( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
اشتدت حدة بعض الاطراف السياسية المنغمسة بالعملية السياسية الجارية ضد طرح مشروع قانون تشكيل الاقاليم تمهيداً لاقامة النظام الفيدرالي في العراق.. وراح البعض منهم يطلق احكاماً ومواقف متطرفة في حال تم تشريع القانون من قبل مجلس النواب.. وكأن موضوع الفيدرالية يطرح للمرة الاولى، والمعترضين عليه لم يسمعوا به الا في الجلسة الاولى للدورة التشريعية الثانية قبل ايام! والادهى من ذلك هو ذهاب بعض السياسيين الى الاعتراض على مبدأ الفيدرالية او اقرارها وكأن امر اقرارها بيد البرلمان الحالي.. بل ان بعض المعارضين للفيدرالية حاول ان يستعمل سلاح الابتزاز اما بالانسحاب من البرلمان او تخريب المصالحة الوطنية المطروحة الان على المجتمع العراقي بمختلف تكويناته.ما نرغب في قوله هنا، بأن الفيدرالية شيء لا يمكن المساس به، وقانون تشكيل الاقاليم المعروض للنقاش في مجلس النواب ما هو الا وضع آليات لتطبيق الفيدرالية، يجوز الاختلاف فيه وحوله، ولكن الفيدرالية التي نص عليها الدستور لا يحق لاي كان في البرلمان او خارجه ان يعطلها او يطلب تأجيلها ليوم واحد بعد موعد الاستحقاق.وللذين يريدون ان يؤجلوا او يعطلوا تطبيق نظام الفيدرالية في العراق نقول: ان ارادة اكثر من اربعة وعشرين مليون مواطن عراقي لا يمكن ان تخضع لاهواء وامزجة اياً كان ومهما كان.. وان السياسيين من معارضي الفيدرالية يبدو انهم ما يزالون مشبعين بثقافة" نحن كتبنا القوانين ونحن نلغيها بجرة قلم"! لقد ولى ذلك العهد واندثرت تلك الثقافة.إن الفيدرالية ليست آلية حكم ثبت نجاحها في معظم دول العالم الكبرى والمتقدمة تقنياً وحضارياً فحسب، بل هي حاجة وضرورة للعراقيين بشكل خاص.. فالكرد العراقيون في كردستان يعتقدون -ومعهم الحق- بأن الفيدرالية تحميهم من الديكتاتورية اياً كان نوعها، عسكرياً او حزبياً كما كان في عهد صدام وقبله.. والكرد لا ينسون الانفال وحلبجة والاسلحة الكيمياوية وهم على ثقة بان أي نظام في العراق لا يكون فيدرالياً سيعيد لهم تلك المآسي والاحزان التي حلت بهم لاكثر من ستين عاماً.. اما عرب الوسط والجنوب من ضحايا التفرقة الطائفية وشهداء المقابر الجماعية والقتل الكيفي الذي انتهجه صدام وعصابته هؤلاء الشيعة من ابناء العراق يعتقدون ايضاً ان سور الفيدرالية سيؤمن لهم حياة آمنة كريمة ويبعدهم عن صور المقابر الجماعية المرعبة.اذن، الفيدرالية لم تكن خياراً من اجل تنظيم الحكم وتوزيع السلطة والثروة على الاقاليم بالعدل وحكم ابناء الاقليم لانفسهم بانفسهم، بل ان الفيدرالية بالنسبة للكرد ولعرب الوسط والجنوب هي وحدها التي تجعلهم يطمأنون على البقاء احياء وتبعد عنهم شبح الانفال والمقابر الجماعية المرعب.واذا كان بعض السياسيين في الداخل قد ذهب به الحقد على الفيدرالية والجهات التي تطلبها وراح يطلق التصريحات مثل ان الديكتاتورية يمكن ان تحكم تحت ظل النظام الفيدرالي! فان هذا السياسي ربما اخذ من التأريخ الحديث ما ينفعه هو او يقوي ذرائعه في رفض الفيدرالية فتأريخ العالم المعاصر لم يشهد تطبيق أي نظام فيدرالي كان للدكتاتورية سلطة فيه، فالفيدرالية والديكتاتورية خصمان لا يجتمعان او نقيضان لا يلتقيان، اما اذا ما كان هذا السياسي قد اخذ مثل يوغسلافيا التي برزت فيها الدكتاتورية في حين يحكمها نظاماً فيدرالياً، فان ذلك ليس عيباً في الفيدرالية، فما كان يحكم يوغسلافيا في عهد تيتو وما بعده هو سلطة الحزب الواحد الشمولي.. فالفيدرالية اليوغسلافية كانت بالاسم ومثلها مثل قرار صدام بتطبيقه صدام للحكم الذاتي في كردستان فقد كان حكماً ذاتياً صورياً.اما بعض السياسيين الاجانب الذين يزعمون انهم مع الشعوب وخياراتها وان مسعاهم هو اقامة الديمقراطية، فموقف بعضهم من الفيدرالية في العراق يناقض تصريحاتهم وما زعموا انهم ملتزمون به لتطبيق الديمقراطية في الدول التي كانت خاضعة لانظمة دكتاتورية!.فالذي مع خيار الشعوب لا يعقل، وليس مقبولاً منه، ان يكون ضد ارادة العراقيين الطامحين لاقامة النظام الفيدرالي في بلادهم.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha