حسن الهاشمي
يبدو أن قناة صفا بدأت تشن حربا شعواء ضد المذهب الشيعي وعلمائه ليس لصد أتباع أهل البيت من الاستمرار والتأصيل في ذلك المذهب العتيد، ولكن للحيلولة دون استبصار أتباع أهل السنة والجماعة والسلفيين إلى المذهب الحق وهم يعلمون أن أمير المؤمنين وأتباعه هم الفرقة الناجية من بين الفرق الثلاث والسبعين التي انبثقت بعد الرسول وجميعها على باطل وضلال وتيه وانحراف ما عدى علي عليه السلام وشيعته، ومهما سلكوا من طرق واتهامات وأساليب وضلالات ومهما استضافوا من الأفاكين وعلماء الجور والسلطان والسوء والعدوان أمثال عدنان عرعور وطه الدليمي ومن شاكلهم في الغواية والضلالة، فلم ولن ينفعهم أفكهم ومؤامراتهم لصد الحق وأهله من أن يقتحم القلوب ويغزو الأفئدة ويكتسح المضللين من أتباعهم، وشد ما أثارني طه الدليمي من تلفيقاته ضد الشيعة وعلمائهم وهو يصب جام حقده البعثي والسلفي على أتباع أهل البيت عليهم السلام واصفا إياهم أوصافا لا تليق إلا به ومن اتبعه، وهنا لا أريد أن أدخل معه في مخاض كل ما يهرج به، ولكنني أنتخب موضوعا واحدا يؤكد عليه مرارا وهو إذا كان علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين بحق لماذا لم يذكره القرآن صريحا بالولاية كما ذكر الرسول الأكرم صريحا بالرسالة.
وإن هذه الإسطوانة المشروخة طالما يلتجأ إليها المهزومون ومهما ذَكرت لهم من دلائل وبراهين فإنهم كالعبد الآبق لا يذعنون، فيما إذا طلب المولى من عبده الآبق كأسا من الماء، بقي ذلك العبد يحلل كلام مولاه هل مقصود المولى من الماء المطلق أم المضاف؟! وهل أن هذا الأمر مولوي أم إرشادي؟! هل هو مضيق أم موسع؟! هل أطلقه في حال الغضب أم الهدوء؟! هل المراد من الكأس هو كاس زجاج أم فخار؟! ويستطيع أن يتعذر بمئات أو بآلاف التبريرات من دون أن يلبي أمر المولى، ولكن المولى من حقه إذا سمع تلك التبريرات أن يطرده ويضحك على عقله واستدلالاته الموهومة، إذ أن مقتضى طلبه يتحقق بجلب الماء المطلق فورا لرفع غائلة العطش عن مولاه وإلا سيكون عرضة للتوبيخ والطرد هذا ما نستله من التبادر في اللغة، إذ لو كان للسيد مقيدات لذكرها في طلبه وعندما لم يذكرها فالتبادر يدل الفورية بما هو متاح.
ويبدو أن الدليمي مهما نسرد له من الأدلة على أحقية الإمام علي في الخلافة وأنه وشيعته هم الفرقة الناجية في الدنيا والآخرة هذا ما أكده الذي (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وهو نفسه الذي أخذ منه أهل السنة والجماعة بأن صلاة الصبح ركعتان والظهر والعصر والعشاء أربع ركعات والمغرب ثلاث وكيفية إقامة الصلاة وغيرها من تفاصيل الأحكام بالرغم من عدم وجودها في القرآن، ولكنهم عندما تصل النوبة إلى ولاية وأفضلية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وشيعته وهم المعنيون بخير البرية في القرآن كما ينقلها أئمتهم في كتبهم وتفاسيرهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله يرفضونها ويؤولونها ويتحججون كما يتحجج ذلك العبد الآبق بآلاف التبريرات دون أن يذعنوا إلى الحق!!! هذا هو الضلال بعينه، أنهم يعلمون فضل ومنزلة أهل البيت عليهم السلام ولكنهم يكتمون الحق خوفا على مصالحهم ومناصبهم، وبات الدين عندهم يحوطونه ما درت عليه معائشهم وإذا محصوا بالبلاء قل الديانون كما وصفهم سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.وقبل أن يسأل طه الدليمي أجابنا الإمام الصادق عليه السلام عن سؤاله قبل مئات السنين، في الكافي : 1424 عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام.
فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: في علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال صلى الله عليه وآله : أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عز وجل أنزله في كتابه تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي ...
وقد قال الرسول الأكرم(ص) في تفسير قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)، شيعة علي هم الفائزون، وروى هذا الحديث وأمثاله علماء أهل السنة والجماعة في كتبهم وتفاسيرهم.يروى الحافظ أبو نعيم في كتابه (حلية الأولياء) بسنده عن ابن عباس، قال: لما نزلت الآية الشريفة: خاطب رسول الله (ص) علي بن أبي طالب وقال: يا علي! هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين. ورواه أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي في الفصل (17)من كتاب المناقب في كتاب تذكرة خواص الأمة، ويضيف في الفصل التاسع عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنا عند النبي (ص) فأقبل علي بن أبي طالب، فقال (ص): قد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم إنه أولكم إيمانا، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية، قال: ونزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) إلى آخره، قال: وكان أصحاب محمد (ص) إذا أقبل علي عليه السلام قالوا: قد جاء خير البرية.
وروى ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة صفحة 122 عن ابن عباس، قال: لما نزلت الآية (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) قال النبي (ص) لعلي: هو أنت وشيعتك، تأتي يوم القيامة أنت وهم راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين، ورواه ابن حجر في الصواعق باب 11 عن الحافظ جمال الدين، محمد بن يوسف الزرندي المدني، وزاد فيه: فقال علي (ع): من عدوي؟ قال (ص): من تبرأ منك ولعنك.وروى الحافظ ابن المغازلي الشافعي الواسطي في كتابه " مناقب علي بن أبي طالب (ص) " بسنده عن جابر بن عبد الله، قال: لما قدم علي بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي (ص): يا علي، لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك، يستشفون بهما، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت تبرئ ذمتي وتستر عورتي، وتقاتل على سنتي، وأنت غدا في الآخرة أقرب الخلق مني، وأنت على الحوض خليفتي، وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني، وإن حربك حربي، وسلمك سلمي.وقد ورد أيضاً تعليلٌ لعدم ذكر علي (عليه السلام) في القرآن بأن اسمه لو ذكر في القرآن لأقدم المنافقون على حذف أسمه ولتصرفوا في القرآن، لكن مشيئة الله (تعالى أرادت حفظ القرآن فلم يذكر أسمه صريحاً.
ونحن هنا عندما نورد هذه الحقائق القرآنية التي يقرها المخالف قبل الموافق في أفضلية أمير المؤمنين في الخلافة والولاية والإمامة وأنه وأبناءه المعصومون الأحد عشر هم الخلفاء الحقيقيون الذين نصبهم الرسول من بعده، ففي صحيح البخاري: في الجزء الرابع في كتاب الأحكام في باب جعله قبل باب إخراج الخصوم، وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة (صفحة 175 طبعة مصر سنة 1355 هجري )، حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى: انه يقول: كلهم من قريش، ولو استقصينا خلفاء أصلاء أتقياء يسيرون على سنة النبي وهديه وأخلاقه منذ رحيله لحد هذه اللحظة لما وجدنا غير الأئمة الإثني عشر كما يقول بهم مذهب الشيعة الإمامية.
وبالرغم من ذلك يطلع علينا المنافقون الذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف يرفضون كل تلك الفضائل زاعمين أنها لا تدل على الولاية والخلافة وتبرر لأولئك الذين اغتصبوا خلافة الرسول من بعده بشتى التبريرات ويلتمسون لهم شتى التأويلات، وعجبا لأولئك الضالون المضلون فهم يقبلون كلام الرسول في الأحكام ويرفضونه في الولاية!!! فساء ما يعتقدون وساء ما يدلسون من الحقائق الناصعة التي هي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وليست بحاجة إلى كثير نظر وبرهان وتمحيص لاسيما لمن يطلب الحق والحقيقة من دون تعصب ومن دون دوافع سياسية وطائفية مبيتة.
https://telegram.me/buratha