( بقلم : المحامي طالب الوحيلي )
أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حين اقر قانون الإجراءات التنفيذية لتكوين الأقاليم في الجلسة الرابعة عشرة لمجلس النواب العراقي في فصله التشريعي الثاني ،بعد ان جرت قراءة له من قبل لجنة الأقاليم وقد ظهر على ما يبدو للجميع اتفاق مسبق بين معظم الكتل البرلمانية الرئيسية على إقراره بعد ان تم تعديله وبالشكل الذي يرضي تلك الكتل من ذلك تحديد مدة سنة ونص لبدء العمل به ،وهي مدة طويلة قياسا لاصدار قانون اعتيادي ،ومع ذلك تنصلت الكتل المعارضة عن تعهدها السابق ووقفت موقف الضد من اقرار القانون الذي يعد في ظاهره وجوهره تنظيما اجراءيا لنصوص الدستور العراقي في مادته المرقمة 118 والمواد التي تليها حيث تنص (المادة (118)على : يسن مجلس النواب في مدةٍ لا تتجاوز ستة اشهر من تاريخ اول جلسةٍ له، قانوناً يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم، بالاغلبية البسيطة للاعضاء الحاضرين.
فيما تشرح المادة 119 حق تكوين الاقاليم ومعيار ذلك كما يلي: يحق لكل محافظةٍ او اكثر، تكوين اقليمٍ بناءاً على طلبٍ بالاستفتاء عليه، يقدم بأحدى طريقتين:اولاً :ـ طلبٍ من ثلث الاعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم. ثانياً :ـ طلبٍ من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.
فيما تنص المادة (120) : يقوم الاقليم بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض مع هذا الدستور.اما المادة ( 121)فانها وضعت الحقوق والواجبات المناطة بتلك الأقاليم وهي :
اولاً :ـ لسلطات الأقاليم، الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لإحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصاتٍ حصرية للسلطات الاتحادية.
ثانياً :ـ يحق لسلطة الاقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.
ثالثاً :ـ تخصص للأقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الإيرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها. رابعاً :ـ تؤسس مكاتبٌ للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والإنمائية. خامسا:ـ تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم، وبوجهٍ خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم، كالشرطة والأمن وحرس الإقليم.
مما تقدم نجد ان قانون الإجراءات التنفيذية لم يكن غريبا عن الدستور العراقي الدائم الذي وضع أمام الشعب الذي استفتى عليه واقره بممارسة ديمقراطية فريدة من نوعها عبر تأريخ العراق والمنطقة ،فما الذي جرى لكي تنبري الكتل الداخلة في العملية السياسية والمؤسسة للدستور والمقرة له بدليل اشتراكها الفعلي في البرلمان وفي الحكومة لكي تقف هذا الموقف المتشنج والغير مسئول من قانون إجرائي لا يزيد او ينقص من الدستور شيئا ،فضلا عن انه مصداق لمسيرة العملية السياسية التي يراقبها المواطن العراقي باغلبيته المطلقة والذي وضع كامل ثقته بممثليه الذين لا يمكن لهم خذلانه مهما كانت التوافقات والمزايدات ،وهو بذلك يدفع أغلى الأثمان من حرمانه المستمر من متطابات الحياة التي كانت محل رغباته واحلامه لتتحول الى نزف دائم للدماء العراقية بفضل قوى الارهاب وحواضنها العلنية التي ضعفت امام جبروتها الادوات القانونية لكي تلجمها مادامت تتنعم بتلك الحماية والحصانة الغريبة من لدن بعض الانظمة العربية ومن القوات متعددة الجنسيات في الوقت الذي تجرأت كثيرا فينام احد ابرز رموزها تحت اكناف ملوك دول الجوار العربي مشعرا الشعب العراقي والعربي بامتداد فاضح للارهاب ودعاماته الى عمق يهدد بالخطر الفادح على العراق ،حتى تجرأت قوى الارهاب كثيرا لتعلن قيام دولتها الاسلامية على غرار الطالبان على امتداد محافظات الانبار وتكريت والموصل وديالى وبغداد وجزء من الحلة وكركوك وواسط ،والحقيقة المؤلمة هي ان معظم تلك المناطق واقعة تحت هيمنة القتلة من التكفيريين والصداميين وهي حصينة عن ان تنال منها السيادة العراقية شيئا ،هذه حقيقة يعرفها كل مواطن عراقي ،وهي لم تأت نتيجة ضعف ابناء شعبنا وقواه المتصدية فعلا للدفاع عن مصير ومستقبل البلاد ،وقد خبروا تجربة معارضة النظام البائد برغم جبروته وطغيانه وهم يعلمون يقينا ان ساحة جهادهم لن تنتهي مادام ايتام النظام العفلقي مطلقي اليد ومادامت تلك القوى شاخصة بوسائل القتل تتحين الفرص للانقضاض على مشروع العراق الجديد ،وقد كشف الواقع زيف النوايا لحلفاء الامس وشركاء اليوم امام المنافع الشخصية ونكران مظلومية الشعب العراقي .
لقد طلعت علينا لك الوجوه المقنعة عبر وسائل اعلام تاجرت بدماء الشعب ،وعرفت نواياها الخبيثة منذ تبنيها للبيانات والشعارات الارهابية التي طالما اخفت وراءها جرائم ذبح ارتكبت باسم الاسلام ليكون ضحيتها كل من بارك بسقوط الطغاة ،وتطاع علينا هذه الايام معلنة قام دولته الظلامية العنصرية متحدية كافة دعاوى الوحدة الوطنية ومتنافية مع الرغبة في بناء العراق الموحد ،وبذلك فهي تمثل فضيحة سياسية كبرى (على وصف الشيخ جلال الدين الصغير) بعد أن طال حديث هؤلاء كثيراً حول حرصهم على وحدة العراق ونعتهم للآخرين بانهم يريدون تقسيم العراق، وهي بنفس قدر الروح الانفصالية التي فيها، تحاول ان تبرز الوجه القذر للطائفية السياسية التي يعتمدونها.ورأى سماحته: بأن هذا الطرح الانفصالي هو ما سعت إليه الجماعات التكفيرية ومن معها من مجاميع الطائفيين منذ البداية، وان المتسبب باعمال القتل الطائفي والتهجير على الهوية قد بدا واضح المعالم مع هذه الدعوة التي دعت إليها المجاميع التكفيرية عبر حلفها المعلن بينها وبين مجاميع طائفية أخرى، منوّهاً بأن هذه الدعوة ستساعد كثيراً على عزل هؤلاء وفضحهم أمام من صدّق للوهلة الأولى بهم.الاخبار التي تبثها الجزيرة بين حين وآخر تؤكد منها الظهور الملثم لاحدهم وهو يخاطب شيخه اسامة ابن لادن متهما اياه بالخاطئ في فرض البيعة لابي ايوب المصري خليفة للزرقاوي وعدد (ابواسامة) سقطات ابو ايوب في العراق في الشريط الذي بثته مؤسسة تدعى «كلمة حق» على الإنترنت.
وقال في الشريط الذي يتعذر التأكد من صحته «شيخنا اسامة بن لادن، انك اخطأت في اختيار الامير، ونأمل في ان يصلك كلامنا والا يخفيه عنكم بعض ممن حولك لكي تتخذ القرار المناسب وتحل بيعة التنظيم في العراق ونحن ابناؤك لم نقصر في قيادة الحرب والجهاد».واضاف (ابواسامة) الذي عدد سلسلة من «انحرافات» الفرع العراقي لتنظيم «القاعدة»: «اذا سكت فلن نسكت، فقفل الفتنة مفاتيحها بيدك فأما ان تقفلها او تفتحها».وعدد هذه «الانحرافات»، منها «زرع العبوات في المنازل والمدارس والمستشفيات ومطاردة المسلمين من اهل السنة في لقمة عيشهم ورزقهم، وتصفية العلماء والائمة والخطباء».
وقد التفتت العشائر العراقية في الانبار الى حجم هذه الكارثة حين اعلنت تصديها البطولي لهذه الزمر ومحاولة طردها من هذه المحافظة التي فقدت الكثير من ابنائها على يد الارهابيون الذين لادين لهم سوى تكفير الجميع واستباحة دمهم وامواله وأعراضهم.
والسؤال المهم للكتل المشاركة في البرلمان هو متى تتوقف عن اتهام الائتلاف بدعوة تقسيم العراق ،وان ترى من بدأ بالفعل بذلك ،وان تعلن حملتها الصادقة في التصدي لقوى الارهاب بكل اشكاله مادام يرغب بتقسيم العراق الى دويلات متناحرة لا اساس لها من الشرعية القانونية او الدستورية ،وان تتبرأ من تلك القوى لاجل ان تكون شريكا مؤتمنا تحت قبة البرلمان والا مع من تكون هل مع الشعب وحكومته المنتخبة ام مع الدولة الطالبانية الجديدة؟!!
https://telegram.me/buratha