علي محمد البهادلي
المكر السياسي ونتائج الانتخابات البرلمانية
هواجس ومخاوف مشروعة تنتاب المواطن العراقي بعد انتهاء عملية الاقتراع وقرب إعلان النتائج الأولية للانتخابات، لا غرو فالتجربة السابقة التي تلت الانتخابات سنة 2005 حاضرة في أذهان العراقيين ولا يمكن نسيانها أبداً ؛ لأنها من أقسى المراحل التي مرَّ بها العراق في العصر الحديث وأشدها وقعاًعلى الشعب ، فمن ينسى التوتر الطائفي والانفلات الأمني الذي أعقب تلك الانتخابات الذي حوَّل بغداد إلى مستنقع من الدماء ؟!مما يزيد مخاوف المواطن أن كثير من رموز تلك المرحلة موجودون ولم تطلهم ، يا للأسف ، إجراءات هيئة المساءلة والعدالة ولا قانون مكافحة الإرهاب على الرغم من انتهاء عضويتهم في مجلس النواب وعدم تمتعهم الآن بالحصانة ، وهم بدؤوا الآن برفع عقيرتهم لإعلان الحرب مرة أخرى ، وأعلنوا انتصارهم الباهر في جميع محافظات البلد ! للتمهيد لذلك . لم تكن الأحداث التي حدثت آنذاك مجرد ردة فعل عفوية أو جاءت بشكل غير مدروس ، فالقوى التي علمت بخسارتها في تلك الانتخابات هيِّأت أكثر من سلاح ، وأعدت الكثير من الأوراق؛ لاستخدامها ضد خصومها الفائزين ، واليوم تُكرِّر تلك الأطراف الأساليب نفسها ، علها تحظى ببعض المكاسب التي حظيت بها جراء التوتر الطائفي والأمني ، لا سيما المكاسب السياسية والمناصب الحكومية ، وهي اليوم بدأت بشكل صريح بتوتير الساحة إعلامياً والإيحاء بأنها الفائزة في الانتخابات بنسب تتجاوز المعقول ؛ لتُأسِّس على هذه الإيحاءات مرتكزاً يمكنها دفع الشارع بوساطته إذا ما أعلنت نتائج الانتخابات نحو الانزلاق مرة أخرى لأتون الحرب الطائفية ، وهذه الخطوات هي خطوات استباقية ماكرة تفتقر إلى أدنى معاني الأخلاقية ، إذ السياسي نتيجة مكاسب سياسية وثمن بخس "دولارات" معدودة من الدول الإقليمية يعرض بلده للدمار وشعبه للموت ، فيا للعار !! أكتب هذه السطور تنبيهاً على ما يُحتمَل وقوعه ، وأنا على علم أن الأوضاع تغيَّرت كثيراً خلال هذه السنوات الأربع ، لكن الحذر واجب ، إذ إن كثيراً من الأطراف لمَّحت وأخرى صرَّحت بأنها سوف تقيم الدنيا ولن تقعدها إذا ما جرت رياح نتائج الانتخابات بما لا تشتهي سفنها ، وهذه القوى السياسية وبالأخص البعثية منها قد هدَّدت أكثر من مرة باللجوء إلى التدمير والتفجير بعد أي انتكاسة تصيبهم ، وما التصريحات التي أعقبت استبعاد البعثيين المشمولين بقانون المساءلة والعدالة عنا ببعيد . من المؤسف أن الإعلام العربي وبعض الإعلام الغربي قد دخل على الخط ، فأخذ يصوَّر الكثير من القضايا بمشهد طائفي مقيت ، فاستبعاد البعثيين يعني لإقصاء السنة ، وفوز القائمة الفلانية أو خسارتها تعني خسارة هذه الطائفة أو تلك ، وأخذت بعض القنوات تغطي عملية الاقتراع من قبل بدئها لكنها تغطية غير محايدة ، لها أهدافها المرسومة التي تتوافق مع أجندة تلك الدول وأجندة بعض الكتل السياسية ، والغرض هو دفع بالشارع إلى التوتر ، لكن الشعب ـ إن شاء الله ـ لن تنطلي عليه هذه التأويلات الباطلة والمضللة في الوقت نفسه . آخيراً القوات الأمنية ينبغي لها أن تكون على أتم الجاهزية لأي طرف يحاول أو يفكر بتفخيخ الساحة ، وعليها أن تطبق القانون بقوة هذه المرة لأن حياة المواطنين أغلى من مصلحة هذا الحزب أو تلك الفئة ، و حتى لا يلدغ العراقيون من جحر مرتين ،على السياسيين الشرفاء أن يتوحدوا للوقوف بوجه هذه الأصوات التي بدأت ترتفع ، فهذه هي إحدى وسائل الضغط لإخافة الأطراف الفائزة ، مما يجعلها تتنازل عن تشكيل حكومة على وفق الأغلبية السياسية التي نص عليه الدستور ، وحينئذٍ سوف تخفت هذه الأصوات لكنها لن تقنع إلى أن تصل إلى مبتغاها غير المعلن في إسقاط العملية السياسية !
https://telegram.me/buratha
