الصفحة الإسلامية

أتباع أهل البيت وحروب الرّدّة!


حيدر التكرلي

كثير من حضارات ومنجزات الأمم، تأتينا عبر التأريخ، وقد يكون قسماً منها خالداً إلى يومنا هذا، حيث أنها: تُجسد لنا ماهية تلك الفترات من الأزمنة، والانعكاسات المترتبة عليها، من خلال النهج الذي كان يُعمل بهي آنذاك. ولنأخُذ ما يسمى بالعصر: (الذهبي للدولة العباسية)، ونرى بيان مدى صحة نقل الأحداث، ليتسنى للقارئ الكريم فهم حقيقة ما كان. وقبلَ شروعي بتسليط الضوء، سأطرح بعض التساؤلات، مثل: هل سن العباسيون، مسلة كمسلةِ حمورابي، حتى يُفتَخر بِها؟! أو انشئوا جنائن كالمعلقة، ليتم التباهي بها بين الأمم؟! أم أقاموا سوراً كسور الصين مثلاً، أو أنهم شيدوا ألأهرامات وشكلوا جيش ألاسكندر المقدوني، لنشر رسالة السماء الموحدة؟! علماً أن اتساع حدود دولتِهم، ذات الأطراف المترامية جاءَ: نتيجة البطش والفتك الذي كانَ يمارسهُ جبابِرَتُهم، وباسم الإسلام، وهو منهم براء، لأنه لا يعدو إلا كونه من أجل الهيمنة على مقدرات العباد، لغرض خدمة عروشهم الزائلة فقط ليس إلا، بدليل مقولة اللارشيد الشهيرة، التي يتحدى بها الخالق الجبار مالك الملك، عندما قال للسحاب:( أمطري في الهند أو في الصين، أو حيث شئت، فوا لله ما تمطري في ارض إلا وهي تحت ملكي )،، فظلاً عن استغلال تلك الثروات في تسخيرالابواق الإعلامية المأجورة، لأجل التغطية على جرائمهم، من خلال تزين صورتهم المزيفة، ليتمكنوا من التشبث بالسلطة، هذا لأنهم يُدرِكونَ جيداً أنها لِغيِرِهم! .. على أثر ذلك، حاولَ أكثر من مُتَفرعِن عباسي انتزاع الشرعية من أصحابها الأصلين وبشتى الطرق، لكنهم لم يتمكنوا مِنهم لأنهم أهلُ البَلاغةِ والحُجْةِ والبيانْ، ولكونِهم يُمثلونَ خطِ العدالةِ الإلهية في الأرض.. وعندما شعروا بالعجز، والاندِحار الكامل أمامَهم، لمْ يَجِدوا لِمَطامِعِهم الشريرة جواباً، غير السجنْ، والسُمْ، والقَتِلْ. لذلكَ بَرِعوا في مُعاداتِهِم للخلفاء الشرعيين والمنصَبينْ مِن قِبل السماء، وهم: "الأئمة المطهرين مِن أبناءِ رسولِ الله صلى الله عليه وعليهم أجمعين"،، فتجلى ذلكَ مِن خِلال عداء هارون العباسي، للإمِام مُوسى بن جَعفْر عليهِ السلام، وشيعته ومحبيه، بتهمة الخيانة العظمى للدولة، وجربَ كُلِ أساليب البَطش والتنكيل، ومن ثم السجن لشخص الإمِام، إلا إن كل ذلك لَمْ يَحِدْ مِن اتساع مساحة نور الهداية، لأن الإمِام خليفة القلوب وسلطانْ النفوس.. وبعدَ الحرج والشلل الذي أصاب عمالقةِ الكُفرِ والفسق والفجور، أمام هذا النور الهادر،، عَمِدَ هارونهم وأذنابه الشياطين، إلى نارِ جهنم وبأسَ المصير، بإقدَامِهم على قتلِ حُجةِ الله في الأرض، وسابع أئمة الهدى، ألمعذب في غياهب السجون الإِمام الكاظم عليهِ السلام، لا لذنب إلا انهُ الامتداد الطبيعي لرسالةِ السماء والمذهب الحق الواجب إتباعه، وبسلاح الغيلة، والغدر، إذ لم يرُق لهم، هذا المجد العظيم، والمقام الرفيع، والتفاف الناس حول سليل الرسالة المحمدية، لذا دبروا جِنايتِهم، عبر دس السم للإمام وهو في السجن، ليلقى ربه، شهيداً، غريباً، مظلوماً، مسموماً، بأمر مباشر من (صاحب العصر التكفيري للدولة العباسية)!، فهارون شَرِ خَلف لشَرِ سَلف مِن (إبطال حروب الرّدّة وكسرى العرب وقيصرها)، وكما وصفهم الإمام الحسين عليه السلام في العاشر من محرم:"ياأُمَّةَ السّوء، بِئسَمَا خَلفْتُم مُحَمَّداً فِي عِترتِه، أما إنكم لا تقتلون رجلاً بعدي فتهابون قتله، بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي"، ختاماً: أن الذين أقدَموا بالأمس على قَتلِ مَن ليسَ على وجه الأرض شبيهاً لهُ بِزَمانِهم .. هلْ يتوانى أحفادُهم اليوم من البعثيين، والتكفيريين، والإرهابيين، عن إبادة أتباع أهل بيت النبوة؟!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك