( بقلم : علي حسين علي )
يتساءل المواطن العراقي، وهذا من حقه، عن تأريخ محدد أو حتى متوقع لانتهاء معاناته ومأساته التي يعيشها منذ ثلاثة اعوام وبضعة شهور؟ المواطن العراقي يريد أن يعرف متى يتوقف نهر الدم الجارف هذا؟ ومتى تستعيد السلطة الأمنية سيطرتها على الشارع؟ ومتى يستطيع الأب والأم أن يطمئنا بأن ابناءهما سيعودون من مدارسهم ووظائفهم واعمالهم الى بيوتهم سالمين؟ وأخيراً يتساءل : متى تتوقف السيارات والاجساد المفخخة عن الانفجار وسط الناس المدنيين الابرياء؟ والمواطن العراقي يدرك بأن مهمة الحكومة الحالية ليست بالهينة، بل إن آلاف من العقبات قد وضعت وستوضع في طريقها..من بين واضعي هذه العقبات من العراقيين، وآخرون من بلدان الجوار، وغيرهم من الأجانب الأقوياء ويدرك مواطننا ايضاً بأن الحكومة في موقف لا تحسد عليه..ولكنه-أي المواطن العراقي-يريد منها أن تنجز ما تعهدت به في برنامجها الوزاري، لأنه يعتقد بأن جميع الأطراف التي تشارك في هذه الحكومة(حكومة الوحدة الوطنية)كما اطلقوا عليها، تستطيع إن هي أدت تعهداتها أن تنجز الكثير في المجال الأمني..لكن، حتى هذا اليوم فاننا نرى بعض الأطراف السياسية التي حصلت على مواقع قيادية في الحكومة الحالية لا تبذل اية جهود فيما وضعت على نفسها من التزامات..وليس في ذكر هذا محاولة لايجاد المبررات والاعذار للحكومة أو للتغطية على بعض اخفاقها في المجال الأمني. والمواطن العراقي مع ادراكه لجسامة ما تواجهه الحكومة من تحديات فانه في أشد الحاجة إلى رؤية ما يطمئنه إلى أن الاتجاه العام يسير نحو تثبيت الأمن ولربما كان صبوراً لو رأى بصيص ضوء في نهاية النفق كما يقولون.
ربما تكون الحكومتان السابقتان معذورتين الى حد ما في فرض الأمن والاستقرار في البلاد، لأن عمرهما قصير وامكاناتهما محدودة وقاعدتهما السياسية ضيقة هي الأخرى، فلم تكن شريحة مهمة من المجتمع العراقي قد انضمت الى العملية السياسية قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وكان موقف زعامات هذه الشريحة يتهمون الحكومتين السابقتين بتهميشهم ويعزون تردي الوضع الأمني-الذي كان أفضل مما هو عليه الآن-الى كونهم كانوا بعيدين عن مركز القرار وغير مشاركين في حيثياته.الآن الأمر اختلف، فمن كانوا(مهمشين)هم فعليا في لبّ العملية السياسية، وكلامهم في أي قرار أو خطة أمنية مسموع، بل ومؤثر جداً..ومع ذلك لم تسمع من بعضهم إلا التشكي والعويل واطلاق الاتهامات وتغيير الأهداف أحيانا!.
ولو تساءل المواطن العراقي، اليوم، وبعد مرور ما يقارب نصف السنة على تشكيل الحكومة عما فعل(المهمشون)سابقاً لوقف التدهور الأمني لوجد الاجابة في الساحات العامة وفي وسط الناس الآمنيين: قنابل موقوتة، وسيارات واجساد مفخخة، فضلاً عما استجد من سلاح الكاتيوشا التي بدأت صواريخه تتساقط على البيوت في احياء عديدة من بغداد.
ولكي نكون منصفين، لا ينبغي أن نحمل(المهمشين) سابقاً المسؤولية الكاملة عما يجري الآن، فالذين كان بيدهم الأمر، بالأمس واليوم، ملومون أيضاً، ويتحملون جانباً مهماً من المسؤولية عما يحدث في البلاد من مأسٍ، بل من كوارث.
لسنا هنا في مجال توزيع الاتهامات، ولا في خانة اصدار الاحكام على هذا الطرف أو ذاك؟ وسنظل في صلب الموضوع الذي بدأنا فيه نطرح تساؤلات المواطن العراقي المحقة والتي يمكن جمعها في سؤال واحد: إلى متى نبقى على هذا الحال؟!!
وما نخشاه أن يظل هذا السؤال يتردد على ألسنة ابنائنا واحفادنا من دون ان نستمع نحن ولا هم على اجابات كافية شافية..اجابة عملية وليست كلاماً مللنا سماعه..اجابة، نرى أثرها في الساحات العامة والشوارع وامام الجامعات..اجابة، لا نسمع بعدها صوت انفجار يهز البيوت ويخلع القلوب..اجابة، يستطيع بعدها العراقي أن يسير في شوارع غير محجوزة بقطع الكونكريت، شوارع مزدحمة بالناس الفرحين.. اجابة، تعيد البسمة الى الوجوه، والاشراقة الى العيون التي نضحت كثيراً حتى جفت..اجابة تقول: ان الأمل قد حل، ولا نطمع بأكثر من ذلك.
https://telegram.me/buratha