( بقلم :عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
نعتقد ان الفساد الاداري والمالي الذي استشرى في العراق الجديد هو ابن شرعي للعهد البائد.. وسلوكية تكاد تكون متلازمة عن النظام الدكتاتوري المخلوع، وكأن الفساد وعهد صدام تؤمان سياسيان (ملتسقان).. وكان السكوت على تلك الظاهرة قبل سقوط النظام اجبارياً، فالذي يشير او حتى يلمح اليه يكون قد اخترق الخطوط الحمراء، وعقوبة من يخترقها اقل ما فيها الاعدام! مع دفع ثمن الرصاصات!
وبعد سقوط النظام الصدامي ظل الآلاف من الموظفين الفاسدين في مناصبهم الحكومية، ولانعدام خبرة الكثير من المسؤولين الجدد فان ادلاءهم القدامى لم يرشدوهم الا الى طريق كانوا فيه ضالعين ومتمرسين!ولهذا زاد عدد الفاسدين بشكل مريع وتكاثرت خلايا الفساد بصورة مطردة فبعض الجديد قد التحق بالقديم حتى اصبحت دائرة الفساد اكثر اتساعاً.
بالتأكيد ان الحكومة ليست عاجزة عن حصر اولئك المفسدين واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم الا انها لم تفعل ذلك ليس مكافأة لهم او عدم اكتراث بما يمارسونه اولئك من ابتزاز وتعطيل لعملية اعادة البناء بل ان الحكومة هذه وضعت في اول اهدافها منح الفرص الكافية لكل من تشبع بثقافة العهد المقبور كي يتسق مع عهد الدولة العراقية الجديدة بالوقت الذي تجد فيه هذه الحكومة ان القوانين الطبيعية تفرض عليها النظر بعينين مبصرتين لا بعين واحدة ونعني بذلك ان الفرصة التي تمنحها للمخطئ انما هي حق طبيعي للاسرة التي ترتبط ارتباطاً عضوياً دون ان تكون لها علاقة باخطاء وفساد غيرها.
لذلك فان الدولة قطعت اشواطاً مهمة في اعداد كادر مهني جديد وكفوء وتعمل باستمرار على تأهيله وتطويره لزجه بالحياة الادارية الجديدة عندما تحين الفرص الموضوعية لممارسة اجراء كهذا، وقد اوكلت في ذات الوقت الى ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة امر معالجة الفساد وكشف العناصر الفاسدة.. واذا ما كان ديوان الرقابة المالية يفضل الصمت على الاعلان عن اعماله ولا نظنه محقاً في ذلك فان هيئة النزاهة حسناً تفعل وهي تطرح قوائم الفاسدين الواحدة تلو الاخرى وبشكل يكاد يكون يومياً.
وفائدة اعلان الفاسدين او الاشارة اليهم هي الرادع اولاً، اذ يشعر الاخرون الذين لم تصلهم يد العدالة بعد بان يومهم سيأتي فلربما يراجعوا انفسهم ويكفوا عن افعالهم السيئة. لكن ما لاحظناه هو ان عديد الفاسدين الذي يصل الى عشرات الالاف لم يأخذ جزاءه العادل والسريع.. فالمحاكمات بطيئة وبعضها ممل، والاحكام عادة ما تكون (رحيمة) جداً مما لا يتناسب مع الجرم الذي ارتكبه الموظف المرتشي او المختلس او غير ذلك من مسالك الفساد المالي والاداري.
ولعلنا على يقين بان الحكومة الحالية كثيرة الحرص على اموال الشعب وعلى كرامة ابنائه التي يهينها الفاسدون في دوائر الدولة.. ومع هذا الحرص فاننا لا نشك بان الحكومة تعد الفساد المالي والاداري صنواً للارهاب.. فالحرب عليه –على الفساد- قائمة ومحتدمة لكن ما نخشاه في هذه الحرب هو العواطف المفرطة والرحمة اللامحدودة ازاء الفاسدين في دوائر الدولة، كي لا تفهم هذه الرحمة او العاطفة فهماً خاطئاً او حالة تمليها اوهام البعض.
https://telegram.me/buratha