علي حسن الشيخ حبيب
كنت اليوم أُتابع ( برنامج قصة أية ) الذي يبث من على اذاعة صوت لبنان، وكانت قصة الأية اليوم هي (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)، ولف انتباهي حديث المحاضر حول اقامة الخليفة عمر بن الخطاب حد الزنى على ابنه حتى الموت ..وقد سرد فضيلة الشيخ المحاضر شبهات وردود حول ملابسات الحادث وهل كان عمر في تمام وعية عندما قام بذلك ؟؟.وقال قد لفقت على الخليفة الثاني اللأكاذيب في كونه كان سكرانا عندما جلد ابنه حتى آماته !!!.
ام ان الخليفة كانت لاتأخذه في الله لومة لائم حتى وان كان ابنه !!!..
وهل ان الخليفة الثاني كان قاسيا وغليظا؟؟ ...
دفعتني تلك القصة المروعة الى عمل بحث بسيط ، ومن مصادر محبه الى الخليفة الثاني وسائرة على نهجة ومتبعة لمدرسته..اسلم عمر بن الخطاب في العام السادس من البعثة النبوية الشريفة وكان اسلامه نقطة تحول في تاريخ الإسلام والمسلمين ،وكان عمر بن الخطاب من أكثر من رووا عن النبي ،ومن اهم مواقفه المشهورة عندما قبض النبي وبلغ الخبرعمر لم يكن يصدقه وتهدد من يقول بموته بالقتل وقال أبو بكر قولته المشهورة: "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" ، وتلا الآية الكريمة: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين". فقد كان للخليفة عمر بن الخطاب ولدان يقال لاحدهما عبد الله والآخر عبيد الله ، وكان يكنى أبو شحمه...عن عبدالله بن عباس قال : (والله لقد رأيت عمر وقد أقام الحد على ولده عبيد الله (ابو شحمة) فقتله ، ثم بكى وبكى الناس من حوله وقلنا : يا ابن عم رسول الله إن رأيت أن تحدثنا كيف أقام عمرعلى ولده الحد
فقال: والله لقد أذكرتمونى شيئا كنت له ناسيا..فقال: معاشر الناس، كنت ذات يوم مع عمر بن الخطاب جالس في مجلس ، فإذا نحن بجارية قد أقبلت من باب ، فجعلت تتخطى رقاب المهاجرين والانصار حتى وقفت بإزاء عمر فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين....فقال عمر: وعليك السلام ، هل من حاجة ؟ فقالت: نعم أعظم الحوائج إليك، خذ ولدك هذا منى فأنت أحق به منى....ثم رفعت القناع فإذا على يدها طفل...فلما نظر إليه عمر قال: يا أمة الله أسفري عن وجهك...فأسفرت....
فأطرق عمر وهو يقول: يا هذه أنا لا أعرفك، فكيف يكون هذا ولدى ؟فبكت الجارية حتى بلت خمارها بالدموع ، ثم قالت: يا أمير المؤمنين إن لم يكن ولدك من ظهرك فهو ولد ولدك....قال: أي أولادي ؟ قالت: أبو شحمة....فقال عمر: وكيف ذاك ؟ قالت: يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي فوالله ما زدت عليك حرفا ولا نقصت: يا أمير المؤمنين كنت في بعض الايام مارة في بعض حوائجى ، إذ مررت بحائط لبنى النجار، فإذا أنا بصائح يصيح من ورائي ، فإذا أنا بولدك أبو شحمة يتمايل سكرا ، وكان قد شرب عند نسيكة اليهودي، فلما قرب منى تواعدني وتهددني وراودني عن نفسي وجرني إلى الحائط فسقطت وأغمى على ، فوالله ما أفقت إلا وقد نال منى ما ينال الرجل من امرأته ، فقمت وكتمت أمرى عن عمى وجيراني، فلما تكاملت أيامى وانقضت شهوري وضربنى الطلق وأحسست بالولادة فوضعت هذا الغلام فهممت بقتله ثم ندمت على ذلك، فاحكم بحكم الله بينى وبينه....
قال ابن عباس: فأمر عمر مناديه ينادى ابنه ....
فأقبل الناس يهرعون ثم قام عمر: يا معاشر المهاجرين والانصار لا تتفرقوا حتى آتيكم بالخبر!!!.
ثم خرج وأنا معه، فنظر إلى وقال: يا ابن عباس أسرع معى، فجعل يسرع حتى قرب من منزله فقرع الباب فخرجت جارية كانت تخدمه، فلما نظرت إلى وجهه وقد غلبه الغضب قالت: ما الذى نزل بك ؟ قال يا هذه ، ولدى أبو شحمة هنا ؟ قالت: إنه على الطعام.....قال ابن عباس: فرأيت الغلام وقد تغير لونه وارتعد، وسقطت اللقمة من يده....
فقال له عمر: من أنا ؟ قال: أنت أبى ...
فقال عمر: فإنى أسألك عن شئ إلا أخبرتني....
قال: يا أبة لا أقول غير الصدق....
قال: هل كنت ضيفا لنسيكة اليهودي، فشربت عنده الخمر وسكرت قال: يأبى قد كان ذلك وقد تبت؟؟
قال: هل دخلت ذلك اليوم حائطا لبنى النجار فرأيت امرأة فواقعتها ؟فسكت الغلام ، وبكى ولطم وجهه...فقال: يا أبى كان ذلك والشيطان أغواني وأنا تائب نادم....فلما سمع عمر ذلك قبض على يده ولببه وجره إلى المسجد....فقال: يا أبه لا يعصمني على رؤوس الخلائق حد السيف واقطعني هاهنا إربا إربا...
قال: أما سمعت قول الله عزوجل (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )، وأقر أبو شحمة بما قالتوكان للخليفة عمر مملوك يدعى أفلح....قال: خذ ابني هذا فاضربه مائة سوط ولا تقصر في ضربه....
فقال له عمر: فأنزع ثيابه اولا....
فضج الناس بالبكاء والنحيب، وجعل الغلام يشير بإصبعه إلى أبيه ويقول: أبة ارحمنى فقال له عمر: ربك يرحمك ، ثم قال: يا أفلح اضربه....فلما اوجعه ضربا قال: الامان...قال عمر: ربك يعطيك الامان...وكان الغلام ينادي : واغوثاه...فقال له الخليفة : الغوث عند الشدة...فلما ضربه خمسين قال: نشدتك بالقرآن لما خليتني.....قال: يا غلام اضربه...فلما ضربه ستين قال: يا أبى أغثنى....
قال: إن أهل النار إذا استغاثوا لم يغاثوا.....فلما ضربه سبعين قال: يا أبة اسقنى شربة من ماء !!!!!...قال:لاتشرب الماء حتى يطهرك ربك...قال: يا غلام اضرب !!...فلما ضربه تسعين انقطع كلامه وضعف.....فوثب أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من كل جانب فقالوا كفى فان الغلام سيموت؟؟..فأتى الصريخ إلى أمه ، فجاءت باكية صارخة وقالت: يا عمر أحج بكل سوط حجة ماشية، وأتصدق بكذا وكذا درهما....فقال: إن الحج والصدقة لا تنوب عن الحد، يا غلام أضرب...حتى سقط الغلام ميتا.....فقال عمر: الان محص الله عنك الخطايا....فنظر الناس إليه فإذا هو قد فارق الدنيا!!!.وضج الناس بالبكاء والنحيب....وقد ذكر الحديث بطوله السمرقندي في (تنبيه الغافلين)....
ذلك هو عمر بن الخطاب: أمير المؤمنين، الخليفة الثاني الذي نقلت عائشة في فضلة وتقواه الحديث التالي : "كان رسول الله جالساً، فسمعنا لغطا وصوت صبيان، فقام رسول الله فإذا حبشية تزمن أي تغني وتضرب بالدف والصبيان حولها، فقال: تعالي فانظري، فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله - تستتر به وهي تنظر للمغنية- فجعلت أنظر إليها، فقال: أما شبعت؟؟؟؟ فجعلت أقول لا لأنظر مكانتي عنده، إذ طلع عمر؟؟؟ فانفضّ الناس عنها -أي تفرقوا خوفا من عمر؟؟؟ فقال رسول الله إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر: قالت: فرجعت".
المصادر:-1-من فضائل العشرة المبشرين بالجنة: محمود السعيد الطنطاوي، طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة 2002م، 1423 ه ص 104,98, 105 .2- سيرة النبي: أبو محمد عبد الملك بن هشام، سلسلة كتاب التحرير بالقاهرة، ط 1384ه الجزء الرابع ص 270,269
https://telegram.me/buratha
