المقالات

الوزارة الممزقة ... ثقافياً !!


-صقرالقريشي / بغداد

أثارني البيان او النداء ان صح التعبير الذي وجهه الوكيل الاقدم لوزارة الثقافة السيد جابر الجابري وفيه ناشد موظفي الوزارة بمختلف مراتبهم ومواقفهم ان يتحملوا مسؤوليتهم الاخلاقية والتاريخية للتصدي للانتهاكات والتجاوزات واستغلال المناصب في وزارتهم في ظل الفوضى والظروف الصعبة للوطن الجريح حسبما جاء في البيان ، ولأن غالبية موظفي وزارة الثقافة هم من الفنانين والاعلاميين والكتاب والطبقة الواعية في المجتمع فأن تلك المناشدة تمثل انعطافة حادة وخطيرة في مسيرة هيكل اداري أسس بعد 2003 ليتولى تنظيم وترتيب الشأن الثقافي العراقي الذي كان يخضع برمته تحت سطوة الدولة وحزبها الواحد بالكامل ، وعانى من عملية غسيل الدماغ والتسييس المبرمج للاعلام وتوجيهه حسب ارادات الحاكم ومزاجه الكثير الكثير من المثقفين واصابة البقعة السوداء مناطق وشخصيات متعددة من الجسد العراقي الابيض ولازال رذاذها راكداّ هنا وهناك يأبى الخروج بالرغم من كل مستحضرات التطهيروالتنظيف الثقافي التي استخدمت ، أضافة الى الانهاك والاعياء الذي مرَ به الشعب ونخبته المثقفة في عملية الترويض البشعة التي مارسها النظام وأعداء النظام أيضاً قبل السقوط المخزي له في 9/4 ، كل ذلك يتطلب بناء مؤسساتي ثقافي جاد ورصين وصادق كي يداوي بعض الجروح ويصلح ما أفسده الدهر والنظام في النفوس والمسيرة الثقافية للبلد ،ولكن ما جاء في الاعمام والبلاغ الصادر عن السيد الجابري شكل صدمة مدوية لكل الاماني والاحلام بنهوض ثقافي جديد وتنمية ثقافية حديثة نظيفة بمعناها ومحتواها ، هو كشف لالبس فيه عن صراع مرير وقاس بين أقطاب الوزارة ( الوزير، وكلاء الوزير، المفتش العام ، المدراء العامون ) والواضح انه ليس بالجديد بل مضى عليه فترة طويلة من الزمن ولكن غطت عليه المجاملات وقواعد اللعبة السياسية ، ولكن يبدو ان الطرف الاكثر تضرراً من هذا الصراع اللا- ثقافي قد طفح به الكيل ولم يعد التحمل على السكوت ، فنشر الغسيل المتسخ جداً او بعض منه لوزارة اسمها يثير الهيبة (الثقافة ) حيث الناس البسطاء اذا ارادوا اضافة التكريم على خطيب ابنتهم قال عنه بلهجة التفخيم (فلان مثقف ) .... وبالتأكيد ان ما كشف عنه السيد الوكيل الاقدم ينم عن جرأة غير اعتيادية لم نعهدها في وزارات اخرى ، لان تلك المعلومات ليست بالقليلة وما فيها يتطلب التحقيق والمحاسبة ، والسيد الجابري يتحمل وزراً من تلك المحاسبة لسكوته طوال هذه الفترة عن الوضع المزري لواقع الوزارة ، وعند العودة لخطاب المصارحة المعمم على كادر الوزارة ، نجد فقرته الاولى تشير الى نوع من الدفاع عن اتهام وجهه السيد الوكيل (طاهر الحمود) الى السيد الجابري حول ما يسمى ب( مجمع الشهداء) وحكاية هذا الموضوع وكما عرفناها من مصادر موثوقة ، ان ابناء ناحية الفهود في افقر مناطق الناصرية ارادوا بناء موقع صغير يلم بعض فعالياتهم ويكون ملتقى لمن اراد ان يستنشق الثقافة الحرة بعد عقود من الاستبداد ، فاستعانوا بالسيد الجابري في عام 2008 الذي سهل لهم تخصيص الارض من البلدية والحصول على بعض التبرعات الشخصية ، دون ان يكون لوزارة الثقافة أي دور مادي عدا الاشراف الهندسي أثناء عملية البناء ...ولاندري السر وراء أثارة موضوع ليس له علاقة بالوزارة أصلاً ، لأن الفقرات التالية في البيان أدهى وأمر ، فقد اتضح ان السيد الوكيل بالوكالة طاهر الحمود يسكن على حساب الوزارة ببدل أيجار يقدر بعشرات الملايين من الدنانير العراقية الغائبة عن فقراء البلد ويستلف من حسابها مائة مليون دينار بل ويقتني قطعة أرض بالمنصور الله يعلم كم قيمتها ، ثم يصرح السيد الجابري في نهاية الفقرة بأنه لايسكن على حساب الوزارة ( فهو يسكن في مجمع المنطقة الخضراءكغيره من المسؤولين) ولم يستلم قطعة أرض ، وهو بالتأكيد لايملك شبراً من (مجمع الشهداء )مفجر المشكلة ، وكل ما سبق يتطلب تحقيقاً واقعياً وصريحاً ...الفقرة الثانية كانت اشبه بالشكوى والتظلم من تجريد السيد الوكيل الاقدم منذ فترة وعلى مراحل من تسعة مواقع مركزية في الوزارة كانت مرتبطة به من قبل السيد الوزير، وعدها في سياق الحملة المستمرة لتهميشه وتطويق دوره الثقافي والسياسي ، ولاندري هل يمكن لوزير ان يلغي مكانة وصلاحيات وكيل أقدم مضى عليه سبع سنوات في الخدمة بهذا الشكل المبسط وبجرة قلم ، الا توجد ضوابط وأسس ومرجعيات ادارية عليا يمكن الرجوع اليها ، وهل من البساطة أقامة دعوى كيدية ضد الوكيل الاقدم وان تمر مرور الكرام دون ان يتخذ السيد الجابري أي أجراء لاعادة الاعتبار لمكانة الوكيل الاقدم كموقع وظيفي ولمكانة الدولة التي يمثلها .. وهذا يقودنا الى الفقرة الكارثية في الموضوع كله ، فالسيد الجابري يعزو السبب في كل هذه الاجراءات التعسفية ضده الى كشفه في آذار 2009 عن مذكرة الاعتقال الصادرة بحق السيد عقيل المندلاوي مدير عام العلاقات الثقافية في الوزارة لتورطه بجريمة تهريب الآثار العراقية ، والكل يتذكر مقدار الضجة والبلبة الذي أثاره هذا الاعلان في الاعلام حينها وما بين نفي وتأكيد تم انهاء هذه القضية كغيرها من القضايا التي تطال المسؤولين العراقيين الى الضبابية دون تحقيق واضح وصريح يعطي كل ذي حق حقه ،، ويوجه السيد الجابري في المقطع الاخير من الفقرة الرابعة أتهاماً مباشراً الى السيد المندلاوي والى اقطاب في الوزارة لم يسمهم بتكوينهم تجمع مافيوي له مصالح مشتركة وروابط مريبة لتحقيق غايات غير مشروعة غرضها التأمر والافساد هذا ما يفهم من مجمل الفقرات الواردة في الاعمام ............بالرغم ان الوقت الحالي من عمر الحكومة هو أشبه بالزمن الضائع في المباريات ولكن ما أثاره هذا البيان من ألم وحسرة لدى المثقفين والمواطنين على واقع الثقافة المخزي ووزارتها ( وربما ما خفي كان أعظم ) بستدعي تحرك الجهات العليا ( مجلس الوزراء،النزاهة ، مجلس انضباط موظفي الدولة ) لتطويق تلك الفضائح الثقافية واستدعاء الجميع بلا استثناء للتحقيق والمسائلة وكشف النتائج علناً حتى يتبين الحيط الابيض من الاسود في هذا الزمن الثقافي الاعور ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك