المقالات

مبادرة الشعب الدرس الاقسى


/ حافظ آل بشارة

هل اصبحت حركة الاحتجاج الجماهيري مفردة اضافية في دائرة الصراع السياسي في العراق ؟ هذا السؤال بدأ يطرح في الداخل والخارج ، وكانت الصورة التقليدية لعراق ما بعد نظام صدام أن القوى السياسية المختلفة المشارب والتوجهات كانت تتولى التفكير والعمل نيابة عن الجمهور الذي انتخبها ، والناس بين ساخط وراض ومصدق ومكذب لائذين بالصمت ينتظرون ان يمن عليهم خطباء الوعود بحل لمشاكلهم الكبيرة ، وبقيت الساحة مقسمة بين الاطراف السياسية التي بدت وكأنها تتاجر بالثقة الممنوحة لها من قبل الناس الذين يتوقعون ان يبقى الحكام الجدد رمزا لرحمة الديمقراطية ذات الاجنحة الملونة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولامن خلفها ، ولكن صورة الملائكة راحت تتآكل في اجواء التلكؤ والفشل والاهمال ، ويتفق الجميع على ان صورة النخبة السياسية في سنة 2010 هي الاكثر تآكلا وتشوها عما كانت عليه في السنوات الماضية ، بدأ الشك والشعور بالغضب عندما اكتشف الرأي العام أن قائمة جرد المنجزات الحكومية للسنوات الاربع الماضية لم تسجل تقدما ملحوظا في أي مجال من المجالات ، بينما ازدادت فضائح الفساد بكل انواعه ولم يجد الفاسدون من يسألهم : من اين لكم هذا ، في هذه السنة قرر المواطن العراقي ان يخرج عن صمته ويرفع صوته عاليا معبرا عن غضبه ، دخل الجمهور الى ساحة القرار السياسي من باب واسع هو باب المعاناة من حر الصيف ، ابسط مطالبة يوجهها الجمهور الى النخبة هي المطالبة بتقاسم التبريد ، فالمواطن يطالب بحصته من التبريد في مواجهة الجحيم الراهن ، ولا يمكن ان تكون هذه النعمة حكرا على السياسيين ، وقد جرب الناس التظاهرات السلمية في المحافظات وقد اثمرت عن استقالة وزير الكهرباء ، لكن الوزير عندما استقال اطلق تصريحا غير متوقع فلم يقل انه استقال بسبب فشل وزارته في اعادة الكهرباء ، او ردا على الفساد المنتشر فيها ، أو احتجاجا على عدم تعاون الحكومة بل قال انه يستقيل احتجاجا على فقدان الشعب العراقي لصبره ! والواضح ان الوزير لا يقصد ذم الشعب وما بين السطور يعني ان الرجل قلق من دخول الشعب الى ساحة القرار من باب التظاهرات ويعلم ان هذه مجرد بداية وان المؤسسات الفاسدة لن تستطيع العيش في مثل هذه الاجواء ، لذا استقال عارفا بأن هؤلاء الناس لم يعد أحد قادرا على أن يثرد معهم بعد اليوم ، ويبدو ان صبر سبع سنين لا يكفي وزير الكهرباء ، وقد ادت استقالة الوزير الى تشجيع الناس على الاستمرار في استخدام الاحتجاجات السلمية ووضع حد للصمت ، خاصة وأن الحكومة بدأت تحركات سريعة لحل المشاكل وهو دليل على خوفها من التظاهرات ، من المتوقع ان تتطور هذه الممارسة فيتظاهر الشارع مجددا اذا استمرت مشكلة تشكيل الحكومة ، ستكون التظاهرات الغاضبة استفتاء مفتوحا على صلاحية وشرعية القوى السياسية العراقية المتصدية للعملية السياسية ، لأن تظاهرات التنديد بالقوى السياسية الحاكمة يحمل معاني مخالفة تماما لتظاهرات التأييد في الانتخابات ، فما بين السابع من آذار وأواخر حزيران حدث تحول مهم ، تصدع خطوط الثقة بين النخب والجمهور ، الاهمال الشامل وتوقف الحياة ، ظواهر مقلقة تضع الجميع امام مسؤولياتهم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك