المقالات

هاجس الفشل الانتخابي وراء الاتهام بالعمالة والتهديد بالعنف


كريم الوائلي

عند تتبع الفاعل الانتخابي في العراق نجده لا يختلف كثيرا عن نظيره في البلدان الاخرى ذات التقاليد الانتخابية الطويلة من حيث شدة التنافس والمبارات في اظهار صحة البرنامج الانتخابي وقوة كل حزب ومنجزه الوطني ، غير ان ما يميز الحالة العراقية عن غيرها هو تهافت التهم والتصريحات التي تطال المنافس الانتخابي واتهامة بالعمالة للاجنبي اوالتخرص بالثوابت الدستورية التي تمثل عند الدول المتقدمة علينا بالتجربة الديمقراطية شاخص لا يمكن الطعن فيه او خرقه ، ومتى ما حصل ذلك تثار حفيظة الرأي العام وتتهئ الدولة لاتخاذ اجراءات احترازية قد تصل الى اعلان حالة الطوارئ ، والذي يحصل الان عندنا من اطلاق التهم الجاهزة على هذا الطرف او ذاك والتطاول على المؤسسات الدستورية المصوّت عليها من قبل الشعب هو سلوك انتخابي هابط ويبرر الحاجة الى اصدار نظام يحد من التجاوز على دستور البلاد واحترام خيارات الشعب العراقي والابتعاد عن وسائل التسقيط .

وقد كشف التنافس الانتخابية عن المخفي والمستور من الاجندة السياسية المريبة والاهداف الغير معلنة لبعض الجهات كما كشفت عن سوء فهم للتنافس الانتخابي الديمقراطي او تجاهل مقصود للقانون والنظام ، وقد تفاقم هذا السلوك بعد اول تطبيق دستوري لهيئة المسائلة والعدالة حيث قامت قائمة المشمولين بها وتنادت معهم الاصوات التي كانت حتى وقت قريب خافتة النبرة وتدعي الحرص على العملية السياسية وتوحي الى الجمهور انها قد تخلصت من تبعيات النظام البائد والسلوك البعثي التآمري ، وقد افقدتها التدابير الدستورية رشدها حتى دفعت بها الى اظهار مقاصدها الحقيقية الغيرمعلنة ، و امعن المشمولون بقرار هيئة المسائلة والعدالة في اطلاق التهم المتهافتة والتي باتت تهم ساذجة وتقليدية ومثيرة للسخرية وتشف عن ضحالة وسفاهة مطلقيها ولم تعد قابلة للتسويق السياسي ، ولا سييما تلك التهم التي تفوّهه بها العاني والمطلك والتي يراد منها اهانة شعبنا وقياداته السياسية واظهارهم بمظهر القصور والتبعية متناسين انهم قد ارتموا بأحضان الاجانب مرتعبين من تطبيق القوانين وجديّة التدابير الدستورية التي لا مناص من تطبيقها على الجميع ودون استثناء ، اما المتضامنين مع المشمولين بقرارات هيئة المسائلة والممنوعين من المشاركة الانتخابية فهم ايضا قد كشفوا عن نواياهم الحقيقية وظهر زيف ادعائهم بالحرص على الدستور وما تمخضت عنه العملية السياسية وفقدوا الاحساس بالمسؤولية التي تملي عليهم الحرص الحقيقي المدعموم بالافعال لا الاقوال على امن واستقرار البلاد وسلامة العملية الانتخابية وتنقيتها من التوترات والابتعاد عن شحن الاجواء بالمهاترات والتحريض والتهديد الخطير ، وقد بلغ بالبعض ممن لا نتذكر يوما انهم قد حضروا حتى ولو لجلسة واحدة من جلسات مجلس النواب ان يطالبوا بعقد جلسات خارج السياقات الدستورية مستهدفين من وراء ذلك ، وبدفع من جهات لا يروق لها تطبيق الدستور ، مصادرت قرارات هيئة المسائلة وتصديق المحكمة التمييزية عليها وذلك استخفافا منهم بتضحيات شعبنا وبأمنه واستقراره . وتزامنا مع استعدادات شعبنا لخوض الانتخابات الوطنية العامة وفي وقت يعلن فيه افلاس الارهابيين ماليا وسوقيّا واستسلام العديد منهم للقوات الامنية وفي المناطق التي تعد ملاذا لهم ، والاعلان عن تلميحات معروفة المقاصد مصدرها جهات بعثية مدحورة وتناقلتها بعض وكالات الانباء عن نيتها بتقديم الاعتذار للشعب العراقي عن جرائمهم الارهابية ، اقول في هذا الوقت تطلق الجهات التي طالتها القوانيين المرعية الدستورية تهديدات بشن حرب اهلية وصراعات طائفية متوهمة بأن ذلك يرخي قبضة شعبنا على منجزاته والعودة بالبلاد الى اجواء الفتنة التي اشعلها التحالف البعثي التكفيري ، ويستشف من ذلك ايضا مستوى الفشل الذي بلغته القوى المعادية للنظام الديمقراطي ومستوى الخوف والهلع من العملية الانتخابية ، كما يستشف منه فشلها في مسايرة التحولات الوطنية والديمقراطية ، ونفاد مدخراتها البرامجية وتضادها مع التدابير السياسية الهادفة الى تجذير الديمقراطية وترصين المؤسسات الدستورية ، ولا شك ان بعض القوى السياسية التي رضعت من اثداء الشمولية البعثية لا قدرة لها على مواصلة العمل السياسي وفق انساق النظام التعددي واصبحت التحولات الوطنية تضربها في الصميم وعلى ذلك لا بد لها ان تمارس اجندتها التعويقية ومشاكسة العملية السياسية وذلك كونها لا مصلحة لها فيها وقد وصلت الى الطريق المسدود وتريد الان تجريب حظها في الممارسات الاجهاضية للمشروع الوطني الجديد ، وهذه ممارسات محكومة بالفشل المؤكد . ان التجاذبات بين فرقاء العمل السياسي امر مبرر اذا بنى على اسس وطنية وراعي مستجدات التحولات السياسية بأعتبار ان الفاعل السياسي لا يرتكن الى وصفات ثابتة وجاهزة انما هو فاعل يستمد متغيراته من الواقع المعيش ، بمعنى ادق ان العملية السياسية عملية حيّة تتعاطى بأستمرارمع مستجدات الواقع وان اي ترميم لها او تطوير او ضخها بعوامل الدفع الدستوري يعد نوع من الاصلاح والتقويم المستمر وهذا لا يروق لبعض الاطراف المشاركة بالعملية السياسية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك