المقالات

تداعيات الانهيار الخلقي

946 21:24:00 2010-03-11

حسن الهاشمي

ريثما نصل إلى أمة محصنة من تداعيات الجانب السلبي في الحضارة الغربية، والتي تبث عبر الأثير وهي متاحة للتداول والتناقل في الكثير من التقنيات التي غزتنا في عقر دارنا، نحن بحاجة إلى وقفة مسؤولة تحصن المتلقي وتوصله إلى سبل النجاة، وكما هو معلوم إن عملية الهدم أسهل مؤونة من عملية البناء، ويكفي لفيلم أو مسلسل درامي منحرف أن يقضي على أخلاقيات أسرة بأكملها ويجعلها قاعا صفصفا، لاسيما إذا ما خلت من أمصال المناعة السلوكية الهادفة، ناهيك عما يبث عبر الفضائيات من أفلام مبتذلة وحفلات ماجنة وحوارات منحرفة، الهدف كل الهدف منها سلب العفة والكرامة والإنسانية من بني البشر، وبالتالي تسييره وفق المناهج المادية المقيتة البعيدة كل البعد عن المناهج الأخلاقية التي تقوّم السلوك وتبذر في الإنسان بذور المحبة والإيثار والكرامة التي بها يحيى وبدونها تضحى حياته كئيبة رتيبة لا هدفية من مراميها ولا ثمرة من عطاءاتها وتكون عادة مبتورة بطوارق الزمان وحوادث الأيام.وما دام الموت يتربص بنا وهو ينقضّ علينا ولو كنا في بروج مشيدة، وما دام مصير الإنسان مهما بلغ من القوة والثروة والسطوة هو الموت والفناء، فإن السعادة تكمن في الأخلاق وتهذيب الروح والنفس وليس الانحراف عن جادة الصواب، وعليه إن السعادة الحقيقية في عفة المرأة والحفاظ على شرفها وكرامتها لتكوين أسرة متماسكة تتواصى بالخير والصلاح تمهيدا لبناء مجتمع متكامل يقوم على أساس العدالة والمساواة، أما السعادة التي يعولون عليها أهل الهوى، فإنها سعادة مؤقتة يشوبها القلق النفسي والانهيار العصبي ومآلها إلى اليأس والقنوط ولو بعد حين، ولاسيما إذا ابتلي الجسد وترهلت الأعضاء وخارت القوى، فإن سعادة الهوى تتهاوى حينئذ، ولكن سعادة التقوى تتسامى وتتكامل وتتألق كلما تقادم الزمان عليها، ناهيك عما يشوبها من راحة البال واطمئنان النفس، حيث أنها تستمد قوتها من قوة غير متناهية، وهي بعيدة عن مكونات المادة الفانية التي عندما تفنى فإنها تفني معها أحلام السعادة الدنيوية، ولا يبقى في الوجود وقتئذ إلا السعادة الحقيقية المبنية على الروح والأخلاق والفضائل.المدافعة الإنسانية حيال ما يواجهه من إغراءات غريزية حيوانية وما تدفعه إلى ترع الفجور حيث الجرائم والموبقات والآثام، وإفرازات عقلائية تكاملية وما تضمه من واحة التقوى حيث صيانة النفس من كل ما من شأنه الخدش بالحياء والفضيلة، هي التي تحدد مصير الإنسان في أن يكون صبيانيا في تصرفاته أو عقلائيا في الاستفادة المثلى من مباهج الدنيا دونما إفراط أو تفريط، مع ملاحظة الجانب الإنساني لتكريس الألفة وتثبيت حالة التكافل والتواصل بين أبناء المجتمع الواحد.وفي قراءة مقارنة للنظام الأخلاقي الإسلامي والنظم الغربية الوضعية التي أوجدت حالة الانقلاب على الصعيد الأخلاقي خاصة، إن الغرب اليوم يجر الويلات من حالة الانفلات الجنسي خاصة، في حين يمثل ميزان الصلاح والتنمية للنظام الاجتماعي أوجه وخصوصا عندما انحصرت بعثة خاتم الأنبياء بالأخلاق حينما قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.ولا غرو عندما نشاهد بعض الحضارات وهي متقدمة ماديا وتكنلوجيا وصناعيا، بيد إن ما يفتك بها هو التردي الأخلاقي والانهيار النفسي، وإذا ما أجرينا استطلاعا يغور في أوساط الموجة المادية، فإنها وبقرارة أنفسها تذعن حيال مقومات الأخلاق لاسيما بعد اصطدامها بصخرة الواقع المرير من جرائم وانتحار وتشرذم، وهي نتيجة طبيعية من التحلل الخلقي والعقائدي لدى المجتمعات المادية. وعندما يقف المرء على أطلال الانهيار الخلقي يرجع إلى الفطرة الإلهية السليمة التي هي الملجأ والمأوى والمآل لكل من قرر الحياة وهو شاهد على ما آل إليه الانهيار الخلقي من مآسي وويلات لا يمكن صدعها إلا من خلال الفطرة التي فطر الناس عليها حيث البراءة والجنوح نحو العطاء المادي والأخلاقي المتعادل والمتكامل والمتعاضد، وهي التي تعمل بكفاءة عالية ولا تؤثر فيها مثل تلك الترهات والانحرافات مهما بلغت وتكاثرت.وللوقوف أمام الهجمة الإباحية الغربية لابد من استنفار القوى الإيمانية في مواجهة قوى الضلال والفساد التي تريد أن تسرق هذا الجيل وتسلب هويته وأصالته، وهنا يتعاظم دور الأسرة ودور الآباء والأمهات في هذا الإستنفار الإيماني والروحي والأخلاقي والثقافي بمساندة واستنارة العلماء والخطباء والمثقفين الملتزمين، وإن غياب هذا التعاون والتنسيق يفقد البرنامج الإيماني قدرته الفاعلة في التأثير والنجاح.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك