المقالات

الشراكة لن تحمي المفسدين؟


حافظ آل بشارة

المشهد العراقي اليومي حافل بالاشكاليات المستعصية وهي تهز قوما ادمنوا الابتلاء لكن الملفات مغلقة الى اشعار آخر ، كل من حاول فتحها اقتربت من عنقه كماشة حماة الفساد فتراجع وانزوى ليتلو عن بعد تصريحات قوى الاعتدال أي قوى المهادنة مع اخطبوط الفساد الذي يمد اذرعه في كل مكان ، التعاطف الحكومي مع مآسي الناس ممنوع حتى اشعار آخر ، الفقراء ومن لامعيل لهم يتعرضون للسرقة الرسمية بين الحين والآخر فتأتي منحهم البسيطة المخجلة متعثرة ، فوضى في الاسماء وفوضى في الصرف ، اكثر اللصوص انحطاطا هو سارق منحة الايتام ، مناطق شاسعة بلا ماء يشرب اهلها من المبازل او من ماء اختلط بالمجاري فاصبح بقاؤهم على قيد الحياة دليلا على المعجزة ، مرضى اصاباتهم صعبة العلاج وهم بحاجة الى عمليات جراحية خارج البلد ينتظرون مبادرة حكومية لانقاذهم من الموت فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر في بلد المليارات التي لاتنتهي ، ملايين الشباب ينامون تحت مضلة البطالة ينتظرون الفرج الذي لا يأتي بينهم عدد كبير من خريجي الكليات يقفون في مصطر العمالة باحثين عن عمل الى جانب اخوانهم الاميين والفاشلين في الدراسة . هذه المعاناة الجهنمية المطولة هي التي جعلت الناس اكثر تحضرا وأدق رؤية وأشد غضبا في فهم موضوع الحكومة وتشكيلها فلم يسألوا كثيرا عن رئيس الوزراء المقبل ومن يكون ومن أي عشيرة بل يسألون عن برنامج الحكومة المقبلة وماذا ستقدم للاهالي ؟ في هذه الايام العصيبة يبدو الانتظار اشد وطأة على الفقراء والجياع والمرضى ، يقفون في دائرة الآلام ولا يجدون صوتا حكوميا يواسيهم ولا مسؤولا كبيرا او صغيرا يذكر مأساتهم ، انه ليس فراغا سياسيا بل فراغ انساني عاطفي ، في ظل الديمقراطية اذا انشغلت الحكومة في شؤونها فالاعلام الوطني لاينشغل بل تبقى معالجاته الجريئة والشجاعة مفتوحة ويبقى الصوت المطالب بمصالح الشعب مدويا ، دور الاعلام الحر عندنا انتهى تقريبا لأن حكام العراق الجديد فطنوا الى خطر المؤسسة الثقافية والاعلامية الجديدة ودورها الناقد والتصحيحي والذي يكمل المهمة الرقابية لمجلس النواب والدوائر المختصة ، مراكز الفساد السياسي اسقطت اسطورة الاعلام الرقابي الذي يشكل سلطة رابعة باستقطاب الاعلاميين المعتادين على مدح الحاكمين وتلميعهم ضمن صحافة البلاط التقليدية ، جعلوهم في مراكز التوجيه واستبعدوا الاعلاميين والمثقفين الذي انجبتهم تجربة المعارضة وكانوا مطلوبين لدى اجهزة النظام السابق ويرون انفسهم اندادا للسياسيين وكان متوقعا ان يشكلوا سلطة رابعة في العراق الجديد تراقب وتنتقد وتعترض . مؤشرات الحدث السياسي الراهن في العراق تثبت عودة الاحزاب الى لغة الوسطية والاعتدال والتفاهم والتوافق والشراكة ومصطلحات أخرى تعرف عليها الناس طيلة السنوات الاخيرة ، وتثير مثل هذه الكلمات مخاوف في كل مكان ، فهي تعني اقتسام المواقع الذي ترافقه صفقات مخلة لا ينتقدها أحد ، مثل غض النظر عن حالات : فشل ، اختلاس ، فساد متعدد الاشكال ، جريمة مؤكدة ، أوامر اعتقال ، اطلاق سراح مجرمين ، السكوت عن مجتثين ، وغير ذلك ، هذا المنهج ادى الى أن يتحول بعض النواب الى قادة للارهاب من تحت قبة البرلمان ! وبعض كبار الموظفين تحولوا الى فاسدين محميين ، هنا تتضاعف اهمية المؤسسات الرقابية والاعلام ، فالتوافق مطلوب والصفقات جائزة الا اذا تحولت الى اداة لمكافئة المطلوبين ومخالفة القوانين ، وبهذه الطريقة تسود الازدواجية في الواقع الحكومي فالاعلام المهادن يتحدث عن المنجزات ، بينما تتحدث الاخبار الخاصة عن واقع متعفن خلف الكواليس ولا يذكره احد . المؤسسة الاعلامية الرقابية هي الغائب الوحيد عن الساحة ، وهناك مفترق جديد هذه الايام فأما ان تختفي هذه المؤسسة نهائيا فتريح وتستريح ، وأما ان تعود بقوة لتتحول الى سكين في خاصرة الفاسدين ليبدأوا التفاهم معها بلغة الكاتم المعروفة وهو أسهل الحلول .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
army
2010-06-13
الايبوكس وهو من اقوى المواد اللاصقة في العالم وهو شيء ليس بغريب لكن الغريب ان تكون الشركة المصنعة له سويسرية على الرغم من اشتهار سويسرا بمصارفها العالمية العملاقة التي تحتوي على المليارات من اقوى العملات الاجنبية واثمن الودائع في العالم. الرباط في الموضوع هو العنوان يااخي عندما يلتصق البعثي بالعمة فانه يكون اقوى من الايبوكسي. وما اقصده بالعمة ليس العمامة الجليلة والتي حفظت كرامتنا بل الذين لبسوها خداعاً ونفاق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك