( بقلم : علي حسين علي )
قبل ايام راجعت احدى مديريات التربية في بغداد للتأكد من صحة كلام سمعته من اكثر من صديق بأن هذه المديرية في واد والتربية في وادٍ اخر.. بالطبع لم اكن اريد ان اكتب-هكذا هي طبيعتي- عن قضية من دون تمحيص في المعلومات التي يرويها لي القراء او الاصدقاء او من يحملون همومهم الى الصحيفة معتقدين انها قادرة على مساعدتهم.
دخلت باب المديرية(…) بصعوبة لكثرة المراجعين، وتجولت في اروقتها التي ازدحمت هي الاخرى ودخلت غرف بعض(المدراء) وسألت اسئلة عابرة، ووقفت في طوابير المنتظرين لاستلام اجابة عن:هل هناك تعيين في على ملاك التعليم او لا؟ واستقصيت من بعض المراجعين عن سير العمل في المديرية، وخلاصة القول: لقد قضيت نهاراً يكاد يكون كاملاً وانا اسمع وارى واتقصى ما يجري في هذه المديرية.. وخرجت بنتيجة هي ان الاهتمام بالمواطن يأتي في اخر اهتمامات الموظفين، معظمهم وليس جميعهم، وتيقنت ان المسؤول الاول في هذه المديرية رجل يخشى الله تعالى ولكنه يعيش في دوامة، فالصراعات بين المديرين لا حصر لها، وهي صراعات في عمومها ليست في اتجاه مصلحة المواطن المراجع لهذه الدائرة التربوية.
ما لفت نظري في ذلك النهار الطويل هو ان احد المديرين قد دخل الغرفة التي كنت جالساً فيها وكأنه صاعقه ولم يترك لأحد من الحاضرين فرصة للرد على سلامه، فقد بادر زميله(المدير ايضاً) بسؤال: يافلان اين كرسيي؟!..
فرد عليه صاحبنا: انظر الى كرسيي هذا لتتعرف عليه ان كان هو كرسيك المفقود، فنظر الى كرسي زميله بتمعن وتمتم قائلاً: لا ليس هو، فلكرسيي جلد اسود ولكرسّيك قماش(بني)!.سألت المدير الثاني عن سر عصبية زميله وقصة كرسَّيه؟ فاجاب: قصة الكرسي تحتاج الى الف ليلة وليلة لتتم روايتها.. لقد جاء الرجل قبل ثلاثة ايام ليجد كرسياً آخر عتيقاً في غرفته، ولم يعجبه الامر فطلب أمن الدائرة واخبرهم بفقدان كرسًّيه الجديد، ولم يكتف بذلك وهو ومنذ ثلاثة ايام يجول على كل غرف الموظفين في هذه الدائرة ليتفحص الكراسي الموجوده فيها، لعله يجد ما فقده!.وسألته: ومصالح الناس المرتبطة به؟.فأجاب: تنتظر ريثما يعثر على الكرسي المفقود!.وسألته: هل يتقبل المراجعون الانتظار طويلاً بدون معرفة سبب تأخير مراجعتهم؟.فأجاب: قصة الكرسي اصبحت معروفة لدى معظم المراجعين.. وتصوراً ان بعضهم قد تطوع لمشاركة(المدير) في البحث عن الكرسي(اياه)!!..وسألته هل وصل الخبر الى المدير العام؟..فأجاب:بالتأكيد ولكن الرجل لا يستطيع ان يفعل شيئاً!.. وسألته اخيراً: كيف لا يستطيع وهو المسؤول الاعلى في هذه المديرية؟فأجاب: انه يخشى ثورة اصحاب الكراسي!!.
https://telegram.me/buratha