المقالات

التخوين.. التكفير.. ملامح قد استفحلت في خطابنا العربي

1629 20:33:00 2006-09-30

( بقلم : جمال الخرسان )

غريب.. عجيب.. مريب.. امر هذه الامة، لا يعجبها العجب ولا يروق لها الصوم في رجب ... فلا يُستثنى من خطابها التخويني والتكفيري لا الذي يقف على اول خطوط المواجهة مع اسرائيل كما لا يُستثنى من ذلك الذي لا يزج نفسه في مغامراة غير محسوبة وفقا لما يقتضيه الخطاب والمنطق العربي المتناقض، فلا حزب الله يستحق الدعاء ولا يستحق المساعدة كما ان امينه العام رجل متعصب ناهيك عن انه دخل في مغامرات غير محسوبة... الى اخر قائمة طويلة من الاتهامات يطلقها بين الفينة والاخرى اصحاب الكروش المنتفخة التي اصبح اصحابها كالبراميل المتدحرجة حتى وصل الحال بهم ان كفروا حزب الله والطائفة التي ينتمي اليها الحزب، في فتاوى يطلقها زناة الليل اسقاطا لعقد الماضي التي تنتجها الادمغة المفخخة وتنفذها الانظمة السياسية فيما يقوم الاعلام بالترويج لها واعادة انتاج ذات الخطاب العقيم.

وفي نفس الوقت لم يستثنِ ذلك الخطاب من تخلى عن شعارات السراب وامجاد انتحرت على اسوار الخيانة التي يشم رائحتها الجميع، اقصد بذلك شيعة العراق الذين تركوا جانبا ما تسميه البلدان العربية مغامرات غير محسوبة، اذ انهم مع كل ما سلف ( في وجهة نظر العديد من النخب التي تتباكى على العروبة والاسلام ) ليسوا الا خونة في التوصيف السياسي، كفرة في التوصيف الديني، وفرسا ايرانيين وفقا لمقاسات التصنيف القومي والعرقي التي ينتجها الفكر العربي، فياللعجب وياللغرابة من هذا المنطق الذي يخلط الكيك بالبصل !!! ما يثير الغرابة ان اصحاب خطاب التخوين اكتفوا مع كل ذلك التأريخ الذي حمل لغة التهديد والتنديد اكتفوا باستراق السمع لصرخات القدس وفتحوا حتى ابواب غرف نومهم للعم سام وللمؤسسات الاسرائيلية... لقد رمتني بدائها وانسلّت فاصبحت صكوك الوطنية حكرا على بعض المنتفخين من النخب العربية سياسية او دينية او ثقافية يوزعها هؤلاء وفق ما يشتهيه المزاج الذي تتحكم في بوصلته العقد، المزاج الذي لا يسير حتى على منطق او مقاس النخبة السياسية العربية نفسها فليس من المعقول ان يضع ذلك المنطق في سلة واحدة الشيعة في لبنان والعراق من الزاوية السياسية لكن النتيجة ان الفئتين معا يطالها منطق التخوين والتكفير طالما كان العنوان العريض الذي يجمع الاثنين هو انهم شيعة.

لقد بلغ السيل الزبى فقد انكشفت الاوراق ووضعت النقاط على الحروف فلماذا اذن تطلقون دموع التماسيح على العراق وانتم لا تعترفون بعروبة الاغلبية فيه فاذا كان شيعة العراق ونسبتهم لا تقل عن 60% هم ايرانيون ينتمون الى العرق الفارسي اذا ما اضفنا اليهم نسبة الاكراد التي تصل الى 15% لم يبق الا السنة العرب الذين لا تتجاوز نسبتهم 11% مع احتساب الاقليات الاخرى، فاين اي عروبة العراق يا دعاة المنطق ؟!لقد تزايدت هذه الايام الاصوات الاعلامية والسياسية والدينية التي تطعن بالشيعة، وعلى مراى ومسمع الجميع دون ان نجد استنكارا او ردعا اودفاعا من الاخرين الذي آلوا الصمت، وهنا لا اريد التوقف مع ما ذهب اليه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين العضو الكبير في مؤسسة الافتاء الرسمية في السعودية حينما هاجم الشيعة وحزب الله ودعا الى تكفيرهم وعدم مناصرتهم.

ولم يستوقفني النفاق الاعلامي الذي تتنفسه قناة الجزيرة حينما تصف الضحية الفلسطيني بوصف ( شهيد) فيما تطلق على الضحية اللبناني والعراقي وصف ( قتيل ) فربما ليس ذلك ناتج عن عقدة المذهب طالما اصبح يحرك قناة الجزيرة عصابة كبيرة من الفلسطينيين فبعد ان اصبح مدير قسم الاخبار في قناة الجزيرة الاعلامي الفلسطيني أحمد الشيخ اعتلى مديرية القناة الفلسطيني الاخر وضاح خنفر، كما لم يستوقفني اتهام الرئيس مبارك للشيعة بشكل عام بان ولائهم فقط لايران وليس لبلدانهم ولا تحذير الملك عبد الله من الهلال الشيعي، بل ما استوقفني كثيرا هو الخطا الذي يكرره بين الحين والاخر الدكتور يوسف القرضاوي ( رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ) الذي يحمل راية التقريب بين المذاهب في الضفة الاخرى والذي يصنف من جملة عقلاء القوم، كما ان العديدين من ابناء جلدتة ينظرون اليه على انه عالم متنور يهاجم غيره من العلماء لعدم مجاراتهم متطلبات الواقع المعاصر ومتغيراتة، ما استوقفني هو تحذيره من التغلغل الشيعي، وكان الشيعة وباء وخطر يهدد الامة !!!لقد اعطي هذا الرجل مساحة كبيرة في الاعلام ومنح مراكز دينية افتائية مهمة في العديد من الدول العربية لا نعلم هل يمثل ذلك الموقف وجهة نظرها ايضا ام انه يتكلم بصفة شخصية؟ وهل تتخلى عنه قناة الجزيرة التي اعطته وتعطية مساحة مهمة جدا في الاعلام؟!!! لكنهم جميعا لن يفعلوها ولو لذر الرماد في العيون، لله درّك ايها الشاعر الرائع يا احمد مطر حينما تقول: ( هذه الامة ماتت والسلام ).

وعلى هامش تداعيات هذه الازمة والتصريحات التي اطلقها القرضاوي لفت نظري بيان اصدرته الهيئة العلمية للإفتاء في المجلس العلمي الأعلى بالمغرب والذي جاء فيه: إن الأبواب أصبحت مفتوحة أمام الفتوى "يتولاها كل من هب ودب، سيما وقد صار أمرها بيد متنطعين مغرورين أساء بعضهم استخدام العلم في غير ما ينفع الناس واتخذه سلما لاعتلاء كرسي الرئاسة والزعامة العلمية فأعطى لنفسه الحق في اصدار فتاواه لأهل المغرب ونصب نفسه إماما عليهم متجاهلا ما للمغرب من مؤسسات علمية وشيوخ أعلام متخطيا بذلك كل الأعراف والتقاليد التي احتكم إليها العلماء قديما وحديثا" في إشارة إلى القرضاوي. وأكد أن "المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى الذي يتشرف برئاسته الملك محمد السادس، هو الجهة الموكول إليها النظر في الفتوى الشرعية بضوابطها وشروطها في المملكة المغربية. فالفتوى في المملكة المغربية موكولة إلى مؤسسة علمية ولم يعد بإمكان أي جهة أخرى، أفرادا وجماعات، أن تتطاول عليها".

شدني البيان، وتصورت للحظة انني وجدت جهة منصفة من عقلاء القوم .. لكن ما خيب املي هو ان الاعتراض والهجوم الكاسح على القرضاوي جاء بسبب فتوى اصدرها هذا الاخير تجيز الاقتراض من البنوك بفائدة من أجل امتلاك السكن، ولم تكن تلك الضجة على الاطلاق من اجل موقف منصف للتاريخ، هكذا ماتت هذه الامة حينما اودعت اوراقها في سلة الادمغة المفخخة.

جمال الخرسانكاتب عراقي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك