المقالات

(( شياطين وأوادم ..... رؤية قرءانية !))

678 21:27:00 2010-01-16

حميد الشاكر

في القرءان الكريم عادة مايُطرح خطان لمسيرة بني الانسان على هذه الارض :الخط الاول : هو خط البني آدميين بصفاتهم ومميزاتهم وتوجهاتهم وطبائعهم .... التي ورثوها من والدهم الاول مخلوق الله سبحانه ( آدم ) والذي على اساسه خاطب القرآن الناس ب (( يابني آدم لاتتبعوا خطوات الشيطان ..)) !.والخط الثاني : والذي كسبه الانسان من خلال تمرده على فطرته وطبيعته وآدميته وشريعته ....، من الشيطان الرجيم عدوه وعدو اباءه الاولين ، والذي ايضا على اساسه خاطب القرآن المتشيطنين بقوله :(( شياطين الانس والجن .. و ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون )) !!.

والحقيقة ان لكلا الخطين مميزات من خلالها نستطيع ادراك خط الانسان في هذه الحياة اليوم ، وهل هو انسان منتمي للخط الادمي ( نسبة لادم ع ) وكل ما يتمتع به من صفات الاوادم الطينية الارضية ؟.أم انه انسان منتمي لخط الشيطان ، ومُعتصر كل الاخلاقية الشيطانية في صفاته وذاته وانماط تفكيره التي ينتمي لها في هذا العالم الانساني المعاش من نارية شيطانية واخرى حارقة وثالثة متمردة ورابعة حاقدة حاسدة ؟.

طبعا المعروف من المميزات المختلفة لكلا الخطين الادمي والشيطاني ، انهما خطان متباعدان في صفات وطبائع وجواهر متعددة ، تصنع هذه الاختلافات ( حسب الرؤية الاسلامية القرآنية ) تناشزات طبيعية بين الاخلاقية الادمية ونمطية حياتها واساليب تفكيرها ، وبين الاخلاقية الشيطانية وما تتمتع به من اساليب وجواهر وطبائع مختلفة تماما عن الخط الاول ، ومن ابرز هذه الفوارق على سبيل المثال بين الخط الادمي والخط الشيطاني هي الاتي :

اولا : آدم مخلوق طيني ارضي بالامكان تقليب تربته وحرثها والقاء بذر الانبات فيها بعد سقيها بماء الحياة ، بينما الشيطان مخلوق ناري حارق ، ليس له ارض تورق ولاطينة تنبت ، وهذه حقيقة قوله (( خلقتني من نار وخلقته من طين )) .

ثانيا : على اساس الطينة الادمية اصبح لادم وابنائه ثقل ووزن وطمأنينة وحيز ، بينما بقي الشيطان الناري ليس له ثقل في جوهر الخلقة ولاوزن ولاطمأنينة وحيز ، فكان آدم خليفة للارض ( اني جاعل في الارض خليفة .) بينما بقي الشيطان معلقا في الهواء لناريته الخفيفة !.

ثالثا : في ادم وخلقه انكسار وانقياد وبحث عن طريق دائما وتوجه الى خالقه باستمرار ليعينه ويهديه سواء السبيل (( اياك نعبد واياك نستعين )) بينما في الشيطان واخلاقه ميل للاستقلال وابتكار الراي وخط الطريق بنفسه :(( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )).

رابعا : في ادم تردد واخذ وعطاء واستماع لاخر والقبول بنصيحته الخارجية ، وفيه تواضع وادراك للحجم الحقيقي لادم وامكانيته الادمية ، وفيه اندفاع وخوف وتوبة وعودة للطريق الالهي والشريعة المقدسة :(( قالا ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) بينما في الشيطان الناري عزة بالراي والاثم ، وعدم استماع لاخر او الايمان برايه ( يعني دكتاتوري برايه ) وفيه جرأة واندفاع وعدم تنازل عن الراي وان كان خاطئا :(( انا خير منه ..)) .

خامسا : ادم الطيني بريئ وساذج ولاينظر لغيره بعلوا او بحسد ، وينفتح على الاخر حتى وان كان عدوه كما استغفله الشيطان مرّة واخرجه من الجنة ، وهو ادمي المزاج معتدل قابل للمرونة وبامكان اي مخلوق اخر الوقوف على طينته الارضية الادمية بلاعذاب ، وحتى ان صادف مخلوق اساء له فانه لايحمل الحقد عليه ابدا ، بينما الشيطان الناري حارق يريد ان يأكل بناره كل شئ ، لايستطيع احدا ان يقف على ناره بدون ان يحترق ، ولايرى الشيطان في غيره غير انه انقص منه شأنا ، وانه عدو ولاينبغي ان يعطى في هذه الحياة لاي شئ ، بل ان الشيطان يرى كل مافي الوجود ملكا له ولاينبغي لاحد ان يشاركه فيه ، وان اراد ان يشاركه احد بشئ فيجب تدميره حتى ولو على اساس النكاية والمكيدة به ب :(( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين )) !!.

نعم هناك ايضا عشرات الفوارق بين كلا الخطين الادمي والشيطاني اعرضنا عن ذكرها خشية الاطالة ، واكتفينا بما ذكرنا من امثلة لاحتوائها على الموضوع ، لنخلص من هذه الفوارق والمميزات الى ان الانسان اليوم وغدا هو ايضا خاضع لهذين الخطين في مسيرة حياته البشرية على هذه الارض ، فأما ان يتخذ من خط ادم وصفاته وجوهره خريطة يجتاز بها منحنيات الحياة ليصبح من بني ادم في هذا العالم ، او يتخذ من طريق وخط الشيطان له سبيلا ليصبح من حزب الشيطان وابنائه ومواليه على الحقيقة ، ولينظر للعالم من منظار الشيطان ومقتبسات اخلاقه النارية !!.

في حياتنا اليومية الان نصادف صنفين من بني البشر :الاول : الصنف الناري المنتمي لخط الشيطان وهو يحمل جميع صفات الشيطنة الخلقية من نارية حارقة لاتورق ولاتنبت ،ومن صفات استقلالية ترى في نفسها القدرة على وضع الطريق والشريعة الانسب لمسير حياتها الفردية ، ومن جوهرية الكراهية لبني ادم الطينيين على الجملة والنظر اليهم بدونية وعنصرية وبغض منقطع النظير !!.الثاني : الصنف الطيني الادمي صاحب البراءة والانبات والانفتاح على الاخر وطلب المعونة والتواضع والارشاد من الله سبحانه وتعالى دوما وبدون انقطاع !!.

بمعنى اخر ان من صفات البني ادميين عندما تبحث عنهم من حولك في هذا العالم انهم اناس قابلين لانبات الخضرة في طينتهم الانسانية ، وعندما تجالس احدهم تشتم عبق الجنائن وبرودة العشب الندي واريج النخيل وهي تملئ كل وجودهم الادمي ، فهو وجود قابل للعطاء وقابل للرحمة وقابل للانبات .... مطمئن متواضع ارض طيبة !.وهذا بعكس مصادفتك لانسان شيطاني حرقته جوهرية النار الشيطانية لتترك ارضه سبخاء لاتحمل الا الدخان والحريق وكل ماهو اخلاقي النار واللهيب وماتتركه الجوهرية الشيطانية على طينة الانسان من رائحة ومن تشويهٍ ومن موت ودمار كامل لايقبل الاصلاح .

نعم وهكذا عندما تصادف ادميا من حولك متواضعا يستقي اخلاقه من ابيه ادم الاول وهو يتوجس خيفة من فقده للطريق ويلتجأ بين الفينة والاخرى لخالقه ومبدعه بطلب الرحمة والمغفرة والمعونة والاعانة ، ويعترف بحرقة بالظلم لنفسه وخالقه ويسأله الارشاد ، ويطلب منه الهداية وينتظر الشريعة ليسير عليها في حياته للوصول الى السعادة والاطمئنان !!.وهذا ايضا مختلفا تماما عندما تصادف شيطانا انسيا متمردا على خالقه مغترّا بنفسه ، مصرّا على ان يخط طريقه في هذه الحياة بيديه هو وليس بيد خالقه ومبدعه ، اعتقادا منه انه الاكفأ على رؤية الحقيقة وهو الاعلى شأنا من ان يتواضع لغير ذاته النارية الشيطانية المتوهجة والمتمردة والخفيفة الحركة والجريان !!.

في حياتنا الانسانية نصادف بشرا لاادميين ( اي ان صفاتهم لاتنتمي لابيهم ادم الطيني البارد الارضية ) بل هم اقرب الى الشيطانية النارية منها للادمية ، حتى اننا عندما نجلس بالقرب من احدهم نحس حرارة النار الخارجة من جلودهم والتي تريد ان تحرق مابجانبها من اشياء غير نارية ، انها قوالب لاتحب احدا غير نفسها ، ولاترى في هذا الوجود وجودا ينبغي ان يحترم غير وجودها ، هي وجودات تتنفس بشهيق وزفير يحرق الاخرين من حولها ، وهي دائمة القول (( انا انا انا ......)) ولاترى للادميين بالقرب منها اي قيمة تذكر او منزلة يجب ان ترفع او شأنا يجب ان يحترم ويكرّم !!.

بعكس ذالك عندما نجلس الى ادميين من اهل الطين والتواضع والاتصال بالله سبحانه وتعالى ، هم بشر جلودهم باردة ، انفاسهم مختلطة بماء وطين الادميين ، وبشرتهم تميل الى لون الارض ، واحاديثهم دائما تشير للجماعة :(( ربنا ظلمنا انفسنا )) لايتحدث احد منهم الا وهو ذاكر للادمي الاخر الذي بجانبه ، وجلّ احاديثهم حول الله والى اين نحن ذاهبون وتنقضي هذه الحياة الدنيا والى التراب والطين والارض سوف نعود ، ونادرا مايلتفت احدا لغيره ليراه عدوا له في هذه الحياة ، فيهم براءة ادم بادية وضعفه واتكاله على الله سبحانه !!.

الخلاصة : اننا نستطيع ان ندرك من حولنا من خلال صفاتهم الادمية او الشيطانية شريطة ان ندرك الرؤية القرآنية لصفات كلا المخلوقين الناري الشيطاني الحارق ، والطيني الادمي المنبت !.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك