اقبلت ليلة النصف من شعبان المعظم وهي من اعظم الليالي بعد ليالي القدر ولله فيها منح وعطايا من لا يدركها فلا يشكنّ بانه فوّت عظيماً وحرم من التوفيق بل لربما طرد من ساحة اللطف التي تتنزل عليها هذه المنح وتلك العطايا اجارنا الله واياكم من كل ذلك.
وفي هذه الليلة بمولودها العظيم امل الانبياء وخلاصة الاصفياء ومن بكت لغيابه عيون الاولياء ومن تاقت لنوره قلوب الصلحاء الامام الحجة المنتظر محمد بن الحسن العسكري صلوات الله عليهما وعلى ابائهما الطاهرين واجدادهما المطهرين في هذه الليلة يتطلع المولود الرباني الى المقبلين عليه أيّهم جاء لكي يهنئ؟ وايهم جاء لكي يقضي حاجة ومصلحة له؟ وايهم سيمر عليه الحدث العظيم وهو سادر في غفلته وغارق في اوهامه؟
في هذه الليلة العظيمة كيف ستمتد الايادي؟
وكيف ستقبل القلوب؟
واي كلمات ستقال؟
وفي المقابل من ستمتد ايادي النور القدوسي لتصافحه؟
واي قلب ستلتقيه وتستقبله؟
واي الكلمات سوف تسمع وينصت لها؟
في العادة يفكر الناس فيما يحتاجونه ويريدونه ويطلبونه، ولكن قليل من الناس يفكر فيما اذا كان يستحق ما يطلب، وما اذا كان يليق به ان يقبل بقلبه.
واقل من هؤلاء من سيقف بعين وجلة ولسان مقطوع وقلب يلفه القلق واتعبه الارق وهو يسائل نفسه ولا يمدّ ببصره ولا يهطع برأسه من الخجل ويقول: الله تعالى قدم لنا كل شئ مما نستحقه ومما لا نستحقه
وامام زماننا روحي فداه اغرقنا كل هذه الفترة بحنانه والطافه ورعايته، ومن كرمه انه فعل كل ذلك ولم يقل لنا ولم يخبرنا بما فعل ومع ان ايادينا اثمة وقلوبنا قاسية واعمالنا قليلة وطلباتنا كثيرة وصدورنا متبرمة وعواطفنا متبلدة، الا ان قلبه الرحيم لا زال يلبي وسيظل يلبي حتى همسات القلوب في شغافها وحركات الجوانح في فلذاتها، ولكن نحن ماذا قدمنا بين يدي البر به؟ وماذا فعلنا بالعهد الذي بيننا وبينه؟
في هذه الليلة ثمة سباق لمن يريد ان يذر الاسفل الادنى ليلتحق بعالم البارين وعالم المخلصين ويسير في درب منهاج الصالحين الذين يقول الله تعالى لملائكته عنهم: عبدي هذا احب ان اسمع صوته، فما اطوع قلبه، وارق دمعته، واخجل كلماته!
في هذه الليلة سيقف الامام روحي فداه على بوابة الانتظار متلهفا ومشتاقا لمن بر بعهده ووفى بوعده واخلص لشيعته ورحم ايتامه!
في هذه الليلة اذن ماذا سنفعل؟ وماذا سنقدم لكي يقبل الله علينا ويسمع منا ويلتفت الينا؟
في هذه الليلة اذن كيف سنذهب لرؤية النور المحمدي والاشعاع العلوي والنبراس الفاطمي والسراج الحسيني؟
حذاري ان تذهبوا واياديكم والسنتكم مملوءة بالاوساخ والقذارات والادران اوساخ الاعتداء على الناس وقذارات التجاوز على الحقوق وادران التصرف بما لا يحل بل اذهبوا باياد نظيفة تعففت عن اوساخ الدنيا وترفعت عن قذارات الاثام وتطهرت من ادران التكالب والتصارع.
حذاري ان تذهبوا بقلوب مقفلة اقفلها الغل والكره والحقد والغضب والغيظ والحسد والشره والغرور والتكبر على شيعة امام زمانكم صلوات الله عليه، فمن الصلافة ان نذهب بقلوب كهذه لكي نستدر عطف امامنا ونستجر الينا الطافه؟ اترون من اللائق ان تذهبوا لطرق باب من اعتدينا على ابنائه؟ ولم نرع حرماته؟ ولم نبال بايتامه؟ ومع ذلك نتوقع ان يحتفي بنا؟ هيهات ثم هيهات..
اغتنموا الفرصة اعزائي واحبتي وحرروا انفسكم من ربقة عبودية الذنوب والاثام وامضوا احراراً بالتوبة والاستغفار
انتهزوا الليلة لتطهروا قلوبكم من الاغلال التي تحول دون عروجها وتمنع عنكم رؤية النور الذي اودع في دواخلها..
ماذا ينتفع احدنا من الغل الذي يحثوه في قلبه تجاه اخيه
ماذا ينتفع واحدنا من الحقد الذي يملء قلبه تجاه اخوانه
ماذا نستفيد من الحسد
من التكبر
من الغرور
من الشره
من الطمع
اذا كان مطلوبنا الحقيقي هو الامام روحي وارواح العالمين له الفدا
فالامام صلوات الله عليه لا يريد ذلك بل يستقبحه ويشمئز منه
لذا ما اجدرنا اليوم في ان ننظر الى سلة القمامة وهي تحوي انواع القاذورات لانها مضرة ومسممة ومقرفة لننزع عن قلوبنا هذه الاقذار لكي لا تضرنا ولا تسممنا ولا تجعلنا مقرفين في نظر امامنا بابي وامي ..
ابدؤوها بشجاعة وخاطبوا امام زمانكم باخلاص اقبلنا اليك ولدينا حقوق على شيعتك ومحبيك وها نحن نسقط كل هذه الحقوق محبة لك وزلفة لديك فانت المحبوب وانت المعشوق.
توجهوا الى بارئكم وخاطبوه سبحانه وتعالى الهي انت العفو والتواب وقد اقبلنا طمعا في عفوك وطلبا لمغفرتك ولكن نريد ان نقدم صدقة بين يدي ذلك حينما نبرئ ذمة من اساء الينا واعتدى علينا واضر بنا فانت المطلع على اسرار عبادك ولا طاقة لنا في ان نشكوا اليك احدا من شيعة وليك الاعظم وبقيتك في الارض بل واخجلتاه منه ان فعلنا ذلك..
اما بالنسبة لاهل السياسة وطلاب الوجاهة والرئاسة والزعامة والفخامة والجلالة فلا عزاء لكم في هذه الليلة ان كنت رددتم طالبا لحاجة او قصرتم في انفاذ مصلحة او اكلتم حقا او اعتديتم على من عصمه الله او اجترحتم سوءاً على من صانه الله
في ماله او عرضه او جاهه
لا عزاء لكم وانتم تقودون الناس من صراع الى صراع وتتسببون بفرقة المؤمنين وزيادة الشق بينهم وتجولون بالناس من خيبة لاعظم منها ومن حاجة لاقسى من سابقتها ومن كذبة لما هو اكذب منها ومن فساد لما هو افسد منه
لا عزاء لكم لا والله ان لم تعودوا لعقولكم لا لغروركم وتكبركم لكي تروا ماذا فعلتم بالناس وماذا اجترحتم بحقوقهم واشتركتم باراقة دمائهم...
لقد كان قارون يلبس المسوح ولكنه جمع حتى اترع بالمال والجاه والرئاسة فاخذه الله اخذ عزيز مقتدر ليس في يوم ذلة بل في يوم زينته..
اما من نصب نفسه لخدمة الناس وشيعة الامام روحي فداه واتقى الله في اموالهم واعراضهم وحرماتهم وكفى شره عن غيره واماط وجهه عمن اساء اليه واغمض عينه عمن تسبب باذاه فيا لهنائه في هذه الليلة وفي كل ليلة.
اللهم اشهد علي اني اسقطت كل حق لي فيمن اساء الي واعتدى علي وابرأت ذمة كل من له نصيب في ولاية امير المؤمنين وسيد الصديقين صلوات الله عليه، والحمد لله رب العالمين اولاً واخراً وصلاته وسلامه على نبي الرحمة وعترته المطهرة ابداً
https://telegram.me/buratha