المقالات

المطلوب قضاء عادل ومستقل


حسن الهاشمي

إن دستور العراق الجديد أناط بمجلس القضاء الأعلى مهمة إدارة شؤون الهيئات القضائية والإشراف على القضاء الاتحادي في المواد 90 / 91 من الدستور حيث فك كل ارتباط بين السلطة القضائية ووزارة العدل باعتبارها إحدى وزارات السلطة التنفيذية، ونجد إن الدستور جعل للقضاء موازنة سنوية مستقلة يقوم باقتراحها مجلس القضاء الأعلى ويعرضها على مجلس النواب بموجب المادة 91 الفقرة ( 3)، وتبقى الانعطافة المهمة التي أوجدها التغيير السياسي في العراق بارتباط القضاء بمجلس القضاء الأعلى، حيث أحدثت نقلة نوعية تطويرية نحو تطبيق العدالة التي تسعى إليها الحركات الإنسانية لخدمة الإنسان وفق أسس ديمقراطية.ويتصور بعض الساسة في الدولة الديمقراطية الفتية إنه فوق القانون أو إنه وحزبه وقوميته وجماعته في منأى عن المساءلة مهما صدر عنهم من أمور ولو كانت خارقة للقانون، وعلى القضاء العادل والمستقل أن يقضي على مثل هذه الحالة، ويتوجب عليهم العمل على تحقيق الاستقلال من خلال حيادهم والتزاماتهم الوظيفية وتوحيد المطالبة فيما بينهم لترسيخ مفاهيم العدالة والاستقلال اللذان يتنعم بهما القضاء في النظام الديمقراطي. ومما يؤسف له إن إجراءات القضاء فيما يتعلق بالتحقيق مع الإرهابيين والبت في قضاياهم وحسم أمورهم بات قضاءً هزيلا وضعيفاً ويخضع في اغلب الأحيان لتدخل بعض الجهات السياسية في قراراته بما ترى هذه الجهات انه يحقق لها مكاسب سياسية، وإن تعدد وسائل التدخل في مهام السلطة القضائية يعد خرقا خطيرا لمبدأ استقلال القضاء، وانتهاكا للوظيفة القضائية وعدم الامتثال لسلطة القانون، وان التمادي في هذا الجانب ولأي سبب سيعرقل سير الإجراءات القضائية بعدالة واحترام حقوق الأطراف، الأمر الذي يعد اعتداء صارخا على حكم القانون وعلى مبدأ استقلال القضاء ولما فيه من مخالفات للدستور وتجاوز غير متحضر للنظم الإنسانية عرفا وقانونا.وان محاولات التجاوز على السلطة القضائية للحد من تطبيق القانون استهداف غير لائق ولا مبرر له، وعلى الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم - لاسيما ضد من ثبتت إدانته بالجرم المشهود أو الاعترافات اليقينية وليست الكيدية بما اقترفوه بحق الشعب الصابر - أن تأخذ مجراها بكل جرأة وإقدام من دون إعادة نظر أو تحيز، ولابد للقضاء خاصة ما يتعلق منه بمراحل التحقيق واتخاذ الإجراءات القضائية المطلوبة أن ينفذ الأحكام مهما كانت على المجرمين والإرهابيين، وأن يأخذ دوره الفعّال لحماية المواطنين من شرور المجرمين الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء وينزل بساحتهم ما يستحقونه من جزاء عادل ينصف الضحية ويقتص من المجرم.إن استقلال القضاء شرط رئيس ومهم للإصلاح على اختلاف صوره، وأهمها الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه ويرتكب جرائم القتل الجماعي ضد الأبرياء وكذلك جرائم السرقة والابتزاز والرشوة والتمييز العنصري والتطهير العرقي وكل ما ينمي الفتنة ويذكي نار الاحتراب الطائفي المقيت، وبات القضاء في النظام الديمقراطي يشكل أمل الناس في الإصلاح، فإذا خاب أملهم فيه فأنهم حتما سوف يلجئون إلى العنف لأخذ حقوقهم، أو يحنون إلى الماضي بما يحويه في ذاكرة العراقيين من مآسي وويلات وظلم وقهر وتهميش، وهذه هي الطامة الكبرى.إذن قدرنا الوحيد إن نعزز من استقلالية السلطات الثلاث ونعطي هيبة خاصة للقضاء حتى لو جاءت قراراته على خلاف مصالحنا الحزبية والقومية والشخصية، والتزام المسؤول بما يصدر من القضاء المستقل ظاهرة حضارية تصب في صالح الجميع، ولينظر إن المتضرر من نوع الحكم هو المجرم بغض النظر عن خلفياته الدينية والقومية والحزبية، وإذا ما تعاملنا إزاء ما يصدر من القضاء العادل بهذه الروحية فنحن بخير وباستطاعتنا القول بأننا على السلم الديمقراطي ولو في مدارجه الأولى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك