المقالات

ساحرة تقرأ طلاسم الفوز


حافظ آل بشارة

مصباح خافت النور في غرفة موحشة مفروشة بالبسط القديمة ورائحة بخور وكتاب ضخم مصفر الاوراق فوق منضدة صغيرة من خشب الصاج الاحمر وفي الصدارة تجلس تلك المرأة الجسيمة المخيفة ذات الملامح الحافلة بالصرامة والعينين الواسعتين اللتين تخفيان شعورا بالتفوق والغرور الغامض ، نادت بصوتها الجهوري ادخلوا الرجل ، وهكذا شهدت غرفة قارئة الكف حوارا تاريخيا بينها وبين مرشح للبرلمان جاء ليقرأ حضه بعد ان خاض الانتخابات بعدة ايام كانت المفوضية تطلق اعلاناتها المتلاحقة وقارئة الكف تحاول ان تضع بصمتها على فلسفة الانتخابات التاريخية ، تتقاذف امواج القلق ذلك المرشح المغمور الذي استثمر قرابته من احد القادة لكي يبدا التسلق الى البرلمان ، قبل هذه الايام كان هذا الرجل يشن حملة شعواء على الذين يؤمنون بالسحر والشعوذة والابراج وقراءة الكف ويصفهم بالمرضى لكنه في هذه اللحظة يجلس كالتلميذ الصغير تحت هيمنة تلك الساحرة الرهيبة ، ارعبته كفها البيضاء المكتنزة التي غطست في بعض اصابعها خواتم ذهب ضخمة ذات اشكال غريبة وهي تقلب اوراق الكتاب القديم ، تفرسته بنظراتها الماكرة الفاحصة شعر ان كيانه الهزيل ينصهر تحت تلك النظرات الممتزجة بالغموض والطلاسم ورائحة البخور ، قالت وهي تصطنع الاسى : ان النجوم تقول بأن فرصتك ضعيفة ، شعر فورا وكأن سطل ماء اندلق على راسه شهق ارتبك فرك يديه حاول ان يقول شيئا فتعثرت الكلمات وخرجت حروفه معلوسة وملوثة بمرارة المفاجئة ، اعتدل في مجلسه سألها ان كان بوسع السحرة ان يتدخلوا مثلا لتغيير النتائج على يكون ثمن ذلك الانجاز الراتب الاول للنائب مثلا ، ثم اكمل بارتباك : مثلا عمل سحر او دعاء او ارسال قوى خفية للعمل ... وهنا شعر الرجل انه اسقط نفسه في مصيدة تلك المرأة المفترسة وعليه ان يستمع لتصريحاتها القادمة بمنتهى الادب والصبر ، قالت : نحن نصلح احوال زوجين يتشاجران ونحبب المكروه ونكره المحبوب ، ونكشف المفقود ونستطلع المسافر ، اما قضيتك يامولانا فهي ليست قضية فردية انها علاقتك مع شعب ويجب عمل سحر محبة بينك وبين ما لايقل عن ثلاثين الف ناخب أي مايعادل عتبة محافظتك تأتيني بأسمائهم وأسماء امهاتهم وقطع من ملابسهم وشعرهم ، ولم تتوقف بل واصلت التحدث في قضية الترشيح والانتخاب ، وخلال حديثها بدأ المرشح الخائف يشعر وكأن هذه المرأة العملاقة اللبقة المترفة القوية هي عضو في المفوضية وان لها علاقة بامور الفرز والعد ، سألها : من اين تعرفين كل هذه المعلومات ، قالت وقد بدت عليها علامات الفخر : انا اشاهد الاخبار واقرأ الصحف ، ثم واصلت خطابها قائلة : اسمع ياولدي اريد ان اشرح لك بعض الامور اعلم ان المحبة التي نصنعها بين اثنين بالسحر بامكان الانسان ان يصنعها بنفسه مع الناس بلا سحر بل بالعمل الصالح فيكسب ثقتهم ، عليه اولا ان يخدمهم عدة سنوات بدون مقابل ويحقق حضورا في اوساطهم فلا تصيبهم مصيبة الا وكان بينهم ولايفرحون بمناسبة الا وكان مشاركا لهم ، ولا تواجههم معضلة الا وكان ملاذهم ، ثم عليه ان لايتكبر فيعتبرهم