المقالات

التحالفات بين المتغير والثابت


اكرم الثوري

قد يقال بان السياسية في اغلب تعريفاتها هي فن الممكن وطبائع الممكن هو المتغيرات والتحولات المستمرة ولكنها مع كونها تتسم بالمتغيرات المستمرة والمتسارعة لكنها لم تحرم حلالاً او تحلل حراماً كما كان يعبر شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس) بل كان يؤكد باستمرار ان العمل السياسي يعرض اصحابها الى المزالق والمآزق بسبب متغيراته وتعقيداته.ومن هنا فان الفقيه قد يجد صعوبة بالغة او عناية فائقة في عملية استنباط الاحكام الشرعية في المجال السياسي بخلاف الاستتباط الشرعي للمسائل العبادية وذلك لان المسائل العبادية ليست متغيرة وهي في الغالب من الثوابت كما انها تتوفر في كتب الفقه كما انها بحثها علماء قدامى ومتأخرون وجاءت في اغلبها جاهزة لا تحتاج الى المزيد من بذل الوسع لاستنباطها بينما المسائل السياسية فهي من المتغيرات المتسارعة والاحكام النسبية بحسب ظروف الزمان والمكان ومتغيراتهما وصعوبة استحصالها من مصادر التشريع والاستنباط كالقران الكريم والسنة المطهرة وبقية مصادر التشريع وهي غالباً ما تنتزع من القواعد العقلية كحفظ النظام العام او قاعدة "قبح العقاب بلا بيان" او اصالة الطهارة والحلية " كل شىء لك حلال حتى تعلم انه حرام" و"كل شىء لك طاهر حتى تعلم انه نجس " وهو ما يجعل الفقيه يبذل جهوداً استثنائية وتصورات اضافية لاستحصال الحكم وتحديد الوظيفة الشرعية للمكلفين.وفي هذا السياق تجدر الاشارة العابرة الى التأكيد على قضية مهمة نحاول تبسيطها قدر الامكان وهي قضية الثوابت والمتغيرات في الشريعة وهي لا تنأى بعيداً عن المتغيرات والثوابت في المجال السياسي.فهناك ثوابت لا يمكن المساس بها مهما كانت الظروف والمناسبات وهي قضايا تتعلق بالعقائد كعصمة الانبياء واهل البيت ونزاهة القران الكريم من التحريف والتزييف واصول الدين كالتوحيد والنبوة والعدل والامامة والمعاد وفروع الدين كوجوب كالصوم والصلاة والحج والزكاة فهذه القضايا لا يطالها التغيير او التعديل بينما المتغيرات في الشريعة فهي متكاثرة لا يمكن حصرها او استقصاؤها وقد تدخل في باب المباحات على سعتها.وفي المجال السياسي وطبيعة التوجهات السائدة هناك ثوابت ومتغيرات قد تتسع اكثر مما هو الحال في مجال الشريعة والعقيدة بسبب ما أشرنا اليه من اتصاف المسائل السياسية بالمتغيرات المستمرة.وعلى ضوء هذه الثوابت والمتغيرات نتحرك في افق السياسي الواسع ومن خلالها تتضح طبيعة التحالفات الجديدة التي ترتكز على اسس موضوعية لا تتجاوز او تمس ثوابتنا الوطنية والسياسية والدينية والاخلاقية.ومن تلك الثوابت السياسية هي السيادة الوطنية ووحدة العراق أرضاً وشعباً والنظام الديمقراطي والدستور والايمان بفصل السلطات وتداول وتناقل السلطة سلمياً عبر الاليات الديمقراطية في الانتخابات الحرة والنزيهة والعراق الاتحادي الفيدرالي والايمان بالمعادلة الجديدة في العراق.واما المتغيرات فهي التي تطال الاليات والتفاصيل غير المتعارضة مع الدستور ويمكن ان تتناول صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الوزراء وغيرها.فعلى ضوء هذه الثوابت تتحرك تحالفاتنا وائتلافاتنا ولا يمكن ان تشذ بعيداً عن تلك الثوابت كضمانة اكيدة لاستمرار المشروع الديمقراطي في العراق ومنع عودة المعادلة السابقة بكل ظلمها وظلامها الى الحكم.مهما تعدد ملامح وصور التحالفات ومهما حملت هذه الائتلافات من تصورات ومخططات ومهما كانت الشخصيات التي تتنافس على رئاسة الوزراء فان الدستور هو الحامي الاساسي والضمانة الاكيدة لمنع الانزلاق الى مستنقع الديكتاتورية والاستبداد والدستور وحده لا يشكل هذه الضمانة بل الرقابة النيابية الصارمة والتطبيق الدقيق لبنود الدستور.فالاساس في هذا السياق هو بناء مرتكزات الدولة الرصينة وترسيخ اركانها وليس مهما بعد ذلك طبيعة الحكومات القادمة وتشكيلة التحالفات الجديدة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك