الصفحة الإسلامية

من يقدح شرارة الانتفاضة الشعب أم المرجعية ؟

2020 04:16:00 2012-08-04

بسم الله الرحمن الرحيم

في متابعتنا لتعليقات الاخوة والاخوات ضمن أقسام الموقع ومواقع اخرى  لاحظنا تكرار هذا التساؤل الذي ينطوي ضمن سيل كلماتهم تارة بنحو التسائل الخجل وتارة اخرى يتجاوز الحد الى تعليق الذنب بعاتق المرجعية التي لا تحرك ساكنا بحسب رؤياهم  وبصيغة ادبية متوارية عن التبجح وقد تتبجح احيانا ! .

والحقيقة لكل سؤال جواب في تاريخنا ولنا ان نتابع ونستنبط منه اجابات واعني بالتحديد  تاريخ اهل البيت عليهم السلام  الزاخر بكم كبير من الحكم والارشاد ومنه نستطيع الاشارة الى الجواب وبدون ان نتجه الى تنازع لفظي حول مكانة المرجعية ودورها , وان كان المفروض ان لا تختلف الرؤى بعد هذه الادلة ومن قلب التاريخ .

لقد كان الرسول الاعظم صلى الله عليه واله هو قائد الامة العقائدي والعسكري ولذا يُلحظ انه في حياته عليه السلام هو من يقرر في الشأن العسكري وطبعا ً بعد ان أذن البارىء عز وجل لنبيه والمؤمنين بالجهاد وكذا الحال في عهد الامام علي عليه السلام  مع ظهور ظاهرة الانشقاق والتمرد بالجيش وعدم الاخذ بقول القائد العسكري كما حصل جليا ً في واقعة صفين حينما قال عليه السلام ( لقد كنت امس أميرا ً فاصبحت اليوم مأمورا وكنت بالامس ناهيا ً فاصبحت اليوم منهيا ً ) والظاهرة عاشت تطورا ً فلم تظهر في يوم وليلة  ففي المعارك الاولى كالجمل لم تظهر وانما اخذت وقتاً في تبلورها من حيث كبر الهواجس حتى صارت تسأؤلات ثم تهديد للقائد العسكري !! والهواجس تتلخص بالشك في نية القائد العسكري وهل ان ما يحصل هو لمصلحة الاسلام ام القائد ؟!! .

ومن ثمة انتقلت هذه الظاهرة وبنحو قوي في عهد الامام الحسن ع وهو القائد العسكري والعقائدي لهم  حتى صار الانتقال الى جهة الباطل امراً مألوفا ً واضطر الى قبول  الصلح بعد ان عرض عليهم الاختيار فاختاورا الهوان وحملوه المسؤولية ! رغم انه عليه السلام  سجل في التاريخ مقولته (والله ما سلمت الامر اليه الا لاني لم اجد ناصرا ولو وجدت ناصرا لقاتلته ليلي ونهاري).

وعند هذه النقطة يمكننا اسنباط انه لا يمكن للقائد العسكري ان يكمل المسير مع جيش لا يؤمن به واذا شعر ان جيشه قد وصل الى هذه النقطة  لم يفرض عليه نفسه عنوة رغم ان القائد العسكري الذي نتحدث عنه هو مختار من الله وليس لهم فضل تنصيبه فتأمل .

 وبالانتقال الى عهد الامام الحسين عليه السلام نجد ان خروجه عليه السلام برفقة اهله واصحابه المقربين فقط ودون ان يدعو اهل مكة والمدينة للخروج معه أشارة ان الامام عليه السلام قد أيقن من ان هذه الامة قد انحرفت بنحو يُوجب الاصلاح بسفك دماء ابناء الانبياء عسى ان يصحو من الغفلة وقد يسأل سائل من ان توجه الامام الى الكوفة جاء لاعداد جيش وواقع الحال انه لبى نداء وهو يعلم روحي له الفداء من انه لم يصل اليهم وعدا ذلك فان خبر مسلم قد وصل له وهو في الطريق وكان ممكن ان يرجع بعد ادراكه لغدر الكوفيين ولكنه استمر وبالثلة المؤمنة وكأني به يعلم ان لا نصرة له بغيرهم .

الى هذه النقطة في تاريخ الاسلام عام 61 هجرية والتي انتهت بهذه المأساة العظيمة ينتهي عصر اجتماع الامامة مع القيادة العسكرية في شخص وهنا يبدأ الجواب على سؤال السائل الذي ارهقته بالمقدمات لاهميتها .

ان الشواهد لكثيرة في هذه الحقبة ومنها موقف الامام السجاد عليه السلام من ثورة المختار فهو لم يتبناها كما انه لم يرد ما يشير الى امتعاضه منها على العكس فلقد وردت روايات في الترحم على المختار الثقفي وكان عليه السلام يتابع الاحداث عن بعد وربما هذه الفترة كانت تعيش اجواء صعبة خاصة ما بعد وقائع الطف لذا الاستنباط منها يكون ضبابيا ً عند البعض  على الرغم من الخطوط العامة واضحة لذا ننتقل الى شاهد من عصر الامام الصادق عليه السلام وموقفه من ثورة عمه زيد ابن علي والتي حققت نصرا ً على ال امية أول الامر  ولولا التشكيك الذي اعتراها من جيش زيد  لما انتهت بصلب زيد رحمه الله .

وذكر التاريخ قولا للامام الصادق ع ( لاتقولوا خرج زيد , فان زيداً كان عالماً وصدوقاً ولم يدعكم الى نفسه انما دعاكم الى الرضا من ال محمد (ص) ولو ظفر لوفى بما عاهدكم اليه انما خرج الى سلطان مجتمع لينقضه ) وهذه اشارة الى دعم الامام المعنوية لحركة زيد بن علي  وربما ايضا ً يتسائل احدهم من انه هل كان للامام علم بذلك قبل حدوثه ام لا لاستنباط هل يؤخذ الاذن الشرعي من الامام  في القيام ضد الظلم  ام لا ؟ ليتم الجواب للسائل عن ال من يؤول امر قدح الشرارة ؟!

هنا نقف عند اعتاب واقعة الفخ التي تعطينا الجواب بنحو دقيق جدا في محاورة بين مفجر الثورة وامام زمانه وواقعة الفخ كما وصفها الامام الجواد ع ( لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من الفخ ) ومفجرها هو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب ع  ضد العباسيين الذين عاثوا في الارض الفساد في عهد الهادي العباسي الذي عاصره الامام الكاظم عليه السلام

في سنة 169 ه عزم الحسين بن علي على الخروج واخبر الامام موسى عليه السلام بالامر وطلب منه المبايعة فقال له الامام " يا ابن العم ! لاتكلفني ما كلف ابن عمك عمك ابا عبد الله فيخرج مني ما لااريد كما خرج من ابي عبد الله ما لم يكن يريد " فقال له الحسين : انما عرضت عليك امراً فان اردته دخلت فيه وان كرهته لم احملك عليه والله المستعان ثم ودعه .

وفعلا قام الحسين بن علي وبعد صراع رهيب في منطقة الفخ استشهد مع رفاقه واغلبهم اولاد اائمة وصلبوا وقد هم الهادي بعدها بقتل موسى ابن جعفر ع على انه الداعم الروحي لهم  وقابله الامام  بدعاء جوشن الصغير بعد ان طلب منه اصحابه التخفي  فهلك  الهادي وصار الامر للرشيد .

وقول الامام الكاظم عليه السلام يحسم جواب سؤال السائل وهو قول ذو مدلول عظيم ولكننا لن نبحر في بحر معانيه الا في ما يتعلق بدليلنا وحجم ما نستنبط  من فهمنا القاصر  فالحسين بن علي قد عقد النية على مواجهة الظلم المتمثل بالهادي العباسي دون ان يأخذ الاذن من الامام ومن ثم اطلعه على الامر وطلب المبايعة ولما اعتذر الامام بلطف عن ذلك ( لكونه مطلع على ما كان وسيكون )  في ربط هو الارقى لسابق ما حصل مع جده الحسين ع  لم يثني هذا الامر الحسين ابن علي عن المضي قدما ً بما جمع عليه 26 شخص من اولاد علي ولم يسجل للامام الكاظم  منع لهم لما ارادوا  بل ان دعائه على رأس الشر لم يكن لحفظ نفسه بقدر حزنه على صلب الشهداء والامر مماثل بالنسبة للامام الصادق الذي بشر بهلاك قاتل زيد بن علي .

وبعد هذا التوغل في التاريخ يظهر جليا ً ان من يقوم بقدح شرارة اي انتفاضة ضد الظلم هم عامة الناس من المخلصين والمؤمنين ولما تثبت هذه الانتفاضة ان توجهها لله تعالى وان غايتها هو الرضا من ال محمد  تلاقي قبولا ً ودعما ً روحيا ً  من الي الامر المتمثل بالامام في حال وجوده وبالمرجع في زمن الغيبة مع الاحتفاظ بالفارق الكبير كون المرجع ليس في مقام الامام المعصوم لذا من باب اولى ان لا يكون هو المحرض على الانتفاضة ضد الظلم  مازال الامام المعصوم لم يأخذ هكذا دور ( ابتداء من عصر السجاد عليه السلام ) فدور الامام  أو المرجع يقرأ الواقع الاجتماعي ويقدر غليانه والية قيادته ومدى اخلاص القائمين ضد الظلم فان كان اخلاصاً عاليا ً لا يمنع من ان يكون الامام هو القائد المبارك صاحب القرار   كما الحاصل مع الامام علي عليه السلام  اول الامر والا فانه يكون مباركا ً لها في حال كان مطلبها هو الرضا لال محمد وليس لها ارضية اخلاص عالية من الجميع وانما الاخلاص يختص بثلة منهم  كما حصل للائمة من السجاد وحتى العسكري عليه السلام فهم لم يفقدوا القيادة العسكرية غير انهم لم يمتلكوا ارضية لها والسبب هو الواقع الاجتماعي كما اسلفنا  .

ومن العصر الحديث يقفز الينا شاهد وهو ما حصل في الجمهورية الاسلامية فالشعب هو من بدأ الغليان ومن ثم بحث عن قائد ليكون شخص الامام الخميني رحمة الله عليه والا لو لم يكن الامام الراحل قدس سره على يقين من صدق شعبه لما تقدم للامام خطوة واحدة في مشروعه الناجح والذي يُطلب منه التمهيد للامام عجل الله تعالى فرجه والذي سيقوم امامه عقائديا ً وقائدا عسكريا يملأ الارض قسطا ً وعدلا ً بعد ام ملئت ظلما وجورا ً وهنا يختص الامام دون غيره عليه السلام  بعدم النظر للواقع الاجتماعي فهو مأمور بان يكون قائدا ً شاء الناس ام أبوا  فالنصر وعد من الله له  .

والخلاصة اننا لو اردنا تغيير واقعنا بأخلاص وبطلب الرضا من ال محمد وان تكون حركتنا في طول الارادة الالهية فمباركة المرجعية تحصيل حاصل وصمتها من الخطأ قرائته على انها تفضل بقاء الوضع على ما هو عليه وانما هو تأمل لواقعنا عسى ان يصل الى مستوى من الاخلاص يؤهلنا لكسر طوق الذل الذي لازمنا طويلا ً .

نسأل الله ان يوفقنا لكل ما يحب ويرضى ونسأل القارىء العفو ان كان البحث ليس بالمستوى المطلوب فهو صادر عن عقل قاصر غير انه متأمل ان ينيره الله لما يحبه ويرضاه واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الغر الميامين وسلم تسليما ً كثيرا .

اختكم المهندسة بغداد

 

 

 

 

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
المهندسة بغداد
2012-08-04
السلام عليكم لطفا ً هات برهانك من ان الحكومة دعمت الحكومات بعد التغيير ؟ وتفضل علينا بتفسير اسداء النصح من قبل الامام علي عليه السلام لمستلبي حقيه الاول والثاني وهل تعد هذا دعما ً ؟! كذلك تواجد الامام الرضا في جلسات المأمون وزواج الجواد سلام الله عليه من بنت قاتل ابيه ؟! المرجعية بنظرنا تدخلت من حيث الاشارة الى ما يحتاجه المواطن ولاكثر من مرة وبينك وبين الله لو ان المرجعية اطلقت نداء الجهاد فكم نسبة الملتفين في تصوركم !! واقعنا لم ولن يدفع المرجعية لذلك وهذا رأيي وشكرا للمرور
ابن العراق85
2012-08-04
ايها الاخوة عندما نطالب المرجعية بالتدخل لمعرفتنا بقوة شخصية المرجعية وكلامها المؤثر والمقارنة (ظالمه) بين واقع اهل البيت والواقع الحالي لان اهل البيت لم يدعمو معاويه ويزيد والرشيد وغيرهم من الظلمه لكن مرجعيتنا هي من دعمت الحكومات بعد التغيير ونحن على يقين من ان وضع الساسه غير مرضي بتاتا من قبل المرجعية التي دعمتهم اصابهم الغرور والتمرد حتى على دينهم وليش المرجعية فحسب ..في هذه الحاله يكون بحثك اختي العزيزة فاقد للجوهر (اي ربط زمن اهل البيت بزمن المرجعية)...ارجو من الاخوة في الموقع نشر التعليق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك