حافظ آل بشارة
أخيرا تأجلت جلسة مجلس النواب الجديد اسبوعين ، وحتى قبل ساعات كانت جميع الكتل العراقية تجدد اعلانها الحرص الكامل على التوقيتات الدستورية و احترام الدستور ، اذا كان الجميع يحترم التوقيتات الدستورية ويقدس الدستور فمن الذي كان السبب في تأجيل الجلسة اسبوعين ؟ هذا سؤال صغير يجر وراءه اسئلة كبيرة ، هناك ظواهر غريبة تدور تفاصيلها في البيت العراقي المظلم الغامض الذي تسمع فيه اصوات غير مألوفة ، فكل كتلة سياسية تشعر انها مهددة من قبل اعداء يطاردونها في الظلام ، الجميع مطاردون خائفون مطلوبون فمن هو اذن الذي يطاردهم ، كان العراقيون يتصورون وجود تدخل أمريكي سري للغاية يدير الأزمة بذكاء امبريالي صهيوني توسعي في الظلام ويتعمد اختلاق التأخير وسوف يعلن الحل المثالي فجأة ، لكن اتضح ان الامريكيين مثلنا يراقبون ما يجري بقلق ويشعرون أن أحدا يطاردهم واصبحوا الآن يقفون في صف المنتظرين، عندها بدأ العراقيون يتصورون وجود تدخل ايراني يحيك خيوط الحل في الظلام ويطاول ويماطل من باب المكر والخداع ، ولكن لوحظ أن من يوصفون بأنهم اصدقاء لايران انقسموا واختلفوا وتفرقوا واصبحوا هم وايران يقفون في صف المنتظرين للحل ، وبعد سقوط الافتراضين الامريكي والايراني بدأت التخيلات تتجه الى ما يسمى بالتيار العروبي البعثي التكفيري ورموزه ومن اسرج وألجم وتنقب ، هو الذي سحب البساط من تحت ارجل الامريكيين والأيرانيين وهو الذي يطارد الآخرين في الظلام لكن بعد حين شوهد رموز هذا التيار وهم يستجدون الحلول ويبحثون عمن يمد لهم يد الصداقة ثم يقفون منتظرين الحل في الصف الوطني ، الصف الوطني لم يعد دالا على الذين يقاتلون صفا كأنهم بنيان مرصوص ، بل هو صف لمن يقفون في المصطر السياسي حائرين مرهقين ينتظرون حلا ، والغريب ان الذين يقفون في هذا الصف هم عبارة عن جميع القوى الوطنية العراقية بتنوعها الطبيعي والمنتحل وجميع العواصم الاقليمية والعربية والعالمية ، جميع الاطراف ترى نفسها مخلصة ومؤمنة وبريئة ومظلومة وتقف في صف الانتظار للحل الذي سوف يأتي من المعرقلين الذين لا يراهم احد ! تتسع الاسئلة حول البيت العراقي المرعب المظلم الذي يعيش جميع سكانه مطاردين خائفين وجميع جيرانه متوجسين منتظرين ، مادام الجميع هكذا فمن المسؤول عن هذه الظاهرة الغريبة ، هل هي قوة غير مرئية تحتل البيت وتطارد ساكنيه ، نعم هي قوة خفية لكنها ليست عفاريت أو شياطين بل هي عبارة عن رذيلة قوية جدا تنطلق من اعماق كل فرد اسمها (حب الهيمنة على الآخر) لا يعترف أي طرف بوجودها ، لكنها تنطلق وتتجمع لتشكل قوة هائلة شبحية تستهدف الجميع وتطاردهم ، وعندما يقف الجميع منتظرين الحل فهذا معناه ان كل فرد قد هزم تماما أمام قوة (حب الهيمنة) المنطلقة من داخله ولن يستطيعوا التغلب على هذه القوة لأنهم لا يعترفون بوجودها .
https://telegram.me/buratha
