المقالات

مكالمات تتحدى الدستور


حافظ آل بشارة

بعد شطب مرشحين بسبب قانون الاجتثاث ، فوجئ العراقيون بنائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن معترضا وغاضبا وكأنه هو المشطوب ، اتصل بايدن بالرئيس جلال طالباني وبالرئيس اياد السامرائي واعلن عدم ثقته بهيئة الاجتثاث وقراراتها ، اعطى رأيه فورا بأحدى المؤسسات الدستورية العراقية وكانه من اهالي المشخاب وليس امريكيا ، المشكلة ان الامريكيين هم الذين تحدثوا كثيرا عن سيادة العراق واستقلال العراق وعدم التدخل بشؤون العراق واستقرار العراق ورسموا لانفسهم صورة الصديق الذي يساعد العراقيين على تجاوز مشاكلهم وعدم التدخل في شؤونهم لوجه الله تعالى ، ونحن في الاعلام نعرف كل شيء لكننا مثل الآخرين نضع في هذه طينا وفي هذه عجينا ، بايدن اخ عزيز لكنه اخترق عدة محاذير في تصريحاته واتصالاته ، منها سيادة العراق التي تدعي واشنطن احترامها ، السيادة التي تتجسد في الدستور العراقي كمعيار اوحد في تقييم مدى شرعية القرارات ، فهل يريد بايدن مثلا ان يترك العراقيون الدستور جانبا وينفذوا مكالماته الخطيرة أي ان لرأيه قوة وشرعية تفوق قوة وشرعية الدستور ؟ وعندما تكون العملية السياسية ذات مصداقية فكيف يتم اثبات تلك المصداقية هل يتم اثباتها بالاستماع الى نصائح بايدن التلفونية وتطبيقها ام بالعودة الى معايير الدستور و دولة المؤسسات ؟ ثم هناك محذور آخر قفز بايدن فوقه ، فقد اهمل القيمة الحضارية لموضوع الاجتثاث ، هو ودولته دوخونا بموضوع العدالة الانتقالية وضرورة تطبيق القواعد المقررة عالميا في هذا البرنامج الساحر وعدم ترك أي نقطة من تلك التوصيات ومن اهمها ابعاد رموز الحكم السابق ومحاسبة المجرمين ، كان المثقفون يقرأون لائحة العدالة الانتقالية الدولية ويعربون عن اعجابهم بفقرة تقول ان هناك تناقضا ثقافيا بين انصار النظام الاستبدادي البائد وان كانوا ابرياء وانصار النظام الديمقراطي الجديد ولا يمكنهما ان يشتركا في مشروع حكم ، وان اعفاء رموز ذلك النظام من المشاركة في الحكم راحة لهم وللشعب العراقي ، ثم يخالف بايدن ارادة الشعب العراقي الذي اعرب عن فرحه وسروره بهذا القرار ؟ صحيح ان مجموعة صغيرة تظاهرت في احدى المدن احتجاجا على الشطب الا ان المشاركين في التظاهرة قالوا لاقرباءهم حين عاتبوهم بانهم حصلوا على مبلغ كبير من الاموال الخليجية مقابل تلك التظاهرة المزيفة واعتبروا مبادرتهم ضمن النشاط الاستثماري البريء ولا قيمة سياسية لها في الرأي العام ، كما تجاهل بايدن في تصريحاته تلك ان الغاء قرار المسائلة والعدالة واعادة المشطوبين يعتبر مكافئة للارهاب والجريمة المنظمة وسوف يفتخر الارهابيون بأن ضغوطهم نجحت في تغيير قرار سيادي يحضى بمصداقية دستورية وبرلمانية وهو نصر يستحق الاعجاب ويسبب انعاشا تاريخيا للنهج الارهابي وحواضنه ودعاته وبذلك تكتسب مدرسة الارهاب دفعة جديدة باتجاه الامام ويصبح مؤكدا ان اسلوب الاجبار والتخويف والتركيع بالقوة اسلوب ناجح سياسيا ويجب تطويره وتكثيفه في العراق من اجل حصاد مكاسب اكبر . كما يعد تطور كهذا نقطة لصالح دعاة تسييس الملفات الجنائية ، فمن الناحية الحقوقية والقضائية لايمكن بأي حال ربط حقوق ضحايا النظام البائد بالصراعات السياسية بين الاطراف المختلفة وتحويل دماء الابرياء الى مفردة في دائرة المزايدات الضيقة التي ليس للضحايا الحقيقيين فيها ناقة ولا جمل . من اجل كل هذه المحاذير والموانع يفترض ان يقف العراقيون حكومة وشعبا ضد تدخل الاجانب في شؤون البلاد ، ولكن هذه المواقف تحتاج الى سياسيين لا يشعرون ان بايدن وحكومته اصحاب فضل عليهم ، بالعكس نحن اصحاب الفضل عليهم لاسباب معروفة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك