المقالات

(الشخصنة) أمة تعيش بالمقلوب /


حافظ آل بشارة

كلما اندلع حريق في صريفة التفاهم الوطني سمع المتفرجون على الحريق بكاء وشكاوى تدور على السنة الضحايا وهم يقولون : انها الشخصنة ، انها الشخصنة ، ثم يظهر رجال من ذوي القمصان النظيفة على الشاشات ليقولوا : نعم ، نعم ، كل الذي يصيبنا سببه الشخصنة ، فيبادر احد المتحاورين وقد انتفخ في رقبته وريد بلون ازرق فاتح فيشير الى المتحاور الآخر بيد مرتعشة غضبا ليقول له : انتم اهل الشخصنة ولسنا نحن ، فيرد عليه الآخر وهو متوتر : احترم نفسك انتم اهل الشخصنة ، كثير من الناس يتفرجون على هذا الحوار وهم لايفهمون بدقة ماذا تعني (الشخصنة) وبسبب مشكلة الكهرباء ربما يتصور البعض ان الشخصنة محولة عاطلة ، أو بارجة لتوليد الكهرباء مشتراة بصفقة فساد وهي لا تعمل ، لكن في الحقيقة هذا المصطلح يعني مصائب اكبر من مصيبة الكهرباء والماء والفساد والبطالة والارهاب والفقر والكفر ، انه يعني تنشيط العادات الاستبدادية للساسة تحت مضلات ديمقراطية ، وفي العالم العربي يتواصل الفشل في معظم مجالات الحياة بسبب الشخصنة اي هيمنة الحاكم الفرد المغلفة بالشعارات ، كان العرب يتصورون ان اطلاق حرية تشكيل الاحزاب وتنافس الاحزاب على السلطة والتعددية والانتخاب ستؤدي الى اختفاء مرض الشخصنة ، ولكن التجربة الديمقراطية في لبنان والعراق افرزت حقائق محزنة فقد اتضح ان الالتفاف حول الشخص هو من تقاليد المجتمع العربي ، وهو وباء مستوطن مثل اسهال الزحار ، أو مثل بقعة زفت تحت شمس تموز كلما القيت عليها مزيدا من التراب ساحت وانبثقت من جانب آخر ، الاحزاب في العالم العربي تعمل في البداية بشكل جماعي ثم ينحني مسارها يوما بعد آخر لتقع في فخ الشخصنة فيتحول الحزب الى حاشية لتقديس الامين العام ، فبدلا من استخدام الآليات الحزبية في الانفتاح على الشعب وتعزيز الديمقراطية يصبح الحزب وسيلة للشخصنة وحمايتها والترويج لها ، التاريخ الشرقي تغلب عليه سيرة الملوك وليس سيرة الامة ، وقراءة التاريخ بوعي تثبت ان جميع القرارات المدمرة في التاريخ هي قرارات فردية وليست جماعية ولأنقاذ الامة من الشخصنة ينبغي التفكير بحل جذري وهو جعل الامة تشعر بأن سلب شخصيتها اهانة ومخالفة صريحة لنظرية الحقوق الانسانية وهي قادرة على تجاوزها ، واذا قبلها الناس عن طيب خاطر ستكون الشخصنة نتيجة وليست سببا في المعضلات ، هناك منهج يحاول تقسيم الشخصنة الى شخصنة ايجابية وأخرى سلبية خلافا لمعطيات الواقع الدالة على خطرها في الحالين وكونها نهجا متخلفا غابرا لا يمكن معه تحقيق أي هدف ، تزداد المشكلة تعقيدا عندما تأتي الديمقراطية معلبة ويتم تطبيق آلياتها خالية من روحها ، فتسفر التجربة عن سلم معكوس يسير بالمقلوب : اختصار الأمة في حزب ، ثم اختصار الحزب في شخص ، ثم يصبح قرار الشخص كارثة على الأمة يجب ان تتقبلها بصمت .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد العراقي
2010-07-03
كلام جميل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك