المقالات

من لم ينتخب الأصلح فلا يلومنّ إلا نفسه


حسن الهاشمي

نظرة فاحصة عما نمر به من أحداث وتطورات ونزاعات مفادها صراع محموم بين إرادتين متضادتين في الإتجاه والسلوك والنتائج، إرادة حرة يتطلع الشعب إزاءها بما تحقق له معطيات الكرامة والتطور والإنعتاق ولا تأتي هذه الأمور اعتباطا وإنما تأتي عن طريق تقوية مقومات التجربة الديمقراطية وعلى رأسها المشاركة الفاعلة في الانتخابات، وإرادة قمعية يتطلع إزاءها الحاكم المستبد بما تحقق له موجبات التحكم بمصير العباد والبلاد ولو بالبطش والقوة وهي عادة متوفرة في دهاليز المؤامرات والإرهاب والقمع لإرادة الشعوب.إرادة الحرية والتغيير والكرامة تحددها الجماهير عن طريق المشاركة الواسعة في الانتخابات وانتخاب الأصلح من بين الكتل والأفراد، القادرون على إيصالنا عبر الأمواج العاتية واللجج الغامرة في طوفان الحياة والوصول بنا إلى شاطئ الأمان حيث الاستقرار والعدالة والاستقامة والخير والبركة والتطور والرفاه، وإرادة القهر والمؤامرات والذل والهوان التعس يحددها أيضا الجماهير ولكن هذه المرة عن طريق العزوف عن المشاركة في الانتخابات أو سوء الانتخاب، بما يترك بصماته في ترك الأبواب مشرعة أمام اللصوص والمنافقين وشذاذ الآفاق من الدخول إلى وطننا العزيز وإغارة كل ما فيه من خيرات وسلب الحريات وإباحة الراقصات وإماتة الواجبات وإحياء المحرمات والدوس على كل المقدسات، وهذا ما حذّرت منه المرجعية الدينية العليا من ضرورة المشاركة الفاعلة في الانتخابات وانتخاب الأصلح لسد الطريق أمام الأفسد لئلا نصاب بما لا يحمد عقباه في يوم لا ينفع معه ندم ولا هم يحزنون. عدم المشاركة الواسعة لأبناء المقابر الجماعية في الانتخابات سيمنح الفرصة للمفسدين في المشاركة فيها أو الإنقضاض عليها وإدارة شؤون البلاد بالقمع والقهر والعدوان، وإعادة الظلم علينا من جديد حيث الإقصاء للشرفاء والتهميش للوطنيين والسجن للمؤمنين والقتل للمجاهدين والتشريد للكفاءات والتبديد للثروات، ومن أجل قطع الطريق أمام هؤلاء وحتى لا يتمكنوا من إعادة العراق إلى الظلم والتخلف، فلابد من مشاركة الجميع في الانتخابات، لكي نؤسس ونرسخ الأسلوب الديمقراطي ونبعد البلد عن شبح العنف والانقلابات العسكرية.هذه هي سنة الحياة فإن الفرص تمر مر السحاب، فمن استغلها بالخير يقطف الخير والصلاح ومن استغلها بالشر يبتلي بالشوك والحنضل، ولتقريب الفكرة أكثر وكما ذكر المؤرخون أنّ عبد الله بن عمر، الذي امتنع من بيعة أمير المؤمنين سلام الله عليه، طرق على الحجّاج بن يوسف الثقفي بابه ليلاً ليبايعه لعبد الملك قائلاً: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية» ، لكن الحجّاج احتقر عبد الله بن عمر، ومدّ رجله وقال: بايع رجلي، فبايع عبد الله بن عمر الحجّاج بهذه الطريقة.وطبيعي أنّ من يأبى عن البيعة لمثل أمير المؤمنين (عليه السلام) بيده يبتلي في يوم من الأيام بالبيعة لمثل الحجّاج وبهذا الشكل المهين، ويذكر أنّ عبد الله بن عمر كان يتأسّف على عدم بيعته لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وعدم مشاركته معه في القتال مع الفئة الباغية، وهذا موجود في المصادر، فراجعوا الطبقات لابن سعد والمستدرك للحاكم وغيرهما من الكتب.وكما نصحت المرجعية الدينية العليا الجميع ضرورة المشاركة في الانتخابات، وانتخاب القائمة الجيدة والمرشح الجيد، الذين يدافعون عن العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات لجميع أفراد الشعب العراقي، ممن تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة والأمانة والدفاع عن السيادة والمقدسات، ومن لم يفعل ذلك وينتخب الأراذل من القوائم والمرشحين فلا يلومن إلا نفسه، فيما إذا قدرت الظروف لمبايعة بغي من البغايا وظالم متهتك وهو على طاولة المنكرات يبطش ويظلم بطريقة مذلة كما حدثت لعبد الله بن عمر عندما بايع الظالم الحجاج، وحينذاك لا ينفع معها العض على أصابع الندم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك