المقالات

مع السائرين في مسيرة الأربعين

845 22:01:00 2010-01-30

حيدر قاسم الحجامي كاتب وصحفي عراقي

تتواصل مسيرة الحشود المليونية السائرة نحو مدينة كربلاء في ذكرى أربعين الإمام الحسين بن علي (ع) ، الذي قضى شهيداً على يد الطغمة الأموية الفاسدة بعدما ثار رافضاً استلاب الأمة تحت لباس ديني زائف ، هذه الجموع البشرية التي تواصل إحياء طقس ديني مقدس لدى أبناء الطائفة الشيعية المسلمة امتد تأثيرها لتكون تظاهرة إنسانية شاملة بعيدا عن الانتماء المذهبي او الديني او المناطقي ، تظاهرة مليونية عفوية نظمتها ضمائر حرة عاشقة للحرية ثائرة على واقع متخلف رافضة لصراع مكوناتي تريد جهات مجهولة ومعروفة إدامته بين أبناء الشعب العراقي كي تستمر هي -أي تلك الجهات - في فرض أجندتها السياسية في السيطرة على مقدرات هذا الشعب ونهب ثرواتهِ او عرقلة مسيرتهِ الجديدة التي يحاول رسمها في إقامة نظام سياسي ديمقراطي متوازن وبناء دولة مدنية مستقرة ، ان هذه التظاهرة يمكن للمتابع للشأن السياسي العراقي ان يلحظ فيها إبعاد سياسية وثقافية مهمة ،منها ان هذه التظاهرة تعكس توجه ديني عام لدى أبناء الشعب العراقي بمختلف مكوناته وهو ما يرتب على المختصين في الشأن السياسي قراءة الواقع السياسي من هذا الإطار والتعامل على استثمار هذا التوجه نحو القيم في إرساء قواعد الفضيلة وتعزيز مسارات الحكم العادل وإشاعة العدل الاجتماعي كونها قيم دينية مترسخة وهي قواعد أساسية في تشكيل فلسفة تضمن نظام حكم مقبول شعبياً يعبر عن تواجهات واسعة وهذا لا يعني إقامة دولة دينية مغلقة بل دولة تحترم الدين وتحترم توجهات الشعب وتستمد من قيم الدين ما يعزز ترسيخ العدل ، وكذلك البعد الإنساني في طقس المسيرة الحسينية وتواجد كل مكونات الشعب العراقي بسنتهم وشيعيتهم ومسيحهم وصابئتهم بكوردهم وعربهم وتركمانهم وهذا تجمع قومي وديني يعكس رؤية شعبية ناضجة نحو تأصيل روح المحبة والتسامح الديني، وما إحداث الصراعات إلا حوادث شاذة تحاول خرق نسيج اجتماعي متماسك لايمكن ان يتجزأ على أسس دينية ولايمكن ان يكون التنوع عاملاً في تأجيج الصراع وبالتالي فان هذا التواجد المتنوع في إحياء طقس يخص مذهب معين يأتي كرد قاسي على المنظرين لقيام الحرب الأهلية بين المكونات بسبب هذا التنوع بل يجب استثمار حالة التواصل الشعبي الفاعل في حل المشاكل العالقة عبر الحوار الواضح والجاد ، كذلك يأتي كرسالة واضحة للقائمين على شؤون ادراة الشأن العراقي بفاعلية الجهد الشعبي وكيف يمكن التوجه لاستثمار هذه الطاقة الشعبية في إطلاق مشاريع التنمية، وكيف يمكن ان يساهم الشعب في دعم حركة الدولة في بناء مؤسساتها وتعزيز روح العمل الجاد في بناء مستقبل أفضل ، فهذا التنظيم الشعبي في تقديم المساعدات وإقامة المواكب التي امتدت في كل إنحاء العراق وقصاباته دلالة واضحة على رغبة شعبية في المساهمة في مشاريع تخدم المواطن نفسهِ وهذا الجهد الشعبي الفاعل في دعم الأجهزة الأمنية وإسنادها كشف عن رغبة شعبية في تعزيز التواصل بين الجماهير والأجهزة الأمنية في بسط الامن وتوفير أجواء أمنة ، وهذه رسالة لايمكن لأي سياسي او إداري من تغافلها بل علينا التوجه الفاعل لاستثمار حالة التفاعل الشعبي في تعزيز مسارات الدولة وإشعار الفرد الواحد بان دورهِ مهم ومحوري في عملية التنمية وفرض الأمن وهو شريك أساسي في هذا البلد وهذا يضمن تعزيز روح الانتماء لدى الفرد ورفع درجة المسؤولية تجاه الوطن ، كذلك فان مسيرة الأربعين يشارك فيها الشاب والشيخ والمرأة والطفل والمتعلم والمثقف والأكاديمي والتربوي والفلاح والعامل وكل تنوعات المجتمع ،وهذا التواجد يعزز فرص النخب المثقفة وأصحاب الرسالة الإنسانية لاستثمار هذه المسيرة في بث رسائل ترفع الوعي الشعبي وتنشر القيم الثقافية بين أبناء الشعب مثل التشجيع على احترام القانون ورفض الفساد بكل إشكاله ورفض القمع وتقييد الحريات العامة ، وكذلك تشجيع المواطن على المطالبة بحقوقهِ المشروعة خصوصاً اذا ما وظفنا قيم الإمام الحسين (ع) ومواقفهِ الرافضة للظلم وتضحيته ِ في سبيل الإصلاح السياسي والديني والاجتماعي والثقافي وتصحيح المسارات المنحرفة للدولة مهما كانت تلك الدولة متغطرسة ومنتهكة للحقوق ، لكن الموقف الشعبي سيكون الأقوى ولهُ الغلبة في النهاية لان الاردة الشعبية ستهزم الانحراف الفردي والفئوي ، هذه رسائل بسيطة يمكن استلهامها من هذه العطاءات الحسينية الكبيرة التي مازالت بحاجة الى أقلام واعية كي توضحها للأمة لتكون قاعدة فكرية ناهضة تمكن الأمة من الاستفادة منها ، وكذلك رد بسيط للمتقولين على هذه الحركة الشعبية الواسعة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك