المقالات

أمانة عليكم ...وين الأمانة ؟


بقلم صادق حسين الركابي

لم أفاجأ بالقبض على من اختلست مبلغ 15 مليون دولار أمريكي من أمانة بغداد و لم أفاجأ لحجم الرقم و لكن ما أدهشني هو تمكن هذه المرأة من الخروج من العراق و الكيفية التي تمّت بها عملية الاختلاس هذه.

فقد تمّت عملية الاختلاس هذه على مدى شهور طويلة و بالتعاون مع شبكة كبيرة من المحتالين الذين حرّروا صكوك بأرقام وأسماء و مشاريع وهمية. ناهيك عن الطريقة البدائية التي تمّت بها هذه العملية. ففي إحدى المرّات قامت هذه المختلسة بتحرير أمر صرف 80 مليون دينار لصالح أحد مشاريع أمانة بغداد لكنها أضافت رقم 4 إلى يسار الرقم ليصبح أمر الصرف بمبلغ 480 مليون دينار و لتأخذ هي المبلغ الباقي.

و هنا أطرح سؤالا ً على هؤلاء الذين صدّعوا رؤوسنا بأنظمة الرقابة المحاسبية الالكترونية و إدخال أجهزة الحاسوب إلى دوائر الدولة فأقول : أما آن الأوان لاستخدام هذه البرامج لمنع هذه الظاهرة أم أننا بحاجة لمزيد من عمليات الاحتيال ؟ و إلى أن يتم تطبيق هذه الوسائل التقنية أتساءل هنا عن حجم الأموال المختلسة و التي لا نعلم عنها. ألا يوجد جهاز للرقابة على مصروفات الأمانة و يقارنها بالمشاريع و الكشوفات المقدمة؟

إن الحقيقة المرّة التي يجب أن نواجهها جميعا ً هو أننا نعلم بوجود كل هذه الاختلاسات و نعلم بأن جزءا ً كبيرا ً من أموال العراق تذهب في جيوب بعض ضعاف النفوس و نعلم كيف نمنعهم من ذلك لكننا لا نقوم بذلك إلا في الوقت الذي نراه مناسبا ً أو في الوقت الذي نضطر فيه لذلك أو بعد أن يختلف البعض على الحصص.

و هذا كلّه يتسبب بإثقال عاتق الدولة العراقية التي تشتكي من عجز في الموازنة و قلة الموارد المالية و بالتالي ضعف القدرة على إنجاز المشاريع الأساسية في عموم البلاد.

إنّه لحريُّ بنا بعد اليوم و بعد أن تكرّرت حوادث الاختلاسات في العديد من دوائر الدولة أن نطالب بوضع أنظمة رقابة محاسبية دقيقة و تفعيل أنظمة الصرف الإلكترونية للتقليل من حجم التزوير في تحرير أوامر الصرف أو في استلام الرواتب و حتى لتسهيل عملية الرقابة على التدفقات النقدية و كيفية إنفاقها.

و أرجو أن لا تكون هناك مزيد من المؤتمرات و الندوات حول هذا الموضوع لأنه أمر واضح و جلي و لا يحتاج مزيدا ً من الإهدار للمال العام و الوقت. و هذا بالطبع مرتبط بتوفر الإدارة السياسية لتحقيقه و إلا فسوف نبقى نسمع في كل يوم عن حالة من حالات الإختلاس أو عن عملية من عمليات الاحتيال.

و لا بأس من تعاون الدوائر الحكومية مع البنوك و المصارف العراقية الخاصة لتسهيل هذه المهمة كتشجيع نظام البطاقة الذكية للموظفين و بذلك يمنع أي تلاعب بأسمائهم أو كشوفات حساباتهم. أضف إلى ذلك سهولة الحصول على المعلومات المتعلقة بحركة هذه الأموال و الرجوع إليها عند الحاجة .

إننا بحاجة إلى نظام مالي إلكتروني يضمن لنا أكبر قدر من الشفافية حتى نتجنّب هذه الاختلاسات هنا و هناك و عندها نستطيع أن نفهم السبب الحقيقي وراء كل عجز يصيب موازنات الدولة العراقية. أهو تقصير في الأداء الحكومي و هدر للمال العام أم عدم قدرة مجالس المحافظات على الإنجاز مما يشكك في كفاءتها أم أنه ناجم عن اختلاسات هنا و هناك. إلى أن نجد جوابا ً لاستفساراتنا فإننا سوف نبقى ندور في دائرة مفرغة سببها عدم الوضوح و فقدان الشفافية و ضياع الأمانة كما حصل مع الأمانة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك