المقالات

العراق وتنمية الموارد البشرية


المهندسة سهى زكي الكفائي

الإنسان هو هدف التنمية الشاملة ووسيلتها، وقد عانى الإنسان العراقي العديد من المشكلات بوجه اكتسابه للمعارف والخبرات والمهارات، التي كان يجب ان تتاح له على أساس الفرص المتكافئة، والعدالة في توزيعها حسب القدرات والإمكانات الشخصية للمواطنين، سواء أكان ذلك من خلال المؤسسات التربوية والتعليمية، او من خلال الدورات والبرامج التدريبية والتأهيلية.يتطلب النهوض في عملية التنمية والتطوير هذه اصلاحاً شاملاً للمؤسسات التربوية من رياض الأطفال، حتى الدراسة الثانوية، وهي من مسؤوليات وزارة التربية والتعليم على الصعيد الاتحادي، ومسؤولية المديريات العامة للتربية في المحافظات.هذه مسيرة متكاملة الأبعاد والمستلزمات، بما فيها هناك ضرورة تطوير المعلمين، والكتب المدرسية، والمباني المدرسية، وتجهيزاتها، وتحقيق نقلة نوعية في الأساليب التربوية من القديمة الى تلك المستندة الى الحوسبة ونظم المعلومات والاتصالات المتقدمة، الى جانب غرس التوجهات البحثية لدى الطلبة منذ المراحل التربوية الاولى. كما لا بد من التغطية الجغرافية العادلة للمدارس: الرياض، الابتدائية، المتوسطة، الثانوية لكل المناطق في كل محافظة، بدلاً من التركز الحالي للإمكانات والقدرات التربوية في مراكز المحافظات.يتطلب ذلك منح الحوافز المالية والمعنوية لمن يعمل في هذا القطاع، لخدمة المناطق النائية والمحرومة. لا بد كذلك من تعزيز المختبرات العلمية والمهنية والتطبيقية، لغرض تحويل التربية من الأفق النظري، الى ارض الواقع وميادين العمل. مثل هذا التوجه يستلزم من الأجهزة الحكومية المختصة توفير الطرق والمواصلات، والمنافع العامة والمستلزمات الأخرى لتمكين الطالب والمعلم من الوصول الى المدارس بسهولة.من ناحية أخرى، لا بد من الاهتمام بالمدارس الثانوية "المهنية" التي تخرّج المتخصصين المهنيين في قطاعات الزراعة، والصناعة، والتجارة والمهن الأخرى، وذلك بنسب متفاعلة مع متطلبات مزيج الخبرات والمهارات المطلوبة لتحقيق التنمية المتوازنة.اما على صعيد التعليم العالي، فان عملية التغيير هي الأعقد والأصعب. فقد غدت الجامعات والمعاهد العليا مؤسسات لتخريج الأعداد الكبيرة من الموارد البشرية بدون إعدادها بما يتوافق مع احتياجات السوق، ومع التطورات المتسارعة للعلوم والتكنولوجيا وبمستويات متدنية جداً من الاعداد بالرغم من الكفاءات العلمية المرموقة في جامعاتنا, حين ان الكثير من المجالات تحتاج الى اعادة هيكلة جذرية هي التسهيلات الجامعية والمعهدية المتاحة، ونظم وأساليب التعليم العالي والمهني، والكتب الجامعية، وتعزيز العملية التعليمية بالدوريات (المجلات) العلمية المتقدمة، والاهتمام بالبحث العملي للطلبة والهيئة التدريسية. هناك ايضاً ضرورة لإعادة هيكلة التخصصات من خلال تقليل اعداد الطلاب في العلوم الاجتماعية والإنسانية وتوجيههم نحو التخصصات الطبية، والصيدلانية، والهندسية، والتكنولوجية، والزراعية، وبنسب ملحوظة. لا بد كذلك من ربط المشكلات التي يقوم طلاب الدراسات العليا باعداد بحوثهم ورسائلهم الجامعية حولها باحتياجات المجتمع والاقتصاد الوطني وبشكل شامل ومتوازن، بدلاً من تكرار مجالات البحث، او التوجه لرسائل جامعية نظرية. ولا بد من الاشراف العلمي الرصين على عملية اعداد الرسائل الجامعية وبحوث الطلبة.من المطلوب التوصل الى النسب المستهدفة من خريجي المعاهد الفنية الى خريجي الجامعات، حتى لا تكون هناك اختلالات في الهياكل الوظيفية في المؤسسات والشركات والقطاع الخاص، واجهزة الدولة، من حيث كثرة المتخرجين من الجامعات، وقلة الأطر الفنية المساعدة لها.يرافق كل ذلك اعداد وتنفيذ خطة واسعة النطاق للبعثات العلمية للخارج، في جامعات رصينة، وفي تخصصات علمية وتكنولوجية ومهنية يحتاجها العراق، بعد ان شهد نزفاً واسعاً للخبرات والمراتب العلمية المتقدمة الى الدول الاخرى، العربية والأجنبية، يعزز ذلك بمنح حوافز متنوعة لعودة أصحاب الكفاءات الى ارض الوطن للخدمة في الجامعات والمؤسسات.واستقطاب الكفاءات العلمية المهاجرة من خلال برنامج وطني حقيقي وشامل.

المهندسة سهى زكي الكفائيرئيسة مؤسسة جوهرة الرافدينwww.jawhart.org

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك