يشير تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا قد توجه صواريخها إلى أوروبا إلى أن التوتر بين موسكو والغرب ليس مجرد مرحلة عابرة، بل بات جزئا دائما من الدبلوماسية الدولية.لم توجه الصواريخ الروسية إلى بلدان أوروبية منذ سنوات عديدة. وقد ألقى بوتين اللوم في تصعيد التوتر على الخطة الأميركية لتطوير نظام مضاد للصواريخ في دول في أوروبا الشرقية. ويشير توجيه الصواريخ إلى تدهور في العلاقات، مع أنه يعتبر خطوة سياسية أكثر منها عسكرية، إذ أن الصواريخ غير الموجهة هي أيضا تمثل تهديدا في أي اشتباك عسكري قد يحصل.
تجدر الإشارة إلى أن بوتين لم يشر إلى احتمال عودة إلى سياسة استهداف أوروبا التي كانت قائمة في حقبة الاتحاد السوفياتي، بل ألمح إلى أن أي "أهداف جديدة" ستكون مرتبطة بالـ"الإمكانات الاستراتيجية النووية للولايات المتحدة...في أوروبا . من الواضح أن بوتين يريد ممارسة ضغط بهدف عدم تطبيق الاقتراح الأميركي، الذي لا يزال بحاجة إلى موافقة الحكومتين البولندية والتشيكية. ولم يعط بوتين أهمية إلى تطمينات أميركية بأن النظام المطروح أصغر من أن يؤثر على نظام روسيا الدفاعي ويهدف إلى مواجهة تهديدات محتملة من إيران وكوريا الشمالية. كما بدا أنه يناقض ما قاله هو بنفسه في كانون الثاني من العام الماضي حين اعتبر أن روسيا لديها صاروخ باليستي جديد. وقد قال آنذاك: "هذه الصواريخ لا تمثل ردا على نظام دفاع صاروخي." إذا يجب وضع تهديداته في إطار أوسع. حرب باردة؟ الكلام عن "حرب باردة جديدة" وما شابهه لا يعبر عن حقيقة العلاقة المتوترة المستجدة. قد يكون التوتر طويل الأمد، ومبنيا على التخوف العادي القائم بين قوتين كبيرتين أكثر منه عقائديا كالحرب الباردة. المرحلة الآن هي مرحلة المصالح الذاتية، وكل جهة تبحث عن مصلحتها التي قد تصطدم مع مصلحة الطرف الآخر كما قد لا تصطدم معها. وقد بدأ بالفعل المحللون باعتبار أن القيادتين في موسكو وواشنطن غير قادرتين على إحداث تغيير نوعي والتطلع إلى مستقبل العلاقات ما بعد بوتين (الذي سيترك منصبه العام القادم) وبوش (الذي تنتهي ولايته بداية عام 2009.) قد لا يؤدي اللقاء الأميركي-الروسي في قمة الدول الثماني هذا الأسبوع أو اللقاء الثنائي الأهم بين بوش وبوتين في الولايات المتحدة في شهر تموز القادم إلى تغيير جذري في العلاقات. الدعوة التي وجهها بوش لبوتين للقائه في مركز لعائلة بوش في ولاية ماين هي لفتة حسن نية، بالتأكيد. فبوش لم يدع بعد أي زعيم عالمي إلى هذا المكان غير أن اختيار المكان قد يشير إلى مدى تدهور العلاقات. وقالت مارغو لايت المحللة المختصة بالشؤون الروسية في جامعة إل إس إي البريطانية: "أشك كثيرا في أن يؤدي الاجتماع في ماين إلى تطور كبير....مع أن بوتين يسره الذهاب...ويعتبر روسيا قوة عظمى ويجب اتخاذها في عين الاعتبار." لكنها أضافت: "بوش لن يغير موقفه من نشر النظام المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية، ولن يقتنع بوتين بتليين موقفه إلا في حال تم ذلك." واعتبرت أن روسيا "غاضبة للغاية" من أن مصالحها لا تؤخذ في عين الاعتبار، لكنها في الوقت نفسه "تستثمر المسألة" إلى الحد الأقصى.
https://telegram.me/buratha