المقالات

حرب المياه

1847 00:03:00 2006-10-18

( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )

يكاد يجمع المحللون الستراتيجيون وخاصة العسكريين بأن الحروب التقليدية التي وقعت بين الدول منذ اندلاع الحرب الكونية الاولى وما تبعها من حروب وحتى نهاية الحرب الكونية الثانية لم تحمل معها ابادة الجنس البشري بمكوناته المعروفة(الشيوخ-النساء-الاطفال-الشباب)بل اقتصر الدمار على المقاتلين في جبهات القتال بالدرجة الاولى وبعض الاضرار التي اصابت المدنيين وهذا لا يعني ان مرتكبي ومسببي هذه الاضرار هم ليسوا مجرمي حرب بل ان اغلب القادة الالمان بعد انتصار الحلفاء على دول المحور قد سيقوا الى محكمة العدل الدولية في لاهاي بأعتبارهم مجرمي حرب.

هؤلاء الستراتيجيون يعتقدون ان اخطر الحروب التي يمكن ان تسبب كوارث انسانية لا يمكن تفاديها هي(حرب المياه)فالماء هو اساس الحياة كما اكد ذلك القرآن الكريم: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَي}.فالماء لا يمكن لاحد او حكومة او دولة او محور او تحالف ان يمنعه عن الآخرين فهو هبة الله لعباده وأساس حياتهم وما يتعلق بعيشهم ولولا توفر الماء لما بقي سكان الكرة الارضية على قيد الحياة، من هنا يحذر المحللون العسكريون الستراتيجيون من ان حرب المياه هي الاعم والاشمل فكل المخلوقات من بشر وحيوان ونبات يتأثر بها وتؤثر في بقائه وديمومته فالأضرار التي تسببها هذه الحروب-لاسمح الله-هي اشد بكثير من حروب الجبهات.

من هذه المقدمة نريد أن نصل الى ان العديد من الدول تتقاسم الثروات المائية حيث تمر الانهار في اكثر من دولة وكانت هذه الدول قبل الانفجار الصناعي والتطور التكنولوجي تعاني من مشاكل الفيضانات وخاصة بعد ذوبان الثلوج إلا ان هذه الثورة وهذا التطور اسيء استخدامه في عالمنا اليوم حيث بدأت الدول تنشئ السدود العملاقة وتقيم البحيرات الواسعة معتدية على حصص الآخرين خاصة الدول التي تنبع من أراضيها الانهار مما يسبب هذا الاعتداء الى تصحر ملايين الهكتارات من الاراضي المزروعة في الدول التي تتشاطأ مع دول المنبع الامر الذي يضر ضرراً بالغاً بأقتصادها وزراعتها وحتى تركيبتها السكانية حيث من المعروف ان الكتل البشرية غالباً ما تقيم مدنها على ضفاف الانهار.

العراق من هذه الدول التي تتشاطأ مع دول اخرى حيث ينبع دجلة والفرات من تركيا مروراً بسوريا ثم العراق ثم الخليج العربي، فخلال الثلاثين عاماً الماضية بدأت دولة المنبع تقيم سدوداً عملاقة وبحيرات ضخمة استأثرت باكثر من 50% من حصص سوريا والعراق وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد العراقي والزراعة العراقية وحتى على التركيبة السكانية وأصبح العراق الذي اطلق عليه سابقاً(ارض السواد) اصبح اليوم يعاني من التصحر بسبب هذا المنع ومصادرة حصته من المياه.

لا نريد أن نذكر بالمعاهدات والاتفاقيات التي وقعها كل من العراق وسوريا مع دولة المنبع(تركيا) فهي كثيرة ومتعددة ومستوى الالتزام بها ضعيفاً لذلك نرى من الضروري ان لا تتمادى تركيا بحربها هذه ضد جيرانها وأن تستفيد من نصح المحللين الستراتيجيين لان حرب المياه لو وقعت-لاسمح الله-فستكون حرباً كونية ثالثة اوسع وأشمل بأضرارها من كل الحروب السابقة.

ان زيارة السيد رئيس الوزراء العراقي الى تركيا قد وضعت في جدول اعمالها هذه المسألة وكلنا أمل في أن تساهم تركيا في استقرار وأمن المنطقة وعدم الاستئثار بالماء على حساب الشعوب المجاورة لها، فالكل يسعى لاستخدام التطور الصناعي والتكنولوجي لخدمة بلاده والعراق لا شك يتطلع الى ان يستفيد من هذه الثروة في بناء مؤسساته الخدمية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك