المقالات

الخذلان الاعلامي وأصوله


حافظ آل بشارة

كلما حدثت كارثة جديدة او انتشرت شائعة تذكرنا دور الاعلام في الحياة وكيف يكون الحامي والحرامي والقاتل والمقتول والحصان والعربة وكيف يمكنه ان يحذف الخط الفاصل بين الجلاد والضحية ليظهرهما بثوب واحد ، انه القوة الناعمة القادرة على أن تفعل المستحيل وتقلب الموازين ، يبدو ان قوى الاصلاح والتغيير في منطقتنا العربية متفائلة بأمكانية تجييش القوة الاعلامية الناعمة وتحويلها الى اداة للثورة بصناعة رأي عام يؤمن بالتغيير ثم ينتقل من الايمان النظري الى المساندة العملية ثم يتحول من المساندة الى المطالبة ، ثم يتم استخدام الآليات الديمقراطية لانجاز المرحلة الاخيرة ، في بعض البلدان اراد كثير من الثوريين الجدد الذين يمكن تسميتهم بزعماء القطاع الخاص تجريب هذه اللعبة ، أي صناعة راي عام اصلاحي تغييري تبشيري للديمقراطية واخواتها من شعارات المرحلة ، ولكن فوجئ القائمون على اللعبة بذلك البرود الجليدي الذي واجه به المواطن العربي التيار الاعلامي الحر وموضوعاته ، لم يفتقر الاعلام الجديد الى القدرات الاقناعية بل يفتقر للسمعة الطيبة لأن القوى الاصلاحية في العالم العربي استخدمت الاعلام نفسه الذي كان يشتغل لصالح الحكام وكان فاقدا للمصداقية وتوجه اليه تهم مخلة بالشرف ، المواطن العربي يعتقد ان وراء كل طاغية شاشة او جريدة او بوقا بشريا ، فالاعلام صنع الحكام المستبدين وزين لهم اعمالهم ، وسحر أعين الناس ، وقام بتلميع صور قبيحة واستوفى حصته في دم الضحايا وجراح المنكوبين في كل حملة ، الاعلام مسؤول عن اطالة اعمار انظمة حكم متجبرة ، وأنعاش جلادين كانوا في عداد الموتى ليجعلهم ملء السمع والبصر ، الجمهور العربي يقول بأنه لايثق بالاعلام الا اذا عمل في نقل الاغاني والتمثيليات والمسرحيات اما ان يتحول الى ناصر للامة وقضاياها بعد ان كان بوقا للحكام مئة سنة فهذا ما لايصدقونه ، لايصدقون بأن تستخدم هذه الادوات الملوثة لعمل الخير ، وهي ثقافة عجيبة ، يرون كل ماينشر في الصحافة هو كلام جرايد لا اعتبار له حتى تثبت براءته فالاتهام هو المقدم ، على الاعلاميين اقناع الجمهور العربي بأن حقبة تأريخية جديدة بدأت الآن فتحول الاعلام بوسائله التقليدية الى اداة لخدمة الشعوب وقضاياها في منطقتنا بعد خدمة مطولة في البلاط الاستبدادي ، ولابد من توضيح الاسباب التي جعلت الحكومات الديكتاتورية والعصابات الارهابية حتى هذه اللحظة تمتلك وسائل اعلام قوية ومكلفة وقادرة على غسل الادمغة و شراء ضمائر الاعلاميين وتجنيدهم ، الجمهور العراقي من اكثر شعوب المنطقة بغضا لوسائل الاعلام الخبرية لانها شريكة في الارهاب اليومي والجريمة المنظمة ، وتتزعم حركة التلفيق والكذب وقلب الحقائق ، ولا يستغرب العراقيون من الاعلام العربي الذي انتقل بكل فخر من خدمة الديكتاتورية الى خدمة الارهاب والجريمة المنظمة بتقاريره التي تستعرض آخر مجزرة ترتكب في العراق لنرى كيف يجري القاء اللوم على الضحايا وتجريم المقتول وتخوين الضحية واغفال القاتل وتقديم شهادة زور متواصلة حول الجريمة ، المؤسف ان الاعلام الذي يخدم الحكام الظلمة والعصابات الارهابية تغدق عليه الاموال والضمانات والامكانات والحماية القانونية ، اما الاعلام الذي اراده الاصلاحيون الجدد اداة لخدمة الشعوب وقضاياها فهو اعلام فقير مطارد مطوق خائف ، لاتمويل ولاحماية ولا ضمانات ، حكومتنا في بغداد اسهمت في اضعاف الاداء الاعلامي المناصر للامة والمساند للعملية السياسية ، تسامحت في كل فقرات العمل التنفيذي عدا خصخصة وسائل الاعلام فقد كانت لسوء الحظ دقيقة وامينة ووطنية جدا ودستورية جدا في تطبيقها لنجد المشروع الوطني العراقي مكشوف الظهر للطعن بلا حماية اعلامية فلا صوت ولا صورة ، عدا وسائل اعلام حزبية هزيلة وغير مهنية تشكو من الف مرض ، مشروعنا الوطني بلا اعلام فنحن كمن يوكل محاميا اخرس لانقاذه من الاعدام .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك