المقالات

ذكريات الدفان الملثم


حافظ آل بشارة

اي مرشح يريد الفوز حقا في الانتخابات القادمة ونصيحة لوجه الله وقبل ان تبدأ الدعاية الانتخابية عليه ان يجعل النقطة الاولى في برنامجه الاعلامي تأكيد احترامه لحقوق الانسان وخاصة حق ممارسة الشعائر والطقوس ، لأن في قلب كل عراقي جرحا لا يندمل من قضية الشعائر ، القمع الصدامي هو الذي حول الشعائر والطقوس الى قضية كفاح طويلة عريضة ، كل الحكام يخشون فقدان السلطة و يعيشون هاجس المؤامرة حتى صياح الديك عندهم مؤامرة لانه يوقظ المصلين ! لكن المعروف ان شعائر اي دين او مذهب لاتشكل خطرا على الحكومات الا اذا استخدمت في تعبئة سياسية تغييرية لكن من الذي يدير تلك التعبئة ولماذا ؟ فالتغيير يلزمه التخطيط لثورة ، والثورة تعني وجود مشروع سياسي بديل ، والمشروع البديل يعني قيادة موحدة ومنهج ، وهذا لم يكن موجودا في العراق على هذه الصورة ، ولم يكن قمع نظام صدام للشعائر الدينية الا بسبب قراءة الظاهرة بطريقة خاطئة ومأزومة وجاهلة ،

احيانا استخدمت الشعائر لتعبئة سياسية لكنها كانت تعبئة مطلبية لاثارة غضب الشارع ضد السلطة ولفت انتباهها الى مشكلة بحاجة الى حل ، تعبئة كهذه لا تشكل خطرا على الحكومات ، الجمهور العراقي كان يراوح بين التعبئة المطلبية والتعبئة الانقلابية بطريقة خطيرة ، ولم يكن لديه توجيه او تحكم فالشعائر حالة عامة لا يمكن ضبط ايقاعاتها ، لكن النظام كان يخلط هو الاخر في الفهم فلا يميز بين تعبئة مطلبية و تعبئة تغييرية ، وكان يعتبر النوعين خيانة عظمى وبسبب تلك الفوضى المفاهيمية توقع بعض المتفائلين والمتحمسين من منظمي المواكب الجرارة واصحاب الولاء الصادق ان رحلة النصر تبدأ من باب الحسينية الى كل شارع ثم الى قصر الطاغية ليعتقله الثوار ، فيعتلي الكرسي بديله وينتهي كل شيء وسط التهليل والصلوات والثالثة بأعلى اصواتكم . صدام قلب المشهد فجعلها رحلة ابادة باتجاه مختلف فمن باب الحسينية الى كل شارع ثم الى كل الزنزانات بالجملة ثم جثث مشوهة الى الطب العدلي بالمفرد ثم الى مقبرة النجف ، الدفان ملثم والفاتحة ممنوعة . شعب موال و سلطة قمعية معناه تحويل الشعائر الى رحلة ابادة . عندما تعلن البرامج الانتخابية احترامها للشعائر والطقوس والعادات العرقية او المذهبية فهي تقنع الناس بأن لايستخدموا تلك الشعائر وسيلة تعبئة عنيفة ،

في ظل الديمقراطية تكون التعبئة سلمية لان الانتخابات والاستبيانات الميدانية ومؤسسات المجتمع المدني كفيلة بأن تستوعب مطالب الناس وتحولها الى مشاريع عمل ، لا حاجة الى فدائيين يتلقون بصدورهم سهام الغدر ويسقطون شهداء ، يكفي رأي عام واع يقوده خبراء يتحكمون بقوى الضغط المشروع على اصحاب القرار لتحقيق المطالب ، خوف الانظمة الظالمة من الشعائر هو الذي دفعها الى القمع مما دفع الجمهور المظلوم بالمقابل الى تأكيد مواقفه والاستعداد للموت من اجل شعائره ، وبالفعل ورد الفعل اصبحت الشعائر مسيسة ، وباستمرار القمع انتقلت المشكلة الى مرحلة اكثر خطورة وهي مرحلة تسييس الانتماء الجزئي باعتباره يستند الى منظومة ثقافية لها استحقاقاتها ، فلم تعد الطقوس مستهدفة بل تصبح الفئة الاجتماعية مستهدفة ، الدعوة الى احترام الطقوس هي دعوة للوحدة الوطنية ، وتعزيز للانتماء الوطني لأن الفئة المستهدفة تضطر دائما الى البحث عن الحماية خارج الوطن ، ستكون الاسرة الوطنية في وضع محزن اذ يجد ابن البلد نفسه لاجئا الى احضان خالته الاقليمية الحنون هربا من قسوة امه الوطنية الماجدة ذات الرسالة الخالدة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك