احمد عبد الرحمن
في مثل هذا اليوم، قبل اثنين وعشرين عاما طالت يد الغدر والجريمة الصدامي احد رموز الفكر والسياسة، والجهاد والتضحية، الا وهو العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم (قدس سره الشريف).لم يكن الشهيد الحكيم حينما سقط مضرجا بدمه الطاهر في العاصمة السودانية الخرطوم، في نزهة للترويح عن النفس،ولا كان قاصدا متابعة شؤونه الحياتية الخاصة، وانما كان (طيب الله ثراه) في حركة دائبة ومتواصلة على مستويين، او في اتجاهين، الاول نشر وبث مباديء وقيم الدين الاسلامي الحنيف بمختلف بقاع العالم، عبر انشاء مراكز ومؤسسات العلم والمعرفة والثقافة، والثاني التعريف بمظلومية الشعب العراقي وهو يرزح تحت وطأة اسوأ نظام سياسي عرفه التأريخ.ولاشك ان هاتين المهمتين العظيمتين تممت كل واحدة منهما الاخرى، وما اعطى بعدا وتأثيرا لحركة الشهيد السعيد، هو اضطلاعه بأدوار ومهام كبيرة منذ نعومة اظفاره في ظل مرجعية والدة الامام محسن الحكيم (قدس سره الشريف)، وتميزه بالاعتدال والمرونة وسعة الافق، والانفتاح على مختلف الفئات والمكونات السياسية والاجتماعية والدينية.وهذا ما دفع النظام الديكتاتوري الاستبدادي الى رفع راية العداء للعلامة السيد مهدي الحكيم، بحيث راح يحيك المؤامرات عليه، ويروج الشائعات المغرضة ضده لتهيئة الارضيات للنيل منه، وهكذا استمرت الامور على هذا المنوال وبوتيرة تصاعدية حتى جاء اليوم المشؤوم، السابع عشر من كانون الثاني-يناير 1988.ان اغتيال الشهيد السيد مهدي الحكيم عبر فضلا عن المكانة والموقعية والتأثير والحضور الكبير للشهيد في مختلف المحافل والاوساط السياسية والفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية، عكس حقيقة وطبيعة المنهج الاجرامي لنظام البعث الصدامي، ونزعته الدموية ضد كل ابناء الشعب العراقي. فذلك النظام لم يستثني احدا من العراقيين بأجرامه ودمويته، ومثلما استهدف الشهيد مهدي الحكيم، فأنه استهدف سياسيين وعلماء دين واناس من شرائح وفئات وانتماءات مختلفة بأبش الطرق والوسائل.ومن المهم جدا ان نتوقف ونستذكر اغتيال العلامة السيد مهدي الحكيم، ومئات او الاف عمليات الاغتيال المماثلة لرموز وكوادر ونخب رفضت الظلم والاستبداد والطغيان، ولم تتردد برفع صوت الرفض عاليا بوجه نظام البعث الصدامي البائد، من المهم جدا ان نتوقف ونستذكر كل ذلك، لاسيما وان هناك اصوات نشاز ودعوات بائسة لاعادة البعث الصدامي الى الحياة السياسية وكأن شيئا لم يكن.
https://telegram.me/buratha