( بقلم : الشيخ جمعة العطواني )
الوطنية والطائفية نقيضان والنقيضان لايجتمعان في مكان واحد ولا يرتفعان معا هذا في المفهوم المنطقي ،اما في عالم السياسة فان النقيضين يمكن ان يرتفعا في حالة النفاق السياسي وقد وجدنا مصاديق عديدة لارتفاع النقيضين .
في العراق الجديد تجد مالايقبله المنطق بديهة لا تحتاج الى برهان.فالمنطق السياسي وغيره يقول ان الانسان اذا تجلبب بجلباب قيادة الامة ينبغي ان يكون بمستوى ذلك الجلباب ، فتراه ينسى او يتناسى الطائفية والحزبية والقبلية ،وينصب جل اهتمامه بالامة بكاملها ، ولا ينزل الى مستوى الجزئيات الطائفية التي تجعل من جلبابه اكبر حجما واعظم شأنا منه . رئاسة الدولة في العراق متمثلة برئيس الدولة ونائبيه ينبغي ان يكون اهتمامهم بالعراق الكبير وشعبه، ويحاولون جل اهتمامهم تطوير العلاقات الدولية والاقليمية فضلا عن الحديث العراق ككل جمعي . وقد نجح السيدان الرئيس جلال طالباني ونائبه الدكتور عادل عبد المهدي بهذا الاتجاه فعلى مدى وجودهما بهذا المنصب نجد رحلاتهما المكوكية بين الفينة والاخرى ينقلون ما يمر به بلدنا من حرب ارهابية قل نظيرها في المنطقة اذ تتكالب عليه قوى التكفير والاجرام العربي والدولي ،مستنهضين همم بعض الدول المتعاطفة مع الشأن العراقي من اجل المشاركة في اعادة بناء العراق وتطوير المشاريع الاقتصادية .
اما الركن الثالث في المثلث الرئاسي واعني به( فخامة) الدكتور طارق الهاشمي فنجده قد ارتدى جلبابا اكبر من حجمه بكثير حيث ثقافة الطائفية المتجذرة واختصاصه في الدفاع عن شريحة واحدة من ابناء الشعب العراقي تاركا سائر ابناء الشعب وكأنه غير معني بهم .في ليلة الاحد (2006/9/24) وفي الوقت الذي تتناقل وكالات الانباء نبأ العمليات الارهابية التي طالت أبناء مدينة الصدر وذهب ضحيتها العشرات من الشهداء ومثلهم من الجرحى ،وانباء عن العثور على عشرات الجثث مقطعة الرؤوس وانباء اخرى عن اعتقال رأس الاجرام زعيم عصابة (أنصار ألسنة) ,نجد (فخامة) نائب الرئيس يطل علينا ومن خلال قناته (الوطنية) لا ليعلن استنكاره لما حصل من احداث مؤسفة في ذلك اليوم , ولا ليهنيء ابناء الشعب على القاء القبض على زعيم انصار السنة (والسنة منهم براء ), بل اطل علينا ليعلن انه قد وفى بما وعد به (جماعته) اذ انه امر قوات من الداخلية (بحكم العلاقة الروحية بينه وبين وزير الداخلية) للتحرك باتجاه (اهله) في الحرية والزعفرانية لان الامور فيها ساخنة .
ولا ندري عما نتحدث مع (فخامة )السيد النائب ,عن الخرق القانوني في اعطائه الاوامر لتحرك القوات الامنية التي لا ترتبط الا بالقائد العام للقوات المسلحة (والذي لم يحرك ساكنا لاهل الصويرة رغم استغاثتهم بالسيد رئيس الوزراء ولاكثر من مرة وكان عليهم ان يستنجدوا بفخامة السيد نائب الرئيس لان امره مطاع).نقول( لفخامة )السيد نائب الرئيس لماذا اهتز ضميرك لبعض ابناء مدينة الحرية والزعفرانية وتهدد بالانسحاب كما هو ديدنك والعراق ينزف دما من شماله الى جنوبه حيث الاشلاء الممزقة والرؤوس المقطعة ولم تُستثن طائفة عن أُخرى .
وقولك مخاطباً لا اعرف مـَن (أننا وفينا ما وعدناكم ) فمـَن هؤلاء الذين وعدتهم وبماذا وفيتهم ,ثم لماذا هذا التهديد والوعيد لاخوانك في الكيانات السياسية الاخرى الذين يالمون كما تالم ويرجون من الله ماترجى .نعم هنالك تحليل واضح لما تعنيه اذ انك اطلقت تهديدك في هذه الايام التي يحتدم فيها الصراع السياسي حول مناقشة مسودة مشروع الفيدرالية التي اقرها الدستور العراقي الدائم وان السجالات السياسية في الايام الماضية لم تجد نفعا في تعطيل هذه المادة الدستورية, فليس امامك الا خلط الاوراق واعلانك الانسحاب بحجة عدم استطاعة الحكومة توفير الامن، هذه الحكومة التي شاركت فيها واصبحت المعارض الاول لها ، فخيرها لك ونجاحها تتبجح به وفشلها لا يعنيك ؟.
لا ندري لماذا تعمل في الحكومة وكأنك القائد الرباني فيها فتامر القوات بالتحرك والانسحاب وتامر السيد وزير الداخلية بتعيين كبار ضباط جهاز المخابرات الصدامي في المراكز الحساسة جدا من الوزارة ,وبنفس الوقت تتباكى على ايتام النظام وحرمانهم من الامتيازات السياسية.
نتمنى ان نكون خاطئين في تحليلنا هذا يا(فخامة نائب الرئيس) ونتمنى ان تكون كما نظنك وتشارك اخوتك قادة البلد في همومهم الكبرى والاستراتيجية لبناء العراق المستقر الآمن , ولا تشغل نفسك في جزئيات هي ليس من اختصاصك , فان في الحكومة من يحترق قلبه لابناء الحرية والزعفرانية وكل المدن العراقية بدون أستثناء وفي اعضاء البرلمان من يكفيك مثل هذه التصريحات.
عن جريدة البينة
https://telegram.me/buratha