جهالا وهو العليم واوباشا وهو الصميم ، وفوق كل ذلك عليه ان يكون صادقا في سلوكه غير متصنع فيعمل خيرا لرضا الله ولتلبية عاطفة انسانية نبيلة وليس لاجل انتخاب او سلطة ، ان كنت تريد السلطة فاطلب سلطة القلوب تأتيك سلطة الاجساد ، كن رئيسا لقلوب الناس بالحب ينصبوك رئيسا لشؤون دنياهم ، لاتجعل حضورك بين المستضعفين مقصودا فتغيب عمرا وتحضر شهرا ... هذه قصة واقعية بطلها صديقي المرشح المهزوم في هذه الانتخابات ، قال : قبل خروجي من غرفة الساحرة سألتها : لماذا لا ترشحين للانتخابات المقبلة لكي اكون اول من ينتخبك انا وعشيرتي واصدقائي والمترددين والوطنيين واللبراليين ، فابتسمت بمهنية بالغة ونظرت الى ساعتها الذهبية واشاحت بوجهها نحو الباب وصاحت : المرشح الثاني ، تفضل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهراء محمد
2010-03-19
قالت خرجتي من ارض كله دماء وعنف ورفعت كفي واشارت الى اصابعي الاربعة اقسم بالله في وقتها لم اعرف طول اخوتي الاربعة(ماعدا الصغير منهم كان طويل) حيث قالت اطولهم هو اصغرهم واكبرهم هو اقصرهم ولكي اثنان متشابهان في الطول واحدهم يشبهكي كثيرا.المهم ذكرت لي شيا عن العراق(هي لم تعرف ولم تذكر العراق) سوف يستمر العنف وسوف يقطع راس الافعى لكن هذه الافعى لها روس كثيرة مما ارعبتني اكثر؟؟ولم اعرف لحد هذه اللحظة من هم الرؤس الباقية والتي سوف تستمر ب......؟؟؟؟والله الااعلم  
زهراءمحمد
2010-03-19
قبل اكثر من ٢٠سنة كنت اعيش في احدى الولايات الامركية ومناخها كان مشابها الى مناخ العراق حيث اختي الصغيرة كانت حينها تدرس وفي احد الايام كنا نخرج لشراء بعض الفواكه الطازجة من المزارع المهم كانت هناك افراد اكثرهم من امريكا الجنوبية فكنت واقفة مع اختي وابني الصغير فأذا باامراة تشق الطريق ووقفت امامي! انا انزعجت قليل لكنها جرت يدي وهزتني بعنف لماذا انت هكذا انت صغيرة لماذا هذا الحزن ؟انهم رحلوا ولم يعودوا ابدا" مما جعلتني ابكي بصوت عالي حيث كنت في قمةحزني والمي لااخوتي واهلي الذين فقتهم ،قالت
زهراء محمد
2010-03-19
تحية طيبة ياأخ آل بشارة.ان كان مستوى طاقم الحكومة(الجديدة؟؟) التي تتدافع للحصول على ذاك الكرسي الذي اعتبره(اللعين)لان كل الذين جلسوا علية لم ياتوا باي خير ومنفعة للعراقيين؟!ماعدا القلة المخلصة منهم.تراهما اصبحوا من المليونيره والشعب العراقي من افقر الشعوب واتعسها؟!والبركة بالحكومة لا وافراد عوائلهم هنا يصيحوا احتلال كما سمعناه في طوابير الانتخابات حيث ردينا قسما منهم والله لو ما الاحتلال كان اباهاتكم مو بالعراق وبهيجي موقع !!المهم همومنا كبيرة وكثيرة،اقرءوالسلام على العراق انا لاامومن بالشعوذه و
عابس
2010-03-19
من اروع المقالات على الاطلاق ههههه دمت ودام مداد قلمك الرائع
احمد الربيعي
2010-03-19
ههههههههه احلى ختمه ختمتها الساحره....ياريت البرلمانيين الفائزين يقراون هذه المقاله حتى يعتبروا....اي والله كسب محبه الناس بالعمل لصالحهم ومو بشي ثاني..شكرا اخ حافظ
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك