المقالات

اهل الخير مهددون بالانقراض


حافظ آل بشارة

لدينا عبارات جاهزة مثل المعلبات يتقاسمها الكتاب والمتحدثون يشجبون بها الظواهر السلبية في المجتمع ، في اغلب الحالات يتركز جهد دعاة الاصلاح على استعراض المشكلة واهمال السبب ، و سواء كانت المشكلة ثقافية او اقتصادية او سياسية يجب دراسة الجذور والخلفيات التي تقف وراءها ، وبشكل عام يعتبر وجود أي ظاهرة سلبية تعبيرا عن غياب عنصر ايجابي من عناصر الحياة ، فعندما يغيب الامن المعاشي يهيمن على الضحية شعور بالفقر حتى لو كان مكتفيا آنيا ، وعندما يغيب الامن الجسدي يسود الخوف ولم يعد الانسان قادرا على تذوق جمالية المكان والانشداد اليه ، وعندما تغيب الامانة وتحل الخيانة يسود الشك في العلاقات الاجتماعية ، يشكو المجتمع العراقي حاليا من ضعف الروح التطوعية ، ويلمس الفرد يوميا ضعف الميل التطوعي عنده وعند الآخرين ، وتراجع رغبة تقديم الخدمة الخيرية ، عندما تسود روح التطوع يصبح عاديا جدا ان ترى مجموعة مواطنين يعملون سوية لتنظيف مساحة ارض وسط الحي وتحويلها الى حديقة ، او تنظيم مجموعات حراسة لحماية المنطقة في ظروف طارئة ، او الاتفاق على تهيئة تكاليف علاج لمريض فقير ، ما زال المجتمع الاهلي العراقي يقدم امثلة نادرة في العمل التطوعي ، لكن تلك الروح تراجعت كثيرا في ظل الاوضاع الراهنة ، واصبح من الصعب على الخيرين ان يقدموا مشاريع عمل تطوعي ، احدهم قاد حملة بين الجيران لاصلاح مجاري العمارة التي يسكن فيها ، فبادر الى استئجار العمال وشراء الانابيب واكمل المشروع واراح الساكنين من مشكلة صعبة عجزت عن حلها دوائر البلدية وقد دفع الاجور من جيبه ثم قدم ورقة الى الساكنين تتضمن المصاريف وحصة كل منزل منها ومن مجموع عشرين منزلا قرر ثلاثة عدم دفع المبلغ مع انهم قادرون على دفعه بحجة انهم لم يكلفوا الرجل بالمبادرة ، وقد ادى هذا الموقف الى انهاء حالة الحماس وحب المشاركة والتعاون التي كانت سائدة بين سكان العمارة ، الظروف التي مرت على العراق بسبب الارهاب والجريمة المنظمة والفوضى الامنية ادت الى تمزق الكتل السكانية العريقة في المدن التي اعتادت على تقاليد معينة والتي تعتبر مثالا في العمل التطوعي والتكافل ، وادت تلك الظروف الى تغلغل سكان جدد غرباء في النسيج الاجتماعي للاحياء القديمة التي تعتبر مستودعا للقيم الاجتماعية ، ومن لايؤمنون بالطبقية الاقتصادية يؤمنون بالطبقية الثقافية التي تتأثر احيانا بمستوى الدخل ونوع المهنة ، منطقة تتسم باطار اخلاقي وقواعد في العلاقات الاجتماعية تميزها عن غيرها ، حي تغلب فيه العلاقات الاجتماعية المنضبطة والسلام والهدوء والتفاهم والثقة ، وحي آخر مشهور بالمشاكل والنزاعات ، وحي يكثر فيه البطالون وقطاع الطرق والسقطة والقتلة ، وعندما يحدث الاضطراب الاجتماعي لاي سبب من الاسباب ينتقل بعض سكان الاحياء المعروفة بالفوضى ليسكنوا في احياء محافظة فيؤدي وجودهم الى ارباك نمط الحياة اليومية في الحي وتخريب علاقاته وثوابته الاخلاقية بما في ذلك تدهور الروح التطوعية في اوساط المجتمع ، تدهور الميول التطوعية يؤدي الى اثقال كاهل الحكومة وشغلها بأعمال صغيرة وتبديد الجهود ، كمثال في حي من الاحياء التي تهدمت بنيتها الطبقية بسبب الفوضى الامنية لوحظ ان بعض الناس يتسابقون على سرقة حاويات الزبالة من الشارع وتحويلها الى ملك شخصي واستخدامها لخزن الاطعمة في المنزل والاعتزاز بها كأحدث مبادرة حواسم ، والغريب ان هذا الحي نفسه كان اهله يبادرون في سنوات سابقة الى مساعدة الامانة على تنظيم الشوارع وغرس الشتلات وتوزيع حاويات النفايات ، اوضاع الاهالي في هذا الحي تغيرت بعد ان غزته موجة من الراحلين القادمين من احياء معروفة بالفوضى والتخلف ، هذه المشكلة الخطيرة مثال واضح على الخلل الذي تقع مسؤولية اصلاحه على المجتمع وليس على الحكومة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كميل التميمي
2010-06-01
حسنت ال ابشاره لكن الحكومة ملزمه كذلك في نشر الوعي من خلال وسائل الاعلام وحث الناس على العمل التطوعي والنظافه والله وضع مخزي ولا يستحي كبار وصغار ساستنا من رئيس الى وزير من منظر الاوساخ ولم اسمع رئيس وزراء او وزير بلديات او صحه يتحدث عن نضافه او مدير بلديه يبدوا ان الوساخة سمة العراق الجديد وانصحهم ان ينظفوا قلوبهم قبل الشوارع
محمد أبو النواعير
2010-05-31
احسنت استاذنا العزيز , ووالله هذا هو ما حصل لمحافظة النجف _ على سبيل المثال _ عندما قام صدام الكافر متعمدا بتهجير واعدام اهلها الاصلاء , وأسكن بدلهم مئات الالاف من اراذل خلق الله من اراذل ابناء الجنوب _ اجل الله الخيرين من ابناء الجنوب _ فلذا ترى النجف كانت ولا زالت في صراع مجتمعي مستمر مابين الوافدين عليها _ والذين هم صنيعة صدام وأذنابه _ وما بين اهلها الاصلاء , وأحيطك واحيط القراء الكرام علما : أن هؤلاء الوافدين الى النجف , مكنهم صدام , ولا زالو , من جميع الاجهزة الامنية والاقتصادية والوظيفية , ونجح في اقصاء وحرمان اهلها الاصليين الشرفاء , وذاك لموقف اهل النجف الاصلاء من صدام , هذا الموقف الذي يعرفه القاصي والداني , لذا فأن مستوى الجرائم والقتل والسرقات مستوى كبير جدا في هذه المحافظة , الا أن الذي يجري ان ( حاميها : يكون دائما أبن عم او قريب , او من نفس عشبرة , حراميها )
محمد أبو النواعير
2010-05-31
احسنت استاذنا العزيز , ووالله هذا هو ما حصل لمحافظة النجف _ على سبيل المثال _ عندما قام صدام الكافر متعمدا بتهجير واعدام اهلها الاصلاء , وأسكن بدلهم مئات الالاف من اراذل خلق الله من اراذل ابناء الجنوب _ اجل الله الخيرين من ابناء الجنوب _ فلذا ترى النجف كانت ولا زالت في صراع مجتمعي مستمر مابين الوافدين عليها _ والذين هم صنيعة صدام وأذنابه _ وما بين اهلها الاصلاء , وأحيطك واحيط القراء الكرام علما : أن هؤلاء الوافدين الى النجف , مكنهم صدام , ولا زالو , من جميع الاجهزة الامنية والاقتصادية والوظيفية , ونجح في اقصاء وحرمان اهلها الاصليين الشرفاء , وذاك لموقف اهل النجف الاصلاء من صدام , هذا الموقف الذي يعرفه القاصي والداني , لذا فأن مستوى الجرائم والقتل والسرقات مستوى كبير جدا في هذه المحافظة , الا أن الذي يجري ان ( حاميها : يكون دائما أبن عم او قريب , او من نفس عشبرة , حراميها )
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك