المقالات

لماذا لم يسقط نظام حزب البعث بيد الشعب العراقي؟ وسقط بأيدي أمريكية


محمود الربيعي

هل كان هنالك خياراً آخر للشعب ليسقط حزب البعث الحاكم في العراق ؟

متى ينتهي حزب البعث كوجود ؟

لايمكن لأحد أن يلوم الشعب العراقي لأنه لم يتمكن من إسقاط النظام الدكتاتوري الذي أذاق شعبنا المر والهوان، ذلك لأنه لم يكن قادراً على مواجهة هذا النظام الذي أثقل كاهل الجماهير بوسائل الإكراه والتهديد، وكذلك القيام بحملات التصفية التي شنها ضد التيارات الدينية والسياسية و زج الكثيرين في السجون والمعتقلات.

وكانت مفاجئة عندما خاض النظام ولثمان سنوات حربه ضد الجارة إيران ذهب ضحيتها ملايين من الشباب المسلم ومن الطرفين وبشكل غير معقول إذ كانت الأسباب التي دعته الى إعلان الحرب هي أسباب واهية وهكذا كان ديدن الحزب في إفتعال المشاكل مع بقية الدول الصديقة كسوريا ومصر وفلسطين والسعودية والكويت.

وكان من ضمن مفاجئات الحزب أيضاً إعلان حربه على الأكراد إذ لم تكن هناك مبررات معقولة أبداً، وكان من الممكن حل جميع المشاكل بشكل سهل وحكيم، إلاّ أن الحالة الدكتاتورية التي كان يتميز بها النظام جعلته يدخل في حرب عدوانية إرتكب من خلالها مجازر دموية واسعة لاتنسى ضد المدنيين يندى لها جبين الإنسانية.

ولم يكن النظام قادراً على البقاء ساكناً دون أن يشعل فتيل الحرب هنا وهناك إذ كان لابد له ومن خلال طبيعته النرجسيه أن يختلق المشاكل في كل مكان، فهو يجرب حظه ليكتشف سر عظمته! وعشقه للقوة والجبروت الوهم! وماأكبره من وهم.. وهكذا كان نصيب شعبنا المظلوم في الوسط والجنوب أيام الإنتفاضة الشعبانية وفي الشمال في حلبجة سقط في كل منها ضحايا مابعدها ضحايا!

لقد جرت محاولات إنقلابية حزبية عديدة قام بها أعضاء قيادة معارضة من داخل حزب البعث لكنها باءت بالفشل وتم تصفية جميع المعارضين تصفية كاملة ولم يكن أحد من أولئك الأعضاء يجرأ على الأعتراض أو يبدي له رأياً إلاّ وكانت نتيجته الموت الزؤام.

وقد مارس هذا الحزب العديد من محاولات الإغتيال بحق قياديين من حزب البعث وتم بالفعل تصفيتهم وهم كثيرون، بالإضافة الى حملات إغتيال رجال المعارضة عموماً داخل العراق وخارجه.

إن كل المحاولات التي جرت لتغيير هذا النظام لم تجدي نفعاً وَوُجِهَتْ بقسوة وغالباَ ماتمت تصفيات المعارضين دون إجراء محاكمات دستورية وقانونية سليمة أوعلنية بل كانت تلك المحاكمات تجري بصورة سرية وصورية وتحت الضغط والتهديد والإكراه أثناء إجراء التحقيقات في أجهزة الأمن والمخابرات تنتهي عادة بإنزال أقسى الأحكام بحكم المواطنين.

واليوم لايمكن للعراقيين أن يمدوا أياديهم ليصافحوا مجرمين طالما أرتكبوا أبشع الجرائم ضد أبناء شعبهم ولن يتصالحوا أبداً مع من تلطخت أيديهم بالدماء على حساب الأبرياء الذين أزهقت أرواحهم بلا ذنب أرتكبوه، كما إننا نستنكر مواقف كل الذين يؤيدوهم ويقدمون لهم الدعم بعد إنكشاف حقيقة البعث، إذ لايمكن أن يكون العراق لعبة بأيدي العابثين مرة أخرى.

إن عملية إسقاط نظام حزب البعث الحاكم في العراق كانت مهمة فسحت المجال لتصحيح الأوضاع العامة عن طريق تعميق مبادئ الديمقراطية وأسس الشراكة كطريق لإبعاد هذا الحزب عن جبهة قيادة الأمة.

لقد أتسمت العملية الديمقراطية بالمرونة في التعامل مع هذا الحزب ووضعت قوانين جادة للتخلص من حالة الدكتاتورية التي تعيش في عقلية معظم أعضاء هذا الحزب، وحاولت تلك القوانين أن تصوغ حالة من الإصلاح السياسي رغم الظروف المعقدة التي صاحبت عملية التغيير السياسي بالأتجاه الذي يحترم القانون والنظام.

إن المرحلة القادمة هي مرحلة مهمة يمكن فيها التخلص من تفكير ونمط سلوكية هذا الحزب وتتلخص في إبعاد قياداته المجرمة التي تلطخت أياديها بدماء الأبرياء، ومن ثم تشجيع الآخرين من الحزبيين على المشاركة الحقيقية في عملية البناء والإعمار وتقبل الآخرين على أسس ديمقراطية حقيقية وهي مرحلة تتطلب تغييراً نوعياً في عقلية السياسيين عموماً وعقليات قواعد حزب البعث على وجه الخصوص وهذه المحاولة ممكنة.

نتمنى لمرحلة التغيير النوعي أن لاتطول خصوصاً إذا تحركت الشخصيات المعتدلة وبرهنت على صدقها في التفاعل مع الحالة الجديدة التي أختارها الشعب العراقي عن طريق الدستور والقانون وعن طريق الإنتخاب الديمقراطي الخالي من الدسائس والمؤامرات، ومحاولات الهدم والتخريب السياسي الذي تعودت عليه قيادات هذا الحزب الذي لايزال يحلم بالعودة الى السلطة والحكم بنفس الأهداف والوسائل والأساليب التي كان يتبعها أيام حكمه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك