المقالات

بكلوريا التفكيك وعلامات الرسوب


حافظ آل بشارة

قطاع واسع من الجمهور العراقي ينتظر مباحثات مابعد الانتخابات التي تجري بين الكتل المختلفة بعض تلك المباحثات تهدف الى انجاز تحالفات جديدة مع اشقاء قدامى لتحقيق ثقل اضافي ، وبعضها تهدف الى جس نبض اصدقاء محتملين او اعداء مدجنين او اعداء تائبين ، دائرة الوطن تتسع لكل الاشكال وليس ذلك سيئا ، بل الامر السيء دائما هو عجز الشركاء الوطنيين عن التفاهم وتليين الخلافات وتمهيد السبل لتدخل الاجانب الذين يأتون مبتسمين وهم يرتدون ثياب المنقذين ، كانت الانتخابات معيارا اوليا كاشفا عن رصيد كل طرف في الشارع على افتراض ان ذلك الطرف قادر على القيام بالمهمات الوطنية الشاقة بعد انجلاء غبرة الانتخابات ، ولكن ما بعد الانتخابات عهد جديد بمعايير جديدة ، على صعيد التحالفات كانت مرحلة ماقبل الانتخابات مرحلة تجميع وتشكيل كتل ، اما مرحلة مابعد الانتخابات فهي مرحلة تفكيك الكتل لكي يتخذ كل حزب حصته جانبا ليفاوض بها منفردا وهو سياق ليس مثاليا في الحياة الديمقراطية ، من الافضل دائما ان يدرك الجميع مسؤولية النهوض المشترك التي تفرض عليهم في النهاية حفظ تحالفاتهم من الانهيار والغاء المرحلة التفكيكية لاجل مزيد من التجميع والصهر التنظيمي ، على ضوء هذا السلوك تنشأ معايير جديدة لدى الجمهور لتقييم هذا الحزب او ذاك ، من الافضل الابتعاد عن الغرور فأنه آفة التفوق ومدعاة الفشل ، ومهما كانت الحسابات الحزبية صحيحة فالعراق له وضعه الخاص وتحدياته الخاصة وجميع القوى الوطنية ذات الدور التأريخي في حياة العراق مشمولة بلعبة الازاحة والتقزيم والتطويق حتى تفقد محتواها الفكري والسياسي ثم يتم تزوير تاريخها ثم يتم طردها تدريجيا من دوائر السلطة وابعادها ورفع شعار صاخب في الخاتمة يقول لقد فشل الاسلاميون في ادارة الدين والدولة فالعنوهم وعودوا الى ما وجدتم عليه آباءكم ، هذا النموذج التدريجي من الازاحة يواجه القوى العراقية الوطنية الاصيلة ، لذا فان فكرة دمج الائتلافين الشقيقين دولة القانون والوطني انما تنبع من ارادة وطنية لتقوية محور في الساحة العراقية متماثل ومتداخل سياسيا ومذهبيا وتاريخيا ، ويعتبر امتدادا لتاريخ عراقي حافل بالعطاء والمواكبة والتضحيات لاجل مشروع وطني واضح المعالم بدأ مع بداية القرن المنصرم ، لذا من الغريب ان تحدث خلافات حول تحالف مابعد الانتخابات بين الطرفين مع كل هذه الثوابت والمشتركات ، ربما هناك تضخيم للرؤى وحسابات المكاسب المؤقتة على حساب العقيدي والستراتيجي والمصيري والمطلوب من الطرفين شطب تلك الجزئيات لمصلحة اكبر ودفع الخسارة الاكبر المنتظرة بخسارة اصغر الآن ، ولا داعي للتذكير بأن الكتلتين كانتا حاضنتين لصنع كبار الشهداء وكبار القادة والمضحين في تاريخ هذا البلد فهل من المعقول ان ينقطع الدم التضحوي في عروقهما ليتدفق دم انتهازي ؟ لاشك ان أي تعثر في البرامج الوطنية سواء مايخص منها التحالفات او مايخص تشكيل الحكومة سوف يوجد ارضية مناسبة لتدخل الاطراف الاجنبية بعنوان منقذين في اللحظة الاخيرة لنعود الى المربع الاول وتصبح المفاهيم الرنانة مثل السيادة والكرامة الوطنية والاستقلال في خبر كان ، وليدير الجمهور العراقي ظهره لكل انواع الاحزاب القديمة والجديدة ويعتبرها سببا لاستدراج الاحتلال واعادته كلما اراد الخروج ، خاصة وان الاوضاع الهشة في العراق سياسيا وامنيا ونفسيا تشجع الاجانب على التدخل بدون رفض شعبي ، وتشجع الاهالي على الترحيب بدون شعور بالحرج ، وتشجع القوى السياسية الحالية على ابتداء معركة جديدة تتضمن القاء اللوم على الآخر وتبادل التهم . لنعود بعدها نقرأ طالع البلد في ابراج البلدان المستعبدة ، ونبحث عن الحل في السماء بعد ان رفضنا التعامل مع فن التدابير العاقلة على الارض .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كميل التميمي
2010-04-25
سيبقى النملُ ذاك النمل يدوسهُ البقر==تحيا العروش والكروش والفقراء الى صقر
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك