المقالات

وسائل نظيفة لغايات مشرفة


حافظ آل بشارة

خلل تاريخي لن تنساه الاجيال يصيب العملية السياسية في هذه الايام ، حواضن الارهاب تتصدر المشهد السياسي وتستقطب الاضواء بعد ان كانت تستقطب الظلام ، شعرت الحواضن قبل سنتين بذعر مؤقت وهي تشم رائحة الاجتثاث ، لكنها حفرت لتجتث الاجتثاث نفسه ، حاليا نستمع الى الحواضن تخطب بلغة صدامية عريقة تملأ الافاق بالوعيد ، برود جليدي يدب في اوصال القوى المتصدية وهي الاخرى تخطب وظهرها مكشوف للطعنات ، تسلل المناوئون الى مواقع السلطة بدعوى المهنية والحرفية والمؤسساتية ولم يتسلل المخلصون الى تلك المواقع بدعوى النزاهة والاخلاص وشرف السابقة والاستقامة . الذين يحملون الهم الوطني متفرقون يلفهم شبح الفقر والنسيان والتهميش وتغلق في وجوههم هواتف المتصدين الاشاوس بحجة رداءة الشبكة والحقيقة هي رداءة الزمن العراقي ، القوى التخريبية تستثمر الفراغ الاخلاقي لتعيد بناء قلاعها السرية ، الخيرون والحريصون واصحاب المبادئ تدفعهم الموجة المشبوهة الى خارج اللعبة ليزحف النفعيون الى مركز الدائرة ، اشخاص كانوا محترمين اصبحوا مهووسين بجمع الاموال ومولعين بالتصريحات الانثوية التي شعارها ارضاء الجميع وتمرير الوقت والانحناء للعاصفة ، التمويل الاجنبي يعيد تشكيل الخارطة السياسية ، والارصدة النفطية تصنع المعجزات ، جميع اطراف اللعبة هم مابين رابح مؤكد ورابح محتمل والخاسر الوحيد هو العراقي الذي لا يملك لنفسه نفعا ولاضرا ، مواطن لايربح له اللطم والدموع والدم والبكاء وفي النتيجة النهائية سيكون من اشهر الشركاء لماذا لانه الخاسر الاكبر ، وفي سباقات الضاحية مثلما تزدحم الكاميرات والاضواء على الفائز الاول ستزدحم الكاميرات نفسها على آخر المتسابقين وتحتل صورته الشاشات لانه شيخ كبير لاهث متهالك ترافقه حفيدته تحمل قارورة ماء . الحالات الخيانية في الماراثون العراقي اصبحت غير مخجلة لكثرتها ومع ذلك مازال هناك فريق مصر على تذكير الناس بقيم النزاهة والشرف والاستقامة والخوف من الله ، ما زال هناك رجال قادرون على قول كلمة الحق الذي لم يبق لهم صاحبا ، وما زالوا يوجهون النصائح للجميع : عليكم استخدام وسائل نظيفة اذا كنتم تريدون الوصول الى غايات نظيفة ، يقول الحكماء الذين ماتوا منذ زمن بعيد ان شرف الوسيلة من شرف الغاية ،

 ومن يسجل انجازا حضاريا في غايته النهائية فلا بد انه سجل انجازا مرحليا عندما استخدم وسيلة متحضرة ، هذه الاقلية النبيلة التي تؤمن بالمثاليات تقابلها اكثرية متدنية في حسها الاخلاقي الى مستويات مرعبة برعت في استخدام مبدأ الغاية تبرر الوسيلة الى درجة يخجل منها حتى ميكافيلي نفسه ، بقايا الحقبة المظلمة القادمون من دهاليز الحكم الاستبدادي ، لم تتعلم شيئا مشرفا في حياتها المهنية سوى الزحف نحو اهداف حقيرة بوسائل حقيرة ، حتى احدث التراكم السلوكي لدى هؤلاء حالة مسخ في مكونات الشخصية وهتك لحرمة الذات والتزاماتها ومحدداتها ، كنا نعتقد خطأ ان رموز ذلك العهد فرحون بنزع ربقة الرق من اعناقهم ويبدأون رحلة العودة الى الفطرة ، لكن المفاجئة تقع حين نكتشف ان بعض الضحايا توقف زمنهم عند لحظة الاستعباد ويجهلون معنى الانعتاق ، اخطر مافي هذه المرحلة ان يكره الضحية التحرر ويعاود البحث عن ممول جديد يشتريه شلع يتعهد للمشتري بأن يحمله على كتفيه ليوصله الى اقذر الاهداف بأقذر الوسائل وهو ينادي ( النظافة من الايمان ) . في المعركة الدعائية الراهنة بدأت اطراف الصفقة عملهما وبدأت الوسائل غير المشرفة تظهر بوضوح ، انها غايات منكرة بوسائل منكرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك