية في المجتمع كذلك تجد من ينفق عليها من داخل المجتمع مع انها حوربت كثيراً من قبل الأنظمة ومن اتجاهات متعددة لكن القدر المتيقن انها نمت ولم تضمحل، ووعي من يلطم على الامام حالياً تعاظم عما هو عليه سابقاً والسبب ان فلسفة اللطم صحيح فيها ممارسة لنوع من انواع معايشة الالم لكن في واقع هذه القضية هناك تلقي معلومة مع هذا العمل واللطم يساعد على ابقاء النباهة متناغمة مع هذه المعلومة وهذا التناسق الموجود في عملية اللطم لو اخذناه وجسدناه على طبيعة الافكار التي نتلقاها من قصيدة الشعر سنجد هناك تأمل وتفاعل مع عملية التذكير لان الغفلة في اغلب الأحيان تتسرب الى الجسم الساكن اكثر منه الى المتحرك والسر يعود الى ان هذه الحركة تقدم شيء من التذكير الى الذهن بان هناك تلقي للمعلومة، يُلاحظ في وقتنا وجود هجمة على الشباب صغار السن من تشويه للهوية والافكار وهذا الشاب يتعرض الى غزو فكري من كل وسائل التواصل الاجتماعي اضافة الى الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي البائس ووسائل التعليم غير الناضجة فيُفترض حينها ان يخرج جيل ممسوخ تماماً، ولكن نلاحظ الشعائر الحسينية اكثر جهة تتلقف هذا العمر بالذات، وهذا العمر بالذات هو الحامل لعبء هذه الشعائر فهؤلاء مُهمَلين من قبل وسائلنا التربوية او مدارسنا او جامعاتنا، لكن الشعائر هي التي ترعى هؤلاء في قضية واضحة تمام الوضوح وسببها بسيط جداً بأن الرمز مقدس لاشك فيه والممارسة عفوية لا شك فيها والوضوح في كل القضية لا شك فيه في ذلك الوقت سيكون الاندفاع تلقائي، ولو لاحظنا اكثر من موكب سنجد ان هذه الفئات العمرية لم تُستهدف ثقافياً من قبل المتدينين وانما استهدفت ثقافياً من قبل اعدائهم لكن المتدين هنا وهو المنبر الحسيني ادى دوره بطريقة او بأخرى ليوصل هؤلاء لهذه الدرجة، قد نستمع الى خطيب وقد يقال بانه لا يقدم معلومة جديدة وقد يكون هناك ملل من هذه القضية وقد يُشكل على الخطيب انه لا يقدم غير الدمعة لكن لا يعلمون مدى تأثير ذلك على المتلقي، فهذه الامور تؤثر في داخل هذا المتلقي، وحينما كان هناك تقاعس عن تربية هؤلاء جاء المنبر ليحل الاشكال واهل البيت عليهم السلام لم يتركوا الامور الى الصدفة، نحن ندّعي ان أي منبر مهما كان بسيط المعلومة فهو مؤثر غاية التأثير، نعم بعض المنبريين يسيئون الى المنبر ويسيئون الي ثقافة الامام الحسين عليه السلام وهؤلاء مرفوضين لاشك ولا ريب وان بيان سماحة السيد السيستاني دام ظله الشريف وبقية المراجع العظام واضحة لا تحتاج اثبات، لكن الغرض من الكلام انه توجد عملية تلقين تحدث بطرق متعددة يؤديها الشعار الحسيني وهنا عملية طلب الثأر تنمو وتتعاظم مع مرور الوقت لان قيمة الامام الحسين عليه السلام تتعاظم في النفوس وحينما يتحول الامام الحسين عليه السلام الى هذا المقام القدسي فان عملية طلب الثائر له تتحول الى هذه الموقعية المقدسة في نفوسنا، لذلك بالنسبة الى استحقاقات عملية الثأر على المنتظرين يمكن لنا ان نلخصها بالتالي:
الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ثأر من مبادئ ومن قيم ومن افكار ومن عقائد تسلطت على الناس من اجل استعبادهم، لذلك خرج حراً منتفضاً على هذه الامور طالباً للإصلاح الذي اوجده جدّه صلوات الله وسلامه عليه لكن حينما تنكبت هذه الامة كان لابد لرسول الله صلوات الله عليه وآله ان يُطلق مشروعه وحينما اطلقه في مشروع الامامة ومن خلال تطبيق العدالة الامة تنكبت ايضاً عن هذا الطريق، والا لا يوجد رجل يمكن ان يضاهي عدالة امير المؤمنين عليه السلام، بالنسبة لنا هذه المبادئ التي عمل ائمتنا على احلالها وقاتلوا وتبرؤا من يضدها ومصير هذه المبادئ متوقف على الامام المنتظر عليه السلام، اذن هل نحن من الصف المنحاز لهذه المبادئ او من الصف المضاد لها؟ لذلك جاء اللعن ليميز بين الاتجاهين وليمدنا بالقوة التي تجعلنا بالضد من المبادئ التي قتلت الامام الحسين عليه السلام، لذلك مشروع الامام صلوات الله وسلامه عليه وإن كان البعض يقول بانه اول ما يثأر يثأر للإمام الحسين عليه السلام، نعم هو يثأر للإمام الحسين لكن عبر البوابة الرئيسية لأنه جاء للقضاء على الظلم والجور والامام الحسين عليه السلام خرج على هذا الظلم والجور وجاء لإحلال العدالة والامام الحسين عليه السلام خرج ليعيد للعدالة نصابها، هنا نشعر بان الانتظار يعني عملية تأهيل النفس لكي تكون في الصف الذي يطبق ويجسد العدالة وللحديث صلة، والحمد لله اولاً واخراً والصلاة والسلام على رسوله وآله ابداً.
https://telegram.me/buratha