عباس المرياني
سوق الدجاج مكان بائس في مدينة الصدر منطقة الاورفلي يجتمع فيه وقت الاصيل وفي حرارة تموز اللاهبة كسبة العتيك من المواد والاثاث المنزلية لعرض بضاعتهم باسعار تفاضلية بعد ان يحصلوا عليها بثمن بخس او بطرق غير مشروعة.ويمتهن هذا العمل شباب ورجال بمختلف الاعمار وقد يكون من بينهم من يحمل شهادة البكالوريوس او المعهد او الاعدادية اضطرته صعوبة الحياة وعدم توفر فرص العمل في دوائر الدولة الى ان يكون بائع متجول يطرق الابواب ويحمل كيس الخبز اليابس على ظهره.والعلاقة بين سوق الدجاج (بالاسم فقط) ومئات المليارات المهدورة علاقة طردية فكلما كثرة المليارات المهدورة كلما ازدهر سوق الدجاج وكلما قلت المليارات المهدورة كلما انكمش سوق الدجاج وهذه لاتحتاج الى شرح وتفصيل لكن للتوضيح فقط حيث تتمثل تجليات ذلك بانه كلما ازدهرت حركة الاعمار والبناء كلما ارتفعت القوة الشرائية للفرد وازدادت فرص العمل وانقرض الباعة المتجولون واندثر سوق الدجاج وربما حتى سوق مريدي سيء الصيت.ولم يكن المواطن البسيط يعلم قبل اليوم حجم الاموال السنوية التي تخصص كموازنة مالية استثمارية او استهلاكية او يفكر بمعرفة قوة ميزان المدفوعات للبلد او القوة الشرائية للفرد وهل هناك فائض او عجز .اما الان فاصبح المواطن على اطلاع بحجم الموازنات المالية السنوية التي يتم تخصيصها لكنه يجل موارد صرفها.وقد ذهل الشارع العراقي للخسائر الكبيرة والهدر المتعمد في المال العام بعد التصريحات الاخيرة التي اشارة الى ان ما تم صرفه خلال السنوات الخمسة الماضية بلغ اكثر من ثلثمائة مليار دولار وهو مبلغ كبير لا يوازي ماحصل عليه المواطن من خدمات واعمار ورفع للمستوى المعاشي.لان مبلغ بهذا الرقم الكبير كان بامكانه ان يغير الكثير من ملامح الدولة العراقية البائسة لو انه استغل بصورة صحيحة ولاصبح العراق اليوم بعيدا بمسافة شاسعة عن وضعه المأساوي المتردي والمقارب لاسوء دول العالم على الاطلاق والتي لاتملك غير الحروب والصحراء والجهل والصومال الاقرب الى الواقع.ان هدر هذه المليارات بصورة فوضوية دون ان تلوح في الافق بادرة اجراء تحقيق جدي من اجل الوقوف على موارد صرفها ومن الجهات التي قامت بهذا الصرف يجعل المتتبع امام خيارات الهدر المنظم لاموال البلد من اجل ابقاءه على ما هو عليه الان.ان العقل والمنطق تحتم على الجهات المسؤولة القيام بتحقيق شفاف وجدي لمعرفة اسباب تخلف البلد رغم المليارات المهدورة والاعلان عن الجهات المسؤولة حتى تكون عبرة لغيرها في قادم الايام.سيبقى سوق الدجاج شاهد عصر على بلد كلما كثرة امواله كلما زادة نسبة الفقر والجهل والحروب فيه
https://telegram.me/buratha
