اسد الاسدي
من الاخطاء والمغالطات في الوعي المعاصر هو الربط الخاطىء في التجاذبات وتلاقي المصالح والتوجهات فقد يكون ثمة مصلحة مشتركة بيننا وبين اي طرف دولي او اقليمي لكن ذلك لا يستدعي مفاهيم العمالة والاتهامات الباطلة ولعل اوضح مثل في هذا السياق هو ان تلاقي مصالحنا في انهاء عصابات القاعدة الارهابية مع الدول الكبرى لا يعني بالضرورة اشتراكنا مع الاطراف المستفيدة بالغايات والاجندة والاستراتيجية فقد يخدم مقتل الارهابي اسامة بن لادن امريكا واسرائيل كما انه يخدمنا اكيداً فهل هذا يعني ان ثمة تفاهمات بيننا وبين اسرائيل بمجرد هذه الرغبة المشتركة. فلو أفترضنا ان اسقاط نظام صدام ينسجم مع الرغبة الاسرائيلية فهل سقوطه يجعل المعارضين له مصطفين في الخندق الاسرائيلي او هل نقف ضد التغيير بمجرد انسجامه مع رغبات دول معادية لا تربطنا بها اية علاقات ووجود مثل هذا النظام اضر بشعبنا اكثر من أي بلد وشعب في العالم. والحقائق التي أفرزها التغيير العراقي اثبتت بلا أدنى شك استقلالية القرار السياسي المصيري للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي وعدم تأثره باجندة ومصالح الاخرين وان سعي المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لانجاح العملية السياسية في العراق بشكل فاعل وناهض لا يصب في مصالح الكثير من الاطراف الاقليمية ولن يجري في سياقات برامجها ولكنه لن يتردد في المضي قدماً باتجاه ترسيخ جذور وبذور العملية السياسية وقيادة الائتلاف العراقي الموحد. وربما ما يدعو الى الاطمئنان الاقليمي لمواقف المجلس الاعلى الاسلامي العراقي هو مصداقية قياداته واعتدالها والتزامها بالثوابت الشرعية والوطنية والاخلاقية وتوزانها في التعاطي مع الخيارات الصعبة، فلم يتجاوز المجلس الاعلى ادنى ثوابت سياسية واخلاقية ويتجه باتجاه المكيافيلية ويقدم مصالحه الفئوية على مصالح الاخرين. والمجلس الاعلى خلال مسيرته السياسية في العهدين العهد السابق والعراق الجديد لن يخطو اية خطوة خارج اطار الشريعة والاخلاق والمبادىء وهذا ما جعل القوى الاقليمية والدولية والمحلية تتعامل بثقة واحترام عاليين مع مواقف وتعهدات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي. وتجدر الاشارة المهمة الى قضية حساسة قد يصعب اثارتها في هذا السياق لكننا نضطر لطرحها استطراداً وهي ان الاتهامات الامريكية وبعض اطراف الحكومة العراقية للتدخل الايراني المزعوم لم يشر ولو من طرف خفي الى المجلس الاعلى الاسلامي العراقي باعتبار علاقته الطيبة مع ايران فقد استثنت الاتهامات اي ضلوع للمجلس الاعلى فيها اذ لا يتصور ان يتآمر المجلس الاعلى على نفسه او على عملية سياسية هو احد اطرافها الفاعلين. كذلك من المفيد الاشارة العابرة في هذا السياق الى الموقف الايراني الرافض للاتفاقية الامريكية العراقية وهي ما اطلق عليها اتفاقية الانسحاب الامريكي من العراق لكن هذا الرفض لم يؤثر على موقف المجلس الاعلى من تلك الاتفاقية بل كان المجلس الاعلى من الحريصين عليه اكثر من أي طرف مع تفهمه وفهمه للرغبة الايرانية الرافضة للاتفاقية.سنتناول في الحلقة القادمة دور المجلس الاعلى في عملية التغيير وتحركه السياسي داخلياً واقليمياً ودولياً.
https://telegram.me/buratha