المقالات

تيار شهيد المحراب ... المصداقية والواقعية


ميثم الثوري

لعل الفهم السائد حول الاداء السياسي للحركات السياسية في العالم هو الوصول الى الغايات والاهداف السياسة بكل السبل والوسائل وان طبيعة الاهداف واهميتها تلغي اهمية الوسائل وخطورتها وهذا الفهم كان يخلص افكاره بالمفهوم الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة". وقد نحى هذا الفهم باتجاهات خطيرة جعلت من الاخلاق والقيم والفضائل عبارة عن ثانويات او هامشيات ليس لها دخل في المواقف السياسية ومساراتها وانما اصبحت هذه المفاهيم من المثاليات التي تتعلق بالدين وثوابته المقدسة.

وقد يقال بان مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) الميكافيلي له جذر فقهي ويرجع الى قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" او يعود الى قاعدة التزاحم التي تفيد بان المكلف يمكن ان يؤدي التكليف عن الامتثال في التزاحم بين تكليفين متعارضين بان يختار اقل الضررين او يقدم الاقل مفسدة على الاكثر او الاهم على المهم.

واما قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" فهي قاعدة دلّ عليها قوله تعالى " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" ومعناها واضح وهو ان المكلف اذا اضطر الى شىء بحيث لو لم يتناوله لهلك جاز ان يفعله ولو كان محرماً مثال ذلك ان لا يجد الانسان طعاماً حلالاً ووجد ميتة فانه يجوز له ان يأكل منها بالقدر الذي يسد حاجته وينقذ حياته لان الضرورة تقدر بقدرها ، فان هلاك النفس مفسدته اكبر من تناول المحرم وبذلك يقدم الاقل مفسدة وهو تناول المحرم على الاكثر مفسدة وهو هلاك النفس، والفرق بين هذه القاعدة الشرعية وبين قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" واضح، وذلك أن القاعدة الثانية لا تقصر ممارسة المحرم عند الضرورة لتحقيق الغاية،

 بل ما دامت الغاية حميدة في نظر واضعهما وأتباعه، فإنها تبرر له ممارسة الوسيلة المحرمة ولو كانت مفسدتها تساوي أو تربو على مصلحة الغاية، وعليه فالقاعدة الشرعية مستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وأما المقولة المنسوبة إلى ميكافلي فهي مطلقة ولا انضباط لها بالشرع الحنيف. ومن هنا فان الغايات مهما كانت نبيلة فهي لا تبرر الوسائل المحرمة وان الله لا يطاع من حيث يعصى وان الوصول الى الاهداف العليا ينبغي ان يأتي عبر الوسائل الصحيحة لان الغايات من صلب الوسيلة.

وهؤلاء الذين يستهدفون الابرياء بسياراتهم المفخخة واحزمتهم الناسفة يسلكون هذه الوسائل القذرة والمحرمة والاجرامية بحجة الغايات التي يتوهمونها بانها نزيهة ويحاولون اخراج الناس من الدين افواجاً بزعمهم ان الناس كافرون ويضيقون فهم الدين بطريقة مشوهة وسيئة.وضمن هذا السياق كان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي يراعي الوسائل والغايات على حد سواء فلم يفرط بالوسائل بحجة الغايات النزيهة والكبيرة وقد كان اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (شهيد المحراب) (قدس سره) يؤكد باستمرار بان السياسة لن تحرم حلالاً او تحلل حراماً ولذلك كان ينظر الى القضية بكل زواياها وخفاياها ولم يدع ثغرة او فجوة الا وناقشها واول قراءة له لاي قضية سياسية او جهادية او اجتماعية يراد اقرارها او البت بها فيناقش ابتداءاً الوجه الشرعي في مقدماتها ووسائلها لاعتقاده ان المقدمات لو كانت باطلة فالنتائج باطلة ايضاً وما تعرض عليه قضية جهادية فيها مكاسب كبيرة الا وتناول وجهها الشرعي فوقع بيديه كراساً يتضمن فتاوى الجهاد وقرأ احدى فتاواه التي تجيز تسميم اواني وقدور ازلام النظام اذا لم يضر هذا الفعل بالابرياء برفض ذلك بقوة وطالب المجاهدين بعدم الالتزام بهذه الفتاوى وعلل ذلك ان تسميم اواني وقدور ازلام النظام من جرائم الحرب ومن الاساليب المكافيلية البعيدة عن المبادىء والاخلاق الاسلامية فان استهداف ازلام النظام لا ينبغي ان يكون بالوسائل القذرة والخاطئة التي يرفضها الاسلام الحنيف.وبذلك حرم شهيد المحراب (قدس سره) استهداف محطات الكهرباء ومصافي النفط لانها الاموال الشعب وضربها يضر بالشعب اولاً وان كان يضعف الحكومة الظالمة.وفي العراق الجديد سار المجلس الاعلى على نفس النهج الذي اسسه شهيد المحراب ورسخه عزيز العراق الراحل السيد الحكيم وسار عليه سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي فلم يضع المجلس الاعلى في حسابه يوماً ان تكون الغايات مهما عظمت مبررة للوسائل الخاطئة فان مواجهة الخصم السياسي والرد عليه ينبغي ان يكون ضمن المبادىء الاسلامية والقواعد الاخلاقية والاصول العلمية ( وجادلهم بالتي هي احسن) ومهما كانت الشبهات والاراجيف التي يثيرها اعداؤنا فهي لا تبرر الرد بالمثل وبنفس اساليب التسقيط والافتراء لان الرد على الاعداء ينبغي ان يكون وفق الرؤية الاسلامية واما المعاملة بالمثل فلا تعني ان يكون تعاملنا معهم بنفس اساليب والاعيب الكذب والتشويه والافتراء.ان المجلس الاعلى ينتهج منهجاً اسلامياً في ادائه السياسي وان العمل السياسي ليست غاية بذاته بل وسيلة للوصول الى الغايات النبيلة والفضائل الكريمة التي ارادها الاسلام وان اساس العمل السياسي هو وسيلة لتحقيق الاهداف الاسلامية العليا وتحقيق العدل وليست الوصول الى السلطة ومواقعها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك