المقالات

الموظف الحكومي واضطهاده المواطن


شاكر حسن

تتسابق الدول المتقدمة المتحضرة في العالم فيما بينها وتتنافس لتقديم افضل الخدمات لمواطنيها وبأسرع وقت ممكن وبأقل مجهود ممكن وبأقل كلفة ممكنة ان لم تكن مجانية. حيث تنعقد هناك اجتماعات دورية، قد تكون اسبوعية او شهرية، يحضرها جميع موظفي الاقسام والشعب في كل دائرة، مهمة هذه الاجتماعات هي طرح الآراء والاقتراحات التي تخدم المراجع وتسهل اموره ومناقشتها بصورة تفصيلية ليتم بعد ذلك طرحها للتصويت من قبل الحاضرين والاخذ بها بعد ذلك من قبل الموظفين.

كذلك توجد في هذه الدوائر الحكومية في هذه الدول، التي تحترم نفسها وشعوبها، اماكن مخصصة للانتظار قد تكون صالة او غرفة مريحة ومكيفة ويوجد فيها بعض الصحف والمجلات واحيانا تحتوي على القهوة والشاي ومكان مخصص للاطفال يحتوي على بعض اللعب البسيطة لهم.ويوجد عند مدخل كل دائرة حكومية جهاز بسيط يحصل منه المراجع على رقم خاص به يراجع به الموظف عند مجئ دوره، ويستقبل الموظف المراجع بكل احترام وتقدير وانسانية ويسهل اموره بأسرع وقت ممكن. وقد يحصل الموظف على بعض المعلومات التي تحتاجها المعاملة عن طريق الاتصال تلفونيا بالدوائر المعنية الاخرى.

الا ان العكس هوالصحيح في اغلب الدول العربية والاسلامية ومنها العراق. حيث ان المراجع لدوائر الدولة مهان معذب محتقر مسكين لا حول له ولا قوة، وقد يكون هذا المراجع انسان ضعيف الشخصية والارادة والمبدأ ويدفع رشوة لتمشية معاملته ضد رغبته وضد مبادئ دينه وعقيدته ، ولكنها تبرر اجتماعيا بمختلف الحجج الواهية، مما يولد له الاحباط والشعور بالذنب والخطيئة والتي تنعكس بالتالي على سلوكه وتصرفاته مع اسرته وبقية افراد المجتمع.

اما اذا اراد المراجع ان يكون مواطن صالح شريف يحب وطنه وشعبه ويعرف حقوقه وواجباته فالويل الويل له من هؤلاء الوحوش الكاسرة في بعض دوائر الدولة، حيث يعرقل الموظف معاملته لأذلاله ويجعله يكفر بكل القيم والمبادئ والساعة التي ولد فيها. واذا اراد هذا المواطن الشكوى لدى المسؤولين في الدائرة او وضع شكوى في صندوق الشكاوى، يكون المسؤول في الغالب مع الموظف ضد المراجع، لأن الموظف مدعوم غالبا من قبل الجهات العليا سياسية كانت ام عشائرية ام مناطقية.... الخ.

اما الاماكن المخصصة للمراجعين وطريقة واسلوب المراجعة فحدث ولا حرج، فهي في قمة التخلف وتفتقر الى ابسط الحقوق والمعاملة الانسانية. حيث نلاحظ في كل دائرة حكومية اكداس من البشر يدفع احدهم الاخر ويكون هذا المكان احيانا تحت الشمس الحارقة في الصيف والبرد القارص في الشتاء، وتوجد فتحة صغيرة من الشباك لتقديم المعاملة، والقوي وصاحب الواسطة هو الذي تمشي معاملته بيسر وسهولة، اما المواطن الضعيف والذي ليس لديه واسطة "يروح بالرجلين" كما يقول المثل. وبمرور الزمن تزداد الاوراق المطلوبة لكل معاملة للامعان في اذلال المراجع.

هناك ملاحظة مهمة تتعلق بسلوك وتصرفات بعض موظفي دوائر الدولة في العراق (وبقية الدول العربية والاسلامية) الا وهي تلذذ هؤلاء الموظفين بتعذيب واهانة المراجعين وبمختلف الطرق والاساليب غير الانسانية وغير الاخلاقية ومعاملتهم معاملة السيد للعبد وليس العكس ، وهم بحاجة ماسة الى علاج نفسي وعقلي لأن لديهم خلل في العقل والضمير .

ويتحمل رئيس كل دائرة حكومية القسط الاكبر من المسؤولية في توفير الاجواء المناسبة لتقديم افضل الخدمات بأيسر واسهل الطرق للمراجعين وبكل احترام وتقدير وألا عليه الاستقالة لأفساح المجال لغيره ليقوم بالمهمة المطلوبة.

كما قلت في مقالي السابق (موظف خدمة مدنية، يعني موظف خادم للمواطن) ان الموظف هو خادم اجير للمراجع، يدفع راتبه من الضرائب التي يدفعها للدولة ومن الرسوم الكمركية ومن حصته من الموارد الطبيعية في الدولة، من بترول وغاز ومعادن. لذلك على الحكومة الاهتمام بالمراجعين ومعاملتهم كمواطنين وبشر والاطلاع على افضل الطرق والاساليب في الدول المتحضرة لتسهيل اجراءات معاملتهم، وان تعمل على تغيير ثقافة المواطن ورؤيته للوظيفة التي يحصل عليها وأسس حصوله على تلك الوظيفة. فالشخص الذي يرغب في الحصول على وظيفه معينة، وخاصة في الدوائر الخدمية، عليه ان يكون مؤهلاً ولديه الاستعداد والقابلية لخدمة المراجعين.

والسؤال المطروح هنا هو، كيف يرضى من لدية ذرة من الشرف والضمير والاخلاق والدين والانسانية ان يعامل اخاه في الوطن والانسانية بهكذا معاملة سيئة؟

مع خالص احترامي وتقديري لجميع الموظفين المخلصين الشرفاء، الذين يحبون وطنهم وشعبهم والانسانية جمعاء، وهم موجودون في كل مكان وزمان ولو انهم، مع الاسف الشديد، قلة قليلة وجوهرة نادرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
صباالعمر
2010-02-13
هذا الطرح مقدم الى أناس وطنيين من الساسيين وهؤلاء هم من يسير الدولة من الفها الى يائها لكن في العراق لم يحن دور هذه الشريحة من الوطنيين لأن أغلبهم لايعمل ءالا لمصالحه ومصالح حاشيته وأنشغالهم بكيفية أيجاد اسلم الطرق لسلب المال العام وتهريبه لضمان ما ينتظرهم من المستقبل لقد سبقوا هؤلاء البعثيين وصار ماصار مصيرهم وعلى رأسهم رئيسهم عندما قبض عليه في الحفرة البائسة والقادم ينتظر المصير ألأسواء انشاء الله لهؤلاء السراق بأسم الوطنية وبأسم المظلومين وحقيقتهم ما هم ءالا عصابات عناوينهم أحزاب وكتل
محسن العتابي
2010-02-11
اخ شاكر شكراً على هذا الموضوع انا اعمل في دولة الامارات مندوب علاقات عامة من ارجاع اي دائرة حكومية مثل دائرة المرور اول ما ادخل اخذ تكت رقم وبعد ذا لك يجي دوري اقدم الاوراق المطلوبة تخلص معاملتي مرات في5 دقائق داخل قاعة مكيفة وشاهد التلفزيون الدولة هي احد اسبب في اخذ الموظف الرشوة وتعاملة الغير جيد مع المراحعين 1-بنايات دوائر الدولة عبارة عن غرفة واقسام صغيرة بعيدة عن المراقبة لوكانت قاعة كبيرة وخاضعة للمراقبة بالكامرات
كنز
2010-02-11
1-اذا كان الموظف لا يحترم عمله ولا يحترم المواطن وانه مدعوم من قبل جهه سياسيه فان هذه الجهه السياسيه تشارك في هدم العراق والتحريض علئ الفساد والرشوه وتشويه اخلاق المهنه في الاسلام 2- تطبيق القانون علئ الجميع وبدون استثناء 3- نزاهة القضاء واستقلاله 4- العدل والمساوات بين الناس 5- السارق والمرتشي والفاسد الاسلام برئ منه 6- كل من سرق من المال العام واستخدم نفوذه وسلطته في تبذير اموال الشعب فان هذا الشخص نار جهنم تنتظره
كنز
2010-02-11
الئ السيد شاكر كاتب المقال ان الدول المتقدمه تعتبر مواطنيها ثروة البلد النفيسه ويكون الموظف خادم للمواطن وليس العكس كما هو في البلدان العربيه والاسلاميه حيث المواطن هو خادم الئ الموظف وان اسباب ذالك 1-عدم تطبيق العداله والقانون 2-عدم احترام حقوق الانسان 3-انعدام اخلاق المهنه 4- الفساد الاداري والمالي والسياسي 5- المحسوبيه 6-انعدام الضمير والانسانيه لدئ بعض الموظفين 7-عدم الخبره في العمل 8- سوء الاداره حيث اذا كان رئيس الدائره فاسد فان هذه الدائره لا تنتج شيئ
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك