ان أي عملية تغييرية وعطفاً على عملية التغيير الكبرى التي سيضطلع بمهامها الإمام القائم عج، ترتبط الى حد كبير بعوامل متعددة أهمها:
1- الهدف:
كلما كان الهدف واضحاً ومقنعاً، أي منسجماً مع الواقع التكويني والكوني، وكان واقعياً لا خيال فيه، أي قابلاً للتحقق، وكان شمولياً بحيث يمتد مع الآفاق الزمانية والمكانية؛ كلما أمكن استثماره في حشد أكبر للطاقات التغييرية، فقد يتوفر هدف ما فيه الوضوح، وفيه قدرة الإقناع، ولكنه ليس شمولياً، مما يجعل المسيرة الى هذا الهدف محدودة الهمة.
أمثلة على ذلك: ثورة سبارتكوس سنة 71 قبل الميلاد، لتحرير العبيد، حيث عملت الثورة على استثارة عزم العبيد، فكان هدفها واضحاً ومقنعاً وواقعباً، ولكنه لم يستطع أن يستوعب شمولية الحركة التاريخية، فقد سارع الترهل الى حركته وقضى عليها، فالعبيد ما إن ثاروا وحققوا مآربهم الأولى، حتى أكلوا ثورتهم وأهدافها، مما أدى بهذه الحركة أن تسقط وتنتهي بمجرد أن ينتهي قائدها.
كذلك مثال آخر الثورة الفرنسية عام 1789 ميلادية، وعلى الرغم من البون الشاسع بين الثورتين، ولكن طلاب الحرية الذين ثاروا في الباستيل، سرعان ما تحولوا الى الديكتاتورية وعلى يد أكثر السنتهم حماساً للحرية، أني بذلك روبسبير ونظراءه، وكلما كان الهدف قادراً على ابداء الزخم لمريديه وجاذباً إليهم لأي سبب كان، كلما أمكن للحركة المتجهة اليه أن تكسب ديمومة أكبر.
على الرغم من أن الظهور الشريف لا يمثل هدفاً نهائياً بحد ذاته لمسيرة الهداية الربانية، ولكنه يمثل محطة كبرى وجوهرية في مسيرة هذا الهدف، ولو اننا نظرنا الى ذلك من مرقاب علامات الظهور، لوجدنا ان هذه العلامات تقدم خدمات هائلة على أكثر من صعيد، فهي تمنح السائر باتجاه هدف الظهور الشريف، قدرة على إبقاء الهدف حياً في فكره، وتعمل على تقريبه منه وجذبه اليه، وهي في نفس الوقت تعمل على الإبقاء على جذوة شموليته، بالشكل الذي يجعل الإرادة المتحركة نحوه معبأة بشكل مستمر.
ناهيك عن أن علامات الظهور تعمل على تبسيط الهدف، من خلال تحويل نفسها الى علامات دالة على طريق الهدف، وهذه العلامات علاوة على كونها تمنح هذه الإرادة ما تحتاجه من امل لديمومة المسيرة، فإنها في نفس الوقت تجعل مراحل السير نحو الهدف مرئية، مما يجعل الهدف بسيط المؤونة دوماً، فمع تحقق واحدة من العلامات، فإنها تشحذ الهمم وتحفزها على الاستمرار، حيث نلحظ أن الانسان المنتظر المعني بعلامات الظهور غالباً ما يكون معبئاً ومجهزاً بعقيدة عملية مؤداها العمل بالتكليف الإلهي وحمل المسؤولية الدينية على أي حال. 🕊
https://telegram.me/buratha