المقالات

نقاشات متأخرة /


حافظ آل بشارة

كلما طالت الازمة السياسية القائمة فقدت القوى المختلفة قدرة السيطرة على الظروف واصبحت مرتهنة تقاد ولا تقود وتستقبل الاملاءات من كل مكان ، وفي الشارع كلما طالت مدة الانتظار أدار الناس ظهورهم للمسميات الحزبية والكتلوية مطالبين بتشكيل الحكومة مع اختفاء حالة التمييز بين الاطراف السياسية ، يصبح الهدف الخروج من الازمة بأي شكل وبأي ثمن ، الجمهور العراقي يقلق بشدة اذا بقي يوما واحدا بلا حكومة لأنه يعيش هاجس الحاجة الى الحماية والرعاية والغطاء في مواجهة الارهاب والجريمة والفساد ولا يحس بالأمان الا في ظل سلطة قوية وذات سطوة ، مهما كان نبض الشارع وتوجهاته يجب ان لا يبقى عنصرا مجهولا عند القوى الوطنية و مؤسسات الدولة ، النظام الحالي ديمقراطي ومصير كل شخصية وكل حزب أو تيار اصبح متوقفا على قناعات الجمهور ، ولكن في هذا الوقت تعيش معظم الأحزاب عزلة عن تحولات الشارع ولا تملك معلومات وافية حول هوى المواطن وتقلباته المصلحية المشروعة الامر الذي ينتهي الى نتائج غير محسوبة حيث يسحب البساط من تحت ارجل البعض وهم لايشعرون ، قوى وطنية مهمة تفقد مكانها في الساحة وهي غافلة لانها تستخدم مجسات غير آمنة ووجوه غير قيادية ولا ذات رسالة ، المظهر الشعاراتي الوطني السائد ديمقراطي حتى العظم لكن تعامل الاحزاب مع الجمهور سلوكيا هو تعامل استبدادي موغل في النخبوية والاستعلاء والانانية ، اضافة الى اهمال تقاليد الاستفتاء أو الاستطلاع الميداني باعتباره احد وسائل الكشف عن الواقع وتحولاته ، تفتقر القوى والمؤسسات الى دوائر استطلاع متخصصة لمعرفة التحولات الثقافية والسياسية ، كما انها تجهل معطيات الاستطلاع وكيفية تدخلها في التخطيط الاستراتيجي ، التحول الديمقراطي لم يرافقه تحول في ثقافة النخب وقد ادى الانغلاق الى ايجاد هوة بين تلك النخب والجمهور ، وهناك قوى كانت تصنف ضمن المعارضات العريقة ذات الاطار الاديولوجي النقيض لرؤية الليبرالية وفكرها والمثير لمخاوف الغرب ، لكن تلك القوى اعطت تنازلها الاول بسهولة عندما قبلت العيش بلا مشروع والتغريد داخل السرب الامريكي ، ثم اعطت تنازلها الثاني والأخطر عندما قررت الدخول في صراع على السلطة مع اقرب الشركاء ، وفي المرحلة الثالثة بدأت عوامل الانهيار من داخل البيت تتفاعل بقوة واصبح جميع المنافسون التقليديون يراهنون على الوباء الداخلي ودوره في قتل المصاب ويكتفون بالانتظار ، ثم بدأت ذاكرة الجمهور تتنكر لأسماء كبيرة وتواريخ مثيرة وتعطي الاولوية لعملية اختراع الحل بغض النظر عمن سيقوم بذلك ، هناك حالة جديدة يبدي فيها الناس تحت وطأة البلاء استعدادهم للعيش بدون مرجعيات حركية ، يفترض ان لا تمر هذه التحولات بدون قراءة ، ومن لا يقرأ احداثا بهذا المستوى من الاهمية والرمزية فهو ضالع بعملية تتويج الفشل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو موسى
2010-07-21
تحليل رائع ويعمق فينا الهاجس االذي نشعر به. نقرأ ذلك مع امنيات ان نكون نحن مخطئين. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
باقر
2010-07-19
لا تنقصك الجرأة ولا الشجاعة لتقول وتعرض قناعاتك..تعرضت لمواضيع في غاية الاهمية من خلال عدة اسطر,وأديت اكبر قدر من المعاني بأقل عدد من الكلمات..لكنك كنت(موغلا بالرمزية).ولقد تمنيت منك أن تضع النقاط على الحروف وتكون واضحا للجميع..ولكني ألتمس لك العذر,فقد لا يسمح بنشر مقالك.يبقى أن نأمل جميعا أن يقيض الله تعالى من يقرأ هذه الاحداث ليتعامل معها بمسؤولية.بارك الله فيك ودمت موفقا.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